لإيمانه العميق جدا بمسرح العبث واللامعقول، وتقمصه شخصيات صومائيل بيكت ويونسكو والبير كامو ، ترك اسماعيل دراسة الفن في العراق ، وقرر السفر الى الخارج ، لاعتقاده بانه قادر على اقتحام الساحة المسرحية في اوروبا ، وتقديم فتوحاته الابداعية فيها ، ليعلم الغرب سحر الشرق ، وحلم السفر لم يتحقق ، لفشله في العثور على كفيل لدائرة التجنيد ، تمهيدا للحصول على جواز السفر نهاية عقد السبعينات من القرن الماضي .
اسماعيل وبعد ترك الدراسة التحق بالخدمة العسكرية ، وظل محتفظا بحلمه في السفر الى الخارج ، ولكن اندلاع الحرب العراقية -الايرانية واستمرارها ثماني سنوات ، احبط احلامه وبدد امنياته ، وخرج منها بلقب " اسماعيل كامو " اطلقه عليه زملاؤه في وحدته العسكرية، لكثرة حديثه عن روايات ومسرحيات الكاتب البير كامو وخاصة اسطورة سيزيف التي يراها اسماعيل بانها تجسد اللاجدوى من الحياة ، ولإيمانه بهذه الفكرة ، شجع منتسبي وحدته على الانتحار ، واثر ذلك استدعاه ضابط استخبارات اللواء ، وحذره من الترويج لافكار تعارض وتنافي مبادىء الحزب القائد ، وللتعبير عن حسن النية ، اهدى ضابط الاستخبارات الجندي اسماعيل مجموعة كتب ومؤلفات ، ليتعرف على حقيقة انبعاث الامة واستعادة مجدها ، وترك "الافكار المستوردة" التي تروج لها الصهيونية واذنابها بهدف اشاعة الاحباط بين الشباب العرب ، لاطفاء جذوة "الثورة اليعربية ".
انتهت الحرب وخرج اسماعيل كامو من الحرب بأزمات نفسية، تقترب في بعض الاحيان من الجنون ، ولفشله في الحصول على بنت الحلال ، وفرصة عمل تضمن له الدخل المناسب ، اضطر للعمل في المسرح التجاري ليقدم المهازل اليومية مقابل اجر يوفر له ربع "المفرد المختوم" ولفة فلافل زمن الحصار المصنوعة من الباقلاء ونخالة الطحين وليس من الحمص.
العمل في المسرح التجاري جعل " اسماعيل كامو" نجما على نطاق ضيق ، بعد ان برزت مواهبه في صناعة النكتة ، والسخرية من شخصيات معروفة ، من مطربين وممثلين وشعراء شعبيين ، ولاعبي كرة قدم ، وفي الجلسات الخاصة ، وتحت الحاح الاصدقاء والمعارف ، وبعد التاكد من التحوطات الامنية يقدم اسماعيل فاصل سخرية من المسؤولين والقياديين الحزبيين عندما يبدأ بتناول الربع الثاني من المفرد المختوم .
بمرور السنوات والاحداث لم يحتفظ اسماعيل بكامل قواه العقلية فجعل حياته اليومية عبارة عن عرض مسرحي تجاري مستمر ، ولاسيما ان المعارف شجعوه على هذا التوجه بمنحه المال مقابل الضحك ، وآخر عرض مسرحي قدمه كان بعنوان "استعلامات يوم القيامة " وتولى بنفسه دور البطل المسؤول عن دخول الاشخاص الى الجنة بتوقيع من حضرته ، وحينما سأله الجمهور عن امكانية دخول رؤساء كتل برلمانية ومسؤولين حاليين وقادة سياسيين الى الجنة ، وقف وسط المسرح وصرخ بأعلى صوته " لم ترد اسماؤهم في سجلات المؤمنين " وينسدل الستار .
مقالات اخرى للكاتب