1 -بشامة النهشلي : إنّا محيّوك يا سلمى فحيينا *** وإن سقيتِ كرام الناس فاسقينا
2 - ابن زيدون : أَضْحَى التَّنَائِي بَدِيْـلاً مِـنْ تَدانِيْنـا ***وَنَابَ عَـنْ طِيْـبِ لُقْيَانَـا تَجَافِيْنَـا
3 - صفي الدين الحلي:سلي الرماحَ العوالـي عـن معالينا ** واستشهدي البيضَ هل خاب الرجا فينا
4 - أحمد شوقي : يا نائح الطلحِ أشـباهٌ عـواديـنا ** نشْجى لـواديك أم نأسى لـواديـنا
هذه أربع قصائد من البحر البسيط بقافية واحدة،فالنغم واحد مع ترجمة مختصرة لأصحابها :
1 - بشامة بن حزن النهشلي - مخضرم - جاهلي - إسلامي - توفي : 45 هـ / 665 م :
يقول الآمدي في ( مؤتلفه ومختلفه ) : " بشامة بن حزن النهشلي نهشل بن دارم وهو القائل :
إنا بنو نهشل لا ندعى لأبٍ**** عنه ولا هـــــو بالآباء يشرينا
إن تبتدر غاية يوماً لمكرمة *** تلق الســوابق منا والمصلينا
إنا لنرخص يوم للروع أنفسنا ** ولو نسام بها في الأمن أغلينا
إنا لمن معشر أفنى أوائلهم **** قيل الكــماة ألا أين المحامونا
لو كان في الألف منا واحد فدعوا * من فارس خالهم إياه يعنونا
وهي الأبيات المشهورة وفيها زيادة في الأصل . " (1)
وفي (فهرس شعراء الموسوعة) ، جاءت ترجمته كالآتي:
نهشل بن حري "
? - 45 هـ / ? - 665 م
نهشل بن حري بن ضمرة الدارمي
شاعر مخضرم، أدرك الجاهلية وعاش في الإسلام وكان من خير بيوت بني دارم أسلم ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم، وصحب عليا كرم الله وجهه في حروبه وكان معه في صفين فقتل فيها أخ له اسمه مالك فرثاه بمراث كثيرة وبقي إلى أيام معاوية.
قال الجمحي: نهشل بن حري شاعر شريف مشهور، وأبوه حري، شاعر مذكور، وجده ضمرة بن ضمرة شريف فارس شاعر بعيد الذكر كبير الأمر، وأبو ضمرة، ضمرة بن جابر، سيد ضخم الشرف بعيد الذكر، وأبو جابر، له ذكر وشهرة وشرف وأبوه قطن، له شرف وفعال وذكر في العرب ." (2)
يقول ابن جني في (مبهجه في تفسير أسماء شعراء ديوان الحماسة)
" البشام شجر له عود يستاك به قال جرير:
أتنسى أن تودعنا سليمي ... بعرق بشامة سقي البشام
والحزن الموضع الغليظ والحزم أغلظ منه والنهشل الذئب " (3)
ويذكر البغدادي في ( خزانة أدبه) :
الشاهد الخامس والعشرون بعد الستمائة "
البسيط :
وإن دعوت إلى جلى ومكرمةٍ *** يوماً سراة كرام الناس فادعينا
على أن الجلى قد تجرد من اللام والإضافة لكونها بمعنى الخطة العظيمة ....
