نحن مدينون بالشكر لكل السفلة, من جباة الماء والكهرباء إلى لصوص الملايين والمليارات, وما بينهما من بقالين ومستوردي النفايات والسموم والأدوية المزيفة ومن عشاق (الفوضى الخلاقة) المتطيرين من كل قيد وشرط بما فيها قوانين للأحزاب وللمؤسسات... ومن تجاوزوا شيوعية الكتب والشعارات إلى شيوعية الواقع وتملك ما يعرض أمام العين.. كل السفلة الحاليين يستحقون شكر العراقيين ما دام بوسع هؤلاء السفلة ان يفعلوا المزيد ولم يفعلوا ...بوسعهم ان يقتلوا اضعاف ما قتلوا, وان ينهبوا الأضعاف, وان يجوروا.. وان , وان, فهم احرار, وانهم مع غرائزهم ونزواتهم ومع مباركة ذاتية مقدسة لكل افعالهم .... واذا كانت حدود ابليس لا تتجاوز الوسوسة والحث على الشر والباطل فان من السفلة من يصوب رصاصه الى رأس بريء تقي خاشع.. ومع ذلك يستحق الشكر ايضا ما دام بوسعه ان يقتل المزيد ولم يفعل ... وقد قلنا ان امام الباحثين الاجتماعيين والنفسيين ان يقفوا على مديات جديدة من قدرة الانسان على القسوة والشر, وعلى براعته في تسويغ وتبرير وايهام نفسه بصوابهما, وبإسباغ المقدس عليهما ..ففي عراق اليوم انسان لم تتكشف ابعاده من قبل ...وقد وفرت امريكا كل مناخات وشروط ظهوره وتجليه. اعتياد وألفة خبر الاغتيال والقتل والتفجير والسرقة والصفقات المزيفة ولعقد كامل ...وهذا ما لم يحدث في العالم مع شلل تام في جسد الدولة وبلغ ان تستورد الماء ورأس الفجل. عقل عبقري هذا الذي رسم الطريق واعده ونفذه لكي تطفو الغرائز والنزوات وكل ضروب الانحطاط في النفس الانسانية واكمل رسمه وخطته ليكون لعديمي الاحساس والنباهة كلمة وقرار وتأثير, فحدث ما حدث وبات علينا, مع انبعاث الانسان البدائي بردائه الحديث وهيئته المتمدنة ان نتوجه بالشكر للسفلة لأنهم لم يقتلوا ولم ينهبوا المزيد ..وكان بوسعهم ان يزيدوا ويضاعفوا من نسبة الفقر والأمية والبطالة والعنوسة.. فمن يمنعهم وقد مضت عشر سنوات؟ ضج العراق ودول في العالم على أجهزة كشف المتفجرات.. ولسنوات, ومع ذلك ما زال العراقي يموت بالمتفجرات... وما زالت هذه الأجهزة المزيفة في الشارع, ليس لان الأجهزة الحكومية تتغاضى عنها وتقصد قتل المواطنين, بل لانها لم تنتبه ..وربما باحساس غامض وخفي بأنها غير معنية بالامر, وهو ما قلناه قبل سنوات بان الحكومة قد بنيت على خطأ وان لا يدري فيها احد بأحد.. وبمبدأ اكثر تخفيا بان القرار هو بيد أخرى.. ويمكن تبسيط وتقريب الامر وكأنه غشامة عميقة وبتجربة مفقودة وبوعي بطيء الفهم والتعلم والاستدراك ... وبما يعني دخول القبر ولا يدري لماذا... وبالتالي فان البلد في قبضة الريح واتجاهاتها المحسوبة أمريكيا بالنانو.. ومن الحق شكر السفلة لانهم لم يفعلوا المزيد, بل ووفروا لنا ان نشكرهم .
مقالات اخرى للكاتب