في استطلاع للرأي قامت به ثلاثة مراكز للبحوث بين عامي 2014 و 2015، كشفت النتائج ان هناك اكثر من 42 مليون عربي يؤيدون تنظيم داعش. هؤلاء طبعا غير المنخرطين في التنظيم بشكل فعلي. رغم هذا العدد المخيف فإني اراه متواضعا وضئيلا جدا. شلون؟ لأنه استفتاء وليس اختبارا. ما الفرق؟ الاستفتاء مجرد سؤال اعتمده الباحثون وحصروه بـ "كيف تنظر لداعش؟". الخلل هنا هو أنك مثل الذي يسأل شخصا هل انت غبي ام ذكي؟ الصحيح هو ان تختبره وفق مقاييس خاصة تكتشف درجة غبائه او ذكائه بشكل غير مباشر.
مع ذلك كله كان الذي يهمني فيه عيّنة العراقيين التي خضعت للاستفتاء. كانت النتيجة ان عدد الذين يؤيدون داعش في السر او العلن وصل الى مليوني عراقي. الرقم قطعا أكبر من ذلك بكثير لو تم عبر اختبار يعتمد قواعد واصول بناء اختبارات قياس الرأي والاتجاهات.
الخلل الأكبر في الاستفتاء هو حصر البحث بالرأي حول داعش. داعش تنظيم إرهابي لكنه ليس الإرهاب كله. فهناك اشكال وارناك من أنواع الإرهاب. فالذي يحرم انسانا من الغناء ماذا تسمونه؟ وكذلك الذي يحرم عليك ان تقول رأيك بحرية في الحجاب مثلا. ثم لا تنسوا ان كل طائفي مهما كان مذهبه إرهابي حتى وان كان علمانيا. من يؤمن بان الرصاصة او السوط او الراشدي وليس الفكر او الحوار هي الخصم والحكم، إرهابي ابن إرهابي. من يحاصر أصحاب الفكر الحر بالشائعات والتهم والاكاذيب إرهابي. اترك لمخيلتكم الواعية، اذن، حساب نسبة الإرهابيين بالعراق.
اكرر ان داعش جزء من الإرهاب العام. ومن يريد ان ينقذ العراق ويعيده هو اهله على سكة الحياة والأمان والاستقرار عليه ان لا يظن بان القضاء على داعش سينهي المصيبة الكبرى. تذكروا ان الإرهاب من شيم النفوس فان هي لم تربَّ تربية صحيحة من الجذر ستعود لنا ومعها من هو أتعس من داعش.
هذه الأرقام المرعبة نتائج وليست أسبابا. وبداية الحل يجب ان تبدأ بقلب النظام التربوي الحالي ونسفه. ليس في المدارس والجامعات بل حتى في الاعلام والجوامع والحسينيات والبيوت. دودة الإرهاب ليست عصية على الاستئصال ان تصدى لها شجعان لا يخافون بحب الحياة والحرية والفرح لومة لائم.
مقالات اخرى للكاتب