وجلى في قول بشامة النهشلي :
وإن دعوت إلى جلى ومكرمة ... ...........البيت
فإنهما مصدران كالرجعى، وفعلى المصدرية لا يلزم تعريفها
والشعرلبشامة بن حزنٍ النهشلي، رواه المبرد في الكامل وأبو تمام في الحماسة، وهو نهشل بن حري بن ضمرة الدارمي. شاعر مخضرم. أدرك الجاهلية، وعاش في الإسلام. وكان من خير بيوت بني دارم. أسلم ولم يرى النبي صلى الله عليه وسلم وصحب علياً ." (4)
القصيدة :
إنا محيوك يا سلمى فحيينا **** وإن سقيتِ كرام الناس فاسقينا
وإن دعوت إلى جلى ومكرمةٍ ** يوماً سراة كرام الناس فادعينا
إنا بني نهشلٍ لا ندعي لأبٍ ********عنه ولا هو بالأبناء يشرينا
إن تبتدر غايةٌ يوماً لمكرمةٍ ******* تلق السوابق منا والمصلينا
وليس يهلك منا سيدٌ أبـــــداً ******* إلا افتلينـــــا غلاماً سيداً فينا
نكفيه إن نحن متنا أن يسب بنا ******** وهو إذا ذكر الآباء يكفينا
إنا لنرخص يوم الروع أنفسنا****** ولو نسام بها في الأمن أغلينا
بيضٌ مفارقنا تغلي مراجلنــــــا ****** نأسو بأموالنا آثـــــار أيدينا
إنّا لمن معشرٍ أفنى أوائلهــــمْ **** قــــــول الكماة ألا أين المحامونا
لو كان في الألف منا واحدٌ فدعوا ***** من فارسٌ خالهم إياه يعنونا
إذا الكماة تنحوا أن يصيبهــــــمُ ****** حد الظبـــات وصلناها بأيدينا
ولا تراهم وإن جلت مصيبتهم ****** مـــع البكاة على من مات يبكونا
ونركب الكره أحياناً فيفرجـــــــه****** عنــا الحـــــفاظ وأسيافٌ تواتينا
2 - ابــن زيــدون (1003 م - 394هـ / 1071 م - 463 هـ) :
هو أبو الوليد أحمد بن زيدون المخزومي الأندلسي ، ولد في رصافة قرطبة سنة (1003 م / 394هـ) ، ونشأ في بيئة علم وأدب، توفي أبوه، وهو في الحادية عشرة من عمره، فكفله جده وساعده على تحصيل علوم عصره فدرس الفقه والتفسير والحديث والمنطق، كما تعمق باللغة والأدب وتاريخ العرب، فنبغ في الشعر والنثر. علا شأنه، وانطلق لسانه. ثم انتقل عن قرطبة إلى المعتضد عباد صاحب إشبيلية في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، فجعله من خواصه : يجالسه في خلواته، ويركن إلى إشاراته. وكان معه في صورة وزير.
ولما مات أبو عباد ، وخلفه ابنه المعتضد ، كان في عهديهما على أحسن حال ، ولكن أرسله المعتمد إبان محاولة إخماد ثورة قرطبة في مهمة إلى اشبيلية ، وكان مريضاً ، فتوفي فيها سنة ( 1071 م/ 463 هـ)
أقام ابن زيدون علاقة وثيقة بشاعرة العصر وسيدة الظرف والأناقة ولادة بنت المستكفي أحد ملوك بني أمية، وكانت قد جعلت منزلها منتدى لرجال السياسة والأدب، وإلى مجلسها كان يتردد ابن زيدون، فقوي بينهما الحب، وملأت أخبارهما وأشعارهما كتب الأدب، وتعددت مراسلاتهما الشعرية ، ولم يكن بد في هذا الحب السعيد من الغيرة والحسد والمزاحمة، فبرز بين الحساد الوزير ابن عبدوس الملقب بالفار، وكان يقصر عن ابن زيدون أدباً وظرفاً وأناقة، ويفوقه دهاء ومقدرة على الدس.
لابن زيدون ديوان شعر حافل بالقصائد المتنوعة، طبع غير مرة في القاهرة وبيروت وأهم ما يضمه قصائدة الغزلية المستوحاة من حبه لولادة، وهو غزل يمتاز بصدق العاطفة وعفوية التعبير وجمال التصوير، ومن بين تلك القصائد (النونية) المشهورة التي نسج اللاحقون على منوالها (5) :
