الامطار التي هطلت على بغداد وبعض المحافظات لايمكن اعتبارها الاكبر والاكثر خلال الاعوام المنصرمة ، بل ان هناك حالات مشابهة استمرت بها الامطار لايام عديدة من دون توقف ولم يكن لها صدى في الاعلام ووسائلة كما نراة اليوم ولم تحدث خسائر كبيرة كالتي تحدث وسوف تحدث كما ينبؤنا المعنيون بالطقس والاحوال الجوية. اذن ما سبب هذة الضجة والامتعاض ؟ اعتقد بل اجزم ان السبب الرئيسي المحرك للمواطن هوالشعوربالاحباط والاسف والخيبة من القيادات السياسية والادارية على رأس الهرم التي تشرف على قطاع الخدمات والانشاءات وبقية القطاعات الاقتصادية بسبب جهلها وعدم خبرتها ومسؤوليتها ولاتمتلك اية كفاءة تؤهلها لهذة المواقع التي تحتاج الى خبرة ودراية ومواكبة ما يدور في العالم المتقدم .
.
ان نظرة واستقراء للواقع العراقي بهذة القطاعات يبين بوضوح تخلفة عن مواكبة التقدم والتحولات الجوهرية في ما يدور في العالم سواء الصناعي او النامي . اضافة لما يلف هذة القطاعات من سوء في التخطيط والتنفيذ والمراقبة ، والعمل بعيدا عن التقنيات الحديثة والاساليب العلمية في تكامل وتطوركافة القطاعات المرتبطة ببعضها ، وشيوع