يتوقع المؤرخ الألماني ميشائيل فولفسون أن تساهم موجة الهجرة الجديدة إلى ألمانيا في التخفيف من حدة المشاكل الديموغرافية. لكنه يتوقع في الوقت نفسه حدوث توترات اجتماعية ودينية. وهو يرى أن الإسلام أيضا سوف يتغير.
حسب المؤرخ الألماني المعروف ميشائيل فولفسون، فإن الهجرة ستحد من المشاكل الديمغرافية، لكنه لا يستبعد نشوء توترات اجتماعية ودينية في ألمانيا.
DW عربية: السيد فولفسون، كتبت في مقال لك أن الوافدين الجدد هم بمثابة "هدية من السماء". يبدو أن نظرتك متفائلة إزاء الهجرة.
ميشائيل فولفسون: أنا أعني ذلك من الناحية النوعية وليس الكمية. ولم أقصد شيئا لا إيجابيا ولا سلبيا، أنا اكتفيت بالوصف فقط. الجواب ببساطة هو: لا يوجد عدد كاف من المواليد الجدد لا في ألمانيا ولا في غرب أوروبا. لدينا نقص ديموغرافي، وهذا يعني أننا لن نتمكن من الحفاظ على مستوانا المعيشي لفترة طويلة. والآن يأتي هؤلاء الناس الكثيرون، وهذا قد يعجب البعض وقد لا يعجب آخرين، لكنهم سيحلون المشكلة الديمغرافية في ألمانيا، أو على الأقل سيخففون من حدة هذه المشكلة.
هناك دول أخرى تحاول التغلب على هذه المشكلة بتشجيع الهجرة.
على المدى الطويل هذا صحيح، وكان من المفترض معالجة هذه المشكلة بالفعل. لكن المسألة "الديمغرافية" لم يتم التطرق إليها قبل عام 2004 لا في الإعلام ولا السياسة ولم تناقش في المجتمع.
قبل فترة قالت المستشارة أنغيلا ميركل إن حق اللجوء السياسي لا يعرف أي حدود. وقد اتهمها البعض بتشجيع الهجرة إلى ألمانيا، فهل ترى علاقة بين ما قالته وتدفق اللاجئين؟
جملة المستشارة في رأيي إيجابية تماما مثل ركوع المستشار الأسبق فيلي براندت أمام النصب التذكاري لغيتو وارسو عام 1970. أنغيلا ميركل عبّرت عن موقف إنساني بديهي، وهو الموقف الذي يجعل من مجتمع متحضر مجتمعا إنسانيا. بالطبع يمكن انتقاد بعض أوجه التتنفيذ واستيعاب اللاجئين، ولكن لا يجب أن ننسى النِّسب وعدد الوافدين. وفي رأيي فإن المستشارة بصفتها أبرز ممثل لجمهورية ألمانيا الاتحادية قد وضعت المقياس المعياري لألمانيا. أنا فخور برئيسة وزراء تضع هذا المقياس.
قلت في مقال آخر إن معظم اللاجئين مسلمون، وتتوقع لذلك ثورة اجتماعية وثقافية ودينية، فهل يسبب لك ذلك قلقاً؟
طبعا يساورني القلق. لا يأتي إلينا الطليعة. وكل شيء له وجهان. وقد تحدثنا عن الجانب الإيجابي المتمثل في حل أو التخفيف من حدة المشكلة الديموغرافية. لكن علينا توقع توترات اجتماعية كبيرة، فقدوم وافدين جدد لا يمر عادة بسلام. ومثال ذلك حركة الهجرة من شرق أوروبا عام 1945 أو الهجرة من ألمانيا الشرقية سابقا بعد عام 1989. هذه الهجرات لم تكن بالأمر السهل أيضا. الوافدون الجدد لا يرحب بهم دائما من الجميع.
يهرب الناس من نظام بشار الأسد: من نظام ديكتاتورية علمانية
للحديث عن العامل الديني، ما هو تقييمك لكون معظم الوافدين إلى ألمانيا هم من المسلمين؟
أتوقع أن تشهد الجاليات الإسلامية تحولا نحو الإصلاح، لأن هؤلاء المهاجرين فروا من إسلام واقعي وموجود يمارس القتل الجماعي. وهم لم يفروا إلى أوروبا لإنشاء أصولية إسلامية.
الناس يفرون من الخطر القاتل لبشار الأسد، وهو مجرم علماني، كما يفرون في الوقت نفسه من القتلة الإسلاميين الأصوليين. كلاهما بالكاد يمكن التمييز بينهما. لذلك من المتوقع حدوث توترات في الجالية المسلمة: بعضهم سيرغب في إصلاح الإسلام، وآخرون سينادون بديمقراطية علمانية. ولكن هذا سوف يعزز قوى الإصلاح الإسلامي في أوروبا.
من جهة أخرى ستحدث إحباطات وخيبات أمل، وهذا سيؤدي إلى ظهور تيار أصولي لدى بعض مسلمي ألمانيا وأوروبا الغربية. وهذا لن يحدث في الشرق الأوسط وإنما هنا بين ظهرانينا. لكن بشكل عام، هذه فرصة للمسلمين لكي يطوروا إسلاما إصلاحيا في أوروبا، وهذا تطور مبارك لغير المسلمين أيضا.