أَضْحَى التَّنَائِي بَدِيْـلاً مِـنْ تَدانِيْنـا
وَنَابَ عَـنْ طِيْـبِ لُقْيَانَـا تَجَافِيْنَـا
ألا وقد حانَ صُبـح البَيْـنِ صَبَّحنـا
حِيـنٌ فقـام بنـا للحِيـن ناعِينـا
مَـن مُبلـغ المُبْلِسينـا بانتزاحِهـم
حُزنًا مـع الدهـر لا يَبلـى ويُبلينـا
أن الزمان الـذي مـا زال يُضحكنـا
أنسًـا بقربهـم قـد عـاد يُبكيـنـا
غِيظَ العِدى من تساقينا الهوى فدعوا
بـأن نَغُـصَّ فقـال الدهـر آمينـا
فانحلَّ مـا كـان معقـودًا بأنفسنـا
وانبتَّ مـا كـان موصـولاً بأيدينـا
لم نعتقـد بعدكـم إلا الوفـاءَ لكـم
رأيًـا ولـم نتقلـد غـيـرَه ديـنـا
ما حقنا أن تُقـروا عيـنَ ذي حسـد
بنـا، ولا أن تسـروا كاشحًـا فينـا
كنا نرى اليـأس تُسلينـا عوارضُـه
وقـد يئسنـا فمـا لليـأس يُغرينـا
بِنتـم وبنـا فمـا ابتلـت جوانحُنـا
شوقًـا إليكـم ولا جفـت مآقيـنـا
نكـاد حيـن تُناجيكـم ضمائـرُنـا
يَقضي علينا الأسـى لـولا تأسِّينـا
حالـت لفقدكـم أيامـنـا فَـغَـدَتْ
سُودًا وكانـت بكـم بيضًـا ليالينـا
إذ جانب العيش طَلْـقٌ مـن تألُّفنـا
وموردُ اللهو صـافٍ مـن تصافينـا
وإذ هَصَرْنا غُصون الوصـل دانيـة
قطوفُهـا فجنينـا منـه مـا شِينـا
ليسقِ عهدكم عهـد السـرور فمـا
كنـتـم لأرواحـنـا إلا رياحيـنـا
لا تحسبـوا نَأْيكـم عنـا يُغيِّـرنـا
أن طالمـا غيَّـر النـأي المحبينـا
والله مـا طلبـت أهواؤنـا بــدلاً
منكم ولا انصرفـت عنكـم أمانينـا
يا ساريَ البرقِ غادِ القصرَ فاسق به
من كان صِرفَ الهوى والود يَسقينـا
واسـأل هنـاك هـل عنَّـي تذكرنـا
إلفًـا، تـذكـره أمـسـى يُعنِّيـنـا
ويـا نسيـمَ الصِّبـا بلـغ تحيتنـا
من لو على البعد حيًّا كـان يُحيينـا
فهل أرى الدهـر يَقصينـا مُساعَفـةً
منـه ولـم يكـن غِبًّـا تقاضيـنـا
ربيـب ملـك كــأن الله أنـشـأه
مسكًا وقـدَّر إنشـاء الـورى طينـا
أو صاغـه ورِقًـا محضًـا وتَوَّجَـه
مِن ناصع التبـر إبداعًـا وتحسينـا
إذا تَـــأَوَّد آدتـــه رفـاهـيَـة
تُومُ العُقُـود وأَدْمَتـه البُـرى لِينـا
كانت له الشمسُ ظِئْـرًا فـي أَكِلَّتِـه
بـل مـا تَجَلَّـى لهـا إلا أحاييـنـا
كأنما أثبتـت فـي صحـن وجنتـه
زُهْـرُ الكواكـب تعويـذًا وتزييـنـا
ما ضَرَّ أن لم نكـن أكفـاءَه شرفًـا
وفـي المـودة كـافٍ مـن تَكَافينـا
يا روضةً طالمـا أجْنَـتْ لَوَاحِظَنـا
وردًا أجلاه الصبـا غَضًّـا ونَسْرينـا
ويـا حـيـاةً تَمَلَّيْـنـا بزهرتـهـا
مُنًـى ضُرُوبًـا ولــذَّاتٍ أفانِيـنـا
ويا نعيمًـا خَطَرْنـا مـن غَضَارتـه
في وَشْي نُعمى سَحَبْنا ذَيْلَـه حِيـن
لسنـا نُسَمِّيـك إجـلالاً وتَكْـرِمَـة
وقـدرك المعتلـى عـن ذاك يُغنينـا
إذا انفردتِ وما شُورِكْتِ فـي صفـةٍ
فحسبنا الوصـف إيضاحًـا وتَبيينـا
يـا جنـةَ الخلـد أُبدلنـا بسَلْسِلهـا
والكوثر العـذب زَقُّومًـا وغِسلينـا
كأننـا لـم نَبِـت والوصـل ثالثنـا
والسعد قد غَضَّ من أجفان واشينـا
سِرَّانِ في خاطـرِ الظَّلْمـاء يَكتُمُنـا
حتى يكـاد لسـان الصبـح يُفشينـا
لا غَرْو فِي أن ذكرنا الحزن حِينَ نَهَتْ
