أهالي محافظات جنوبي العراق، يتناولون السمك المجفف وجبة غذائية يطلقون عليها تسمية "المسموطة" ويقال ان شعوب البلدان الواقعة على البحر والمعروفة بوفرة الثروة السمكية هي الاخرى، عرفت "المسموطة"، وطبقا لدراسات وبحوث تاريخية فان أجدادنا السومريين تناولوها بوصفهم كانوا من سكان مناطق الأهوار، ونظرا لكثرة الأسماك في تلك المناطق تفنن السكان في ابتكار أكثر من طبخة تعتمد السمك من نوع البني والكطان والحمري، ومن تلك الابتكارات "مركة" المسموطة الحمراء أو الصفراء، بإضافة البصل والنومي بصرة ونوع من البهارات لتكون جاهزة للتناول مع فحل كبير من البصل وخبز التنور.
"المسموطة" لا تحتاج الى مستشار أو خبير لإعدادها وربات البيوت لا يجدن عناء في إعدادها، فهي أسهل من اليخني بحسب المثل الشعبي الشائع، وتجفيف السمك هو الآخر لا يتطلب جهودا كبيرة، فيكفي "شر السمك على الحبل" لمدة زمنية طويلة ثم يحفظ بأكياس، تكون عادة عرضة للحشرات من مختلف الانواع والاشكال والاحجام، والتخلص منها يستدعي دقة بالتنظيف قبل طبخها، وفي بعض الأحيان، تتسرب حشرة او اكثر الى القدر، يمكن التغاضي عنها استنادا الى قاعدة ان النار كفيلة بالقضاء والإطاحة بجميع الجراثيم والبكتريا.
عملية تجفيف الأسماك لإنتاج "المسموطة"، لا علاقة لها بدعوات واجراءات تجفيف منابع الارهاب، فالنشاط الأول تتولاه النساء لتوفير الغذاء، أما الثاني فيقع ضمن مسؤولية الجهات المسؤولة عن تحقيق مشروع المصالحة الوطنية، وتوسيع قاعدة المشاركة في العملية السياسية من خلال حث الأطراف أو الفصائل المسلحة على نبذ العنف، والاستجابة للمشروع، علما انه كلف الدولة أموالا طائلة، صرفت كنفقات على إقامة المؤتمرات، وايفادات السفر والولائم والعزائم.
الجهات المصرة على رفض المشاركة في العملية السياسية أعلنت أنها لن ولم تستجب لأية دعوة يطلقها "دفان المصالحة" على حد تعبيرها، والمشككون بتنفيذ مشروع المصالحة من الأطراف المشاركة في الحكومة الحالية، طالبوا باعتماد اجراءات تتعلق بتوفير فرص العمل والارتقاء بالمستوى المعيشي لشريحة واسعة من العراقيين وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني وتشجيعها ودعمها لتنفيذ برامج اجتماعية وتربوية ونفسية لتجفيف منابع الإرهاب وخصوصا في المناطق التي توصف بأنها كانت أو مازالت حاضنة لتنظيمات إرهابية.
المشككون بانعدام إمكانية تحقيق مشروع المصالحة، طالما قللوا من أهمية الخطوات في تجفيف منابع الإرهاب، لاعتقادهم بان خطوات التجفيف أعدت لغرض الاستعراض الإعلامي بحسب احد نواب القائمة العراقية، ولفت النائب وهو عضو في لجنة المصالحة والمساءلة والعدالة إلى أن مجموع ما انفق من اموال في اطار تحقيق المصالحة لا ينسجم مع النتائج المتحققة، لان العاصمة بغداد ومدنا أخرى، تشهد بين اونة واخرى سلسلة تفجيرات تطال المدنيين الأبرياء، في حين يؤكد المسؤولون تحقيق نتائج متقدمة في مشروع تجفيف الإرهاب، والقضاء على الإرهابيين، والخارجين على القانون.
مقالات اخرى للكاتب