أيأس يا أخي أيأس ! ..فليس من ثمة أمل بتحسن الوضع بوجود هؤلاء الإسلامويين المزيفين على سدة الحكم .. إنما ستسوء الأمور و تزاد أكثر سوءا بوجود هؤلاء في الحكم وفي مواقع القرارات .. و أنتم لا تفعلون غير النفخ في قربة مشروخة لا أكثر ..
هذا ما قاله أو كتبه أحدهم قبل سنوات ، تعليقا على مواظبتنا في الكتابة عن الهم العراقي ..
وقد تصورنا حينذاك بأن صاحب التعليق يبالغ في نظرته التشاؤمية للأمور ، و أن الأوضاع لا يمكن أن تسوء أكثر مما هي عليها في ذلك الحين ، و إن هؤلاء المتقين المزيفين و العلمانيين الحربائيين ، مهما أوغلوا في غيهم و ارتموا و تمرغوا في مستنقع فسادهم وفي سقوطهم المبدئي و الأخلاقي إلى أسفل الدرك ، فلابد بينهم ثمة من سيصحو ناهضا من كبوته ليسير أخيرا في طريق الحق وخدمة الوطن و المواطن ، بعدما يشبع حتى النخاع بالمال و الجاه و الامتيازات ..
ليتضح فيما بعد ، ومن خلال تطورات الأحداث و المنحدرات السياسية المتعرجة من سيء إلى أسوأ ، بأن صاحب التعليق ذاك ، كان محقا في تشاؤمه المفرط ، لكون الناس أخذوا يترحمون الآن على الساسة السيئين والرديئين السابقين ، بعدما صُدموا بمَـن هم أسوأ منهم الآن ، بل و أكثر ظلامية وتعصبا و ضيق أفق مغلقا و متحجرا إلى هذا الحد الشنيع !..
ربما لهذا السبب بالضبط علق أحدهم ساخرا و بتهكم لاذع بعدما سمع عن تشكيل فيلق أو لواء تأديب " طلفاحي " من قبل محافظ بغداد الجديد أو غيره من " قادة أمناء العاصمة ، بهدف غلق المقاهي الشعبية وإهانة وإذلال روادها المتواجدين هناك ، وهو الأمر الذي لم يقدم عليه أحد من قبل ، حتى ولا النظام الديكتاتوري السابق ..
فعلق ساخرا :
ـــ تعالوا لنبكي ونلطم حسرة و خسارة على القائد السابق لبغداد كامل الزيدي..
و عندما رأى دهشتنا و استغرابنا أضاف :
ــ لأن كامل الزيدي قد اكتفى آنذاك بغلق النوادي الاجتماعية فقط ، و لم يندفع بمخيلته المظلمة أبعد من ذلك ، ليغلق مقاه شعبية أيضا مثلما يفعلون اليوم ..
علق الثاني ساخطا و ساخرا في نفس الوقت :
ــــ و الله عمي حقهم !.. ليش لا ؟.. ليفعلوا بنا ما شاءوا هؤلاء المقنعّين بعلم و دين زائفين .. طالما نحن خراف مطيعة و طائعة أمامهم إلى هذا الحد ، بحيث نتقبلهم حكاما و أصحاب سلطة و قرار ..ألم يكن الشارع هو الذي أوصالهم إلى موقع السلطة و القرار ؟.. هؤلاء الذين كان من المفروض أن يقودوا قطيعا من الحمير بدلا من بشر و شعب ، لكونهم قد أثبتوا بالدليل القاطع بأنهم لا يملكون مؤهلات غير قيادة الحمير ..
حقيقة نحن نستحق أكثر مما يفعلون بنا الآن !..
فلماذا كل هذه الشكوى و التذمر إذن ؟!..
فعلق الثالث بلهجة لوم و سخط :
ــ يا أخي ما معقولة أبدا !.. أنه شيء غير قابل للتصديق قطعا ! .. فعلى الأقل : لو وفروا لنا الأمن و الأمان و الخدمات الكاملة و الجيدة والرفاهية المطلوبة ، مثلما يقدم حكام الخليج لمواطنيهم ، لهان الأمر قليلا .. لرضينا بأن يتحكموا بنا و يعاملوننا أو يقودوننا هكذا كخراف .. مع أن الإنسان لا يعيش بالخبز وحده ! .. و لكن لا أمن و لا أمان و لا خدمات ولا رفاهية ..زائدا النهب المنظم للمال العام و التخريب المرتب للثقافة والفن و القيم الروحية الأخرى و يجتثوا ذاكرتنا من تراثنا الفني الشعبي .. و بعد ذلك يأتون ليعاملوننا كخراف طائعة ومغلوبة على أمرها .. فهذا أمر لا يطاق حقا .. ولكن ما العمل إذا كان شعبك مشلولا و مغلولا بقيود عجزه و تفرجه السلبي ؟!...
فشعب عاجز كهذا يستحق هذا المصير حتما !..