عنه النُّهَى وتَركْنـا الصبـر ناسِينـا
إذا قرأنا الأسى يـومَ النَّـوى سُـوَرًا
مكتوبـة وأخذنـا الصبـر تَلْقِيـنـا
أمَّـا هـواكِ فلـم نعـدل بمنهـلـه
شِرْبًـا وإن كـان يروينـا فيُظمينـا
لم نَجْفُ أفـق جمـال أنـت كوكبـه
سالين عنـه ولـم نهجـره قالينـا
ولا اختيـارًا تجنبنـاه عـن كَثَـبٍ
لكـن عدتنـا علـى كـره عواديـن
نأسـى عليـك إذا حُثَّـت مُشَعْشَعـةً
فينـا الشَّمُـول وغنَّـانـا مُغَنِّيـنـا
لا أَكْؤُسُ الراحِ تُبدى مـن شمائلنـا
سِيمَا ارتيـاحٍ ولا الأوتـارُ تُلهينـا
دُومِي على العهد، ما دُمْنا، مُحَافِظـةً
فالحُرُّ مَـنْ دان إنصافًـا كمـا دِينَـا
فما اسْتَعَضْنا خليـلاً مِنـك يَحْبسنـا
ولا استفدنـا حبيبًـا عنـك يُثْنينـا
ولو صَبَا نَحْوَنا مـن عُلْـوِ مَطْلَعِـه
بدرُ الدُّجَى لم يكن حاشـاكِ يُصْبِينـا
أَوْلِي وفـاءً وإن لـم تَبْذُلِـي صِلَـةً
فالطيـفُ يُقْنِعُنـا والذِّكْـرُ يَكْفِيـنـا
وفي الجوابِ متاعٌ لـو شفعـتِ بـه
بِيْضَ الأيادي التي ما زلْـتِ تُولِينـا
عليكِ مِنـي سـلامُ اللهِ مـا بَقِيَـتْ
صَبَابـةٌ منـكِ نُخْفِيهـا فَتُخفيـنـا
3 - الشاعر: صفي الدين الحلي (675 - 750 هـ / 1276 - 1349 م ) :
عبد العزيز بن سرايا بن علي بن أبي القاسم السنبسي الطائي، الشاعر الشهير . ولد ونشأ في الحلة ، و توفي ببغداد ما بين السنوات المذكورة .
ويذكر (موقع أدب - شعراء على مر العصور) : " واشتغل بالتجارة فكان يرحل إلى الشام ومصر وماردين وغيرها في تجارته ويعود إلى العراق.
انقطع مدة إلى أصحاب ماردين فَتَقَّرب من ملوك الدولة الأرتقية ومدحهم وأجزلوا له عطاياهم. ورحل إلى القاهرة، فمدح السلطان الملك الناصر وتوفي ببغداد.
له (ديوان شعر)، و(العاطل الحالي): رسالة في الزجل والموالي، و(الأغلاطي)، معجم للأغلاط اللغوية و(درر النحور)، وهي قصائده المعروفة بالأرتقيات، و(صفوة الشعراء وخلاصة البلغاء)، و(الخدمة الجليلة)، رسالة في وصف الصيد بالبندق . " (6)
يفاخر الشاعر الحلي أمام حبيبته بأمجاد قومه وبطولاتهم، ويطلب منها إذا ماأرادت أن تعرف المزيد من الأخبار فلتسأل الرماح العوالي فهي سوف تخبرها عن طول قامة الشاعر وقبيلته في ساحات الوغى . ولكن ويذكر المغيري في (منتخبه لنسب قبائل العرب ) " ومن طيء صفيّ الدين الحلّي الطائي الشاعر المشهور، كان في زمن تغلّب التترفية على العراق، وهو القائل حين نهضت طيء في قتال التتر فهزموهم وانصرفت طيء شعرا" ( 7) ويذكر بعض أبيات القصيدة ،من بحر البسيط، وعدد أبياتها( 33 ) :
سلـــــي الرماحَ العــوالـي عــن معالينا
واستشهدي البيضَ هل خاب الرجا فينا
وسائلـــي العُربَ والأتـــــراك مافعلـتْ
فـــي أرض قبـــر عبيــــد الله أيــــدينا
لمـــا سعينــــــا، فمــــا رقَّـت عزائمُنا
عمّــــا نـــــروم، ولا خـابت مســاعينا
يايـــوم وقعـــةِ زوْراءِالعــــراق وقـــد
دِنّـــا الأعـــادي كمـــا كانـــوا يدينـونا
بضمَّـــــرٍ مــــا ربطنـاهـــا مسوّمـــــةً
إلاّ لنغـــــزو بهـــا مــن بات يغــزونـا
وفتيــــــةٍ إنْ نقـــل أصغَــوا مسامعهم
لقـــــولنــــا، أو دعــوناهــــم أجابــونا
قومٌ إذا استخصِموا كانـــوا فراعنـــة
يوماً، وإن حُكّمــــوا كانـــــوا موازينا
تدرّعوا العقل جلباباً، فــــإن حَمـــيتْ
نار الوغى خِلتهـــــــم فيهـــا مجانينا
إذا ادّعَـــــوا جاءت الدنيـــا مصدّقـة
وإن دعَـــــوا قالت الأيــــــام: آميـنا
إنّ الزرازيــر لمّـــــــا قــــام قائمهــا
توهّمـت أنهـــا صارت شـــــواهــيـنا
ظنّت تأنّي البزاة الشهب عــن جزع
وما درت أنــه قــــد كـــــان تهوينــا
بيـــادق ظفـــرت أيدي الرّخــاخ بها
ولــو تركنــاهـــم صـــــادوا فـرازينا
ذلّوا بأسيافنا طـــول الزمـــان، فمـذ
تحكّــموا أظهـــروا أحقـــــادهم فينـا
لم يغنهــم مالنا عـــن نهــب أنفسـنا
كأنّهـــم فـــي أمــان مــــن تقاضـينا
أخلوا المساجد مــن أشياخنا وبغـوا
حتـــــى حملنـــا، فأخليــنا الدواوينا
ثـمّ انثنينـــا، وقــد ظلــت صــوارمنا
تميــس عجبـــاً، ويهتـــزّ القــنا لينا
وللدمـــاء علـــــى أثوابنـــــا عَلــــق
بنشره عــــن عبيــــر المســك يغنينا
فيا لها دعــوةً فـــي الأرض سائــرة
قد أصبحت فــي فـــم الأزمــان تلقينا
إنّا لَقـــــومٌ أبــــت أخلاقـــنا شرفــــاً
أن نبتدي بالأذى مَـــن ليــس يؤذينا
بيــــضٌ صنائعنــــا، ســـود وقائعــنا
خضــــر مرابعـــنا، حمـــر مواضيــنا
لايظهر العجـز منّــا دون نيــل منـــىً
ولــو رأيـــنا المنــايا فــــي أمانيــــنا
ما أعوزتنـــا فراميــنٌ نصــول بـهـــا
إلاّ جعلـــــنا مواضينــــــــا فرامــيــنا
إذا جرينا إلــى ســـق العلـــى طلقــاً
إن لـــم نكــن سبّقــاً كــنا مصلّيــــنا
تدافـع القَــــــدَرَ المحتـــوم همّتــــنا
عنّا ونخصم صــرف الدهــر لوشينا
نغشى الخطــوب بأيدينا، فندفعــها
وإن دهتنـــــا دفعنــــــاها بأيــــدينا
مــلك إذا فوّقــت نبــل العـــــدوّ لنا
رمــت عزائمــه مَــنْ بــات يرمينا
عزائمٌ كالنجــوم الشهــــب ثاقبــة
مازال يحــرق منهـــنّ الشياطيــنا
أعطى فلا جوده قــد كان من غلط
منه ولا أجــره قــد كـــان ممنــونا
كم من عــدو لنا أمســى بسطــوته
يبــدي الخضوع لنا ختلاً وتسكـينا
كالصـــــلّ لينـــاً عنــــد ملمســــه
حتى يصـادف في الأعضاء تمكينا
يطوي لنا الغدر في نصح يشير به
ويمزج السمّ فـــي شهــد ويسقيــنا
وقد نغصّ ونغضـي عــن قبائحــه
ولم يكـن عجـــزاً عنـــه تغاضيــنا
لكــــن تركنــاه إذ بتنا علــــى ثقـة
أنّ الأميـــــر يكافيــه فيكفـــينـــــا
4 - أحمد شوقي (1285 - 1351 هـ / 1868 - 1932 م)
جاء في الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة نقلاً عن ( الإعلام ) للزركلي : " أحمد شوقي بن علي بن أحمد شوقي: أشهر شعراء العصر الأخير. يلقب بأمير الشعراءمولده ووفاته بالقاهرة. كتب عن نفسه: (سمعت أبي يرد أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وأرسله الخديوي توفيق سنة 1887 م إلى فرنسة، فتابع دراسة الحقوق في مونبليه، واطلع على الأدب الفرنسي، وعاد سنة 1891 فعين رئيسا للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896 لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجنيف.
ولما نشبت الحرب العامة الأولى، ونحي عباس حلمي عن (خديوية) مصر، أوعز إلى صاحب الترجمة باختيار مقام غير مصر، فسافر إلى إسبانية سنة 1915 وعاد بعد الحرب (في أواخر سنة 1919) فجعل من أعضاء مجلس الشيوخ إلى أن توفي. عالج أكثر فنون الشعر: مديحا، وغزلا، ورثاء، ووصفا، ثم ارتفع محلقا فتناول الأحداث السياسية والاجتماعية، في مصر والشرق والعالم الإسلامي، فجرى شعره على كل لسان. وكانت حياته كلها (للشعر) يستوحيه من المشاهدات ومن الحوادث. اتسعت ثروته، وعاش مترفا، في نعمة واسعة..." (8)
ويعتبر رائدالشعر المسرحي أقام في برشلونه و قد زاد النفي من وطنيته مناسبة.
قصيدة ( يا نائح الطلح ) من بحر البسيط، وعدد أبياتها 83 بيتاً ، قالها و هو في أسبانيا 1916 معارضا بها قصيدة إبن زيدون في ولادته الآنفة الذكر ، استلهم فيها التاريخي العربي في الأندلس مع فيض جارف من التأوّه والحسرات والتوجع والأحزان ، حتى أنه شرع بالقصيدة طالعاً علينا بالنوح ، بل كرر حرف الحاء في بيتيه الأولين ليتعمق في لوعة أحزانه ، والحق الغرض من مقالتي هذه الربط بين النغم الجميل من حيث الوزن والقافية ، لأجمل أربع قصائد في تاريخنا أدبنا العربي ، وإليك أندلسية أمير الشعراء :
يا نائح (الطلح) أشباه عوادينـا**نشجى لواديك أم نأسـى لوادينـا ؟
ماذا تقـص علينـا غيـر أن يـدا* قصت جناحك جالت فـى حواشينـا
رمى بنا البين أيكا غيـر سامرنـا** أخا الغريب : وظـلا غيـر نادينـا
كل رمته النوى ريش الفـراق لنـا* سهمــاً، وسل عليـك البيـن سكينـا
إذا دعا الشوق لم نبـرح بمنصـدع*** من الجناحيـن عـي لا يلبيـنـا
فإن يك الجنس يابن الطلـح فرقنـا* إن المصائـب يجمعـن المصابينـا
لم تـأل مـاءك تحنانـا ولا ظلماً*** ولا أدكـارا ، ولا شجـــوا أفانيـنـا
تجر مـن فنـن ساقـا إلـى فنــــــــن**وتسحـب الـذى ترتـاد المؤاسينـا
أساة جسمك شتـى حيـن تطلبهـم* فمن لروحـك بالنطـس المداوينـا
آهــــــــــا لنـا نازحـى إيـك بأندلس** وإن حللنـا رفيفــاً من روابيـنـا
رسم وقفنا على رسـم الوفـاء لهن*جيش بالدمـع،والإجلال يثنينـا
لفتيــــــه لا تنـــــــال الأرض أدمعـهـــم* ولا مفـــــــارقـهـم إلا مصـلـيـنـا
لو لـم يسـودا بديـن فيـه منبهـة* للناس كانـت لهـم أخلاقهـم دينـا
لم نسر من حـرم إلا إلـى حـرم* كالخمر من(بابل) سارت(لدارينـا)
لما نبا الخلد نابـت عنـه نسختـه* تماثل الورد(خيريـا) و(نسرينـا)
نسقى ثراهم ثنـاء ، كلمـا نثــرت**** دموعنـا نظمـت منهـا مراثيـنـا
كـادت عيـون قوافينـا تحـركه*** وكدن يوقظن فى الترب السلاطينـا
لكن مصر وإن أغضت على مقة* عين من الخلـد بالكافـور تسقينـا
على جوانبهـا رفـت تمانمـنـا** وحـول حــافاتهـا قامـت رواقينـا
ملاعـب مرحـت فيهـا مآربـنـا*****وأربـع أنست فيهـا أمانيـنـا
ومطلـع لسعــود مــــن أواخـرنـا***ومغـــرب لجـدود مـــــــن أواليـنـا
بنا فلم نخـل مــــن روح يراوحنـا* مـن بـر مصـر وريحـان يغادينـا
كأم موسى علـى أسـم الله تكفلنـا* وباسمـه ذهبـت فــى اليـم تلقينـا
ومصر كالكرم ذى الإحسان فاكهـة**للحاضريـن وأكــــــــــواب لباديـنـا
يا سارى البرق يرمى عن جوانحنـا* بعد الهـدوء ويهمـى عـن مآقينـا
لما ترقرق فى دمع عـن جوانحنـا* هاج البكا فخضبنـا الأرض باكينـا
الليـل يشهـد لـم تهتـك دياجيـه** علـى نيـام ولـم تهتـف بسالينـا
والنجـم لـم يرنـا إلا علـى قــدم** قيام ليـــــــل الهـوى للعهـد راعينـا
كزفرة فـى سمـاء الليـل حائــــــــــرة*** ممـا نـردد فيه حيـن يضوينـا
بالله إن جبت ظلماء العبـاب على* نجانب النــور محـدوا (بجرينـا)
تـرد عنـك يـداه كـل عـاديـــــــة** إنســـــاً يعثـن فسـاداً أو شياطيـنـا
حتى حوتـك سمـاء النيـل عالية*على الغيــوث وإن كانـت ميامينـا
وأحرزتك شفوف الـلازورد على**وشــى الزبرجد من أفـواف وادينـا
وحازك الريـف أرجـاء مؤرجـه*** ربـت خمائـــــــــــل واهتـزت بساتينـا
فقف إلى النيل وأهتف فـى خمائلـه* وأنزل كما نـزل الطـل الرياحينـا
وأس مابات يـذوى مـن منازلنـا** بالحادثات ويضـوى مـن مغانينـا
ويا معطرة الوادى سـرت سحـراً** فطاب كـل طـروح مــــــــن مرامينـا
ذكيـة لذيـل لـو خلنـا غلالتهـا** قميص يوسف لـم نحسـب مغالينـا
اجشمت شوك السرى حتى أتيت لنا* بالـورد كتـبـاً وبالربـا عناويـنـا
فلو جزيناك بالأرواح غاليـة عـن**طيب مسراك لم تنهـض جوازينـا
هـل مـن ذويـك مسكـى نحملـه*** غرائب الشوق وشيـا مــن أمالينـا
إلـى الـذى وجدنـا ود غيـرهـم****دنيا وودهمو الصافـى هـــو الدينـا
يا من نغار عليهـم من ضمائرنـا** ومن مصون هواهـم فى تناجينـا
ناب الحنين إليكـم فـى خواطرنـا*****عـن الـدلال عليكـم فـى أمانينـا
جئنا الى الصبـر ندعـوه كعادتنـا* فـى النائبـات فلـم يأخـذ بأيدينـا
وما غلبنـا علـى دمـع ولا جلـد***حتى أتتنا نواكـم مـن صياصينـا
ونابغـى كـان الحـشـر آخــــــــــــــره**** تميتنـا فيـه ذكـراكـم وتحييـنـا
نطوى دجاه بجـرح مـن فراقكمـو**يكاد فى غلـس الأسحـار يطوينـا
إذا رسى النجم لم ترفـأ محاجرنـا***حتى يـزول ، ولـم تهـدأ تراقينـا
بتنا نقاسى الدواهـى مـن كواكبـه* حتى قعدنا بها : حسـرى تقاسينـا
يبـدو النهـار فيخفـيـه تجلـدنـا*****للشامتتـيـن ويـــــــأسـوه تـــــأسيـنـا
سقيا لعهـد كأكنـاف الربـى رفـة*****أنا ذهبنـا وأعطـاف الصبـا لينـا
إذا الزمـان بنـا غينـاء زاهـيـة*******تـرف أوقاتنـا فيـهــــــــــــا رياحيـنـا
الوصل صافيـة ، والعيـش ناغيـة*** والسعد حاشيـة ، والدهـر ماشينـا
والشمس تختال فى العقيان تحسبهـا* (بلقيس) ترفل فى وشى اليمانينـا
والنيل يقبـل كالدنيـا إذا احتفلـت****لـو كــــــــــــــــان فيهـا وفـاء للمصافينـا
والسعد لو دام ، والنعمى لو اطردت** والسيل لو عف ، والمقدار لو دينـا
ألقى على الأرض حتى ردها ذهبـا***** ماء لمسنا بـه الإكسيـر أو طينـا
أعداه من يمنه ( التابوت) وارتسمت*****على جوانبـه الأنـوار من سينـا
له مبالغ ما فى الخلـق مـن كـرم***عهـد الكـرام وميثـاق الوفييـنـا
لم يجر للدهـر اعـذار ولا عـرس***إلا بأيامـنـا أو فــــــــــــى ليالـيـنـا
ولا حوى السعد اطغى فـى أعنتـه****منـا جيـادا ولا أرخـي مياديـنـا
نحن اليواقيت خاض النار جوهرنـا***ولـم يهـن بيـد التشتيـت غالينـا
ولا يحـول لنـا صبـغ ولا خلـق******اذا تـلــــــــــون كالحـربـاء شانيـنـا
لم تنزل الشمس ميزانا ولا صعـدت*فى ملكها الضخ عرشا مثل وادينـا
ألـم تؤلـه علـى حافـاتـه ورأت****عليـــــــــــــــــه أبناءهـا الغـر الميامينـا ؟
إن غازلت شاطئيه فى الضحي لبسا*خمائـل السنـدس الموشيـة الغينـا
وبات كل مجاج الـواد مـن شجـر******لوافـظ القـز بالخيطـان ترميـنـا
وهذه الأرض من سهل ومـن جبـل**** قبل(القياصـر) دناهـا (فراعينـا)
ولم يضع حجرا بانٍ على حجـر***** فى الأرض إلا علي آثـار بانينـا
كأن أهرام مصـر حائـط نهضـت** بـه يـد الدهـر لا بنيـان فانينـا
إيوانه الفخم مـن عليـا مقاصـره* يفني الملـوك ولا يبقـي الأوانينـا
كأنهـا ورمـالا حولهـا التطمـت*****سفيـنـة غـرقـت إلا أساطيـنـا
كأنهـا تحـت لألأ الضحـى ذهبـا**كنوز (فرعون) غطيـن الموازينـا
أرض الأبـوة والمـيـلاد طيبـهـا** مر الصبا من ذيول مـن تصابينـا
كانـت محجلـة ، فيهـا مواقفـنـا**** غـرا مسلسلـة المجـرى قواقينـا
فـآب مـن كـره الأيـام لاعبنــــــا*****وثاب مـن سنـة الأحـلام لاهينـا
ولم نـدع لليالـي صافيـا ، دعـت***(بأن نعص فقـال الدهـر :آمينـا)
لو استطعنا لخضنا الجـو صاعقـة* والبر نار وغي ،والبحـر غسلينـا
سعيا إلى مصر نقضى حق ذاكرنـا** فيهـا إذا نسـي الوافـي وباكيـنـا
كنز(بحلـوان) عـنـد الله نطلـبـه*****خير الودائـع مـن خيـر المؤدينـا
لو غاب كل عزيـز عنـه غيبتنـا****لم يأتـه الشـوق إلا مـن نواحينـا
إذا حملنـا لمصـر أولـه شجـنـا*****لم ندر أي هـوى الأميـن شاجينـا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) : المؤتلف و المختلف في أسماء الشعراء : الآمدي - 1 / 28 - الوراق - الموسوعة الشاملة .
(2) فهرس شعراء الموسوعة الشعرية : تم جمعه من الموسوعة الشعرية (1/2242
) - الموسوعة الشاملة .
(3) المبهج في تفسير أسماء شعراء ديوان الحماسة - ابن جني - ص 35 - ( دار الهجرة) .
(4) خزانة الأدب : عبد القادر البغدادي 3 / 199 - الوراق - الموسوعة الشاملة .
(5) الأعلام للزركلي - مصدر الكتاب : موقع يعسوب - 1 / 158 - الموسوعة الشاملة .
راجع : وفيات الاعيان 1: 43 وقلائد العقيان 70 وآداب اللغة 3: 54 والذخيرة، المجلد الاول من القسم الاول 289 وفيه مجموعة حسنة من شعره ونثره
ودائرة المعارف الاسلامية 1: 186 وجذوة المقتبس 121 وتاريخ الخميس 2: 360 والنجوم الزاهرة 5: 215 وانظر إعتاب الكتاب 207.
(6) دواوين الشعر العربي على مر العصور : موقع أدب - 1 / 84 - الموسوعة الشاملة .
(7) المنتخب في ذكر نسب قبائل العرب : المغيري - 1 / 40 - الوراق الموسوعة الشاملة .
(8) الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة : أحمد شوقي - نقلاً عن (الإعلام) للزركلي
http://shamela.ws/index.html/author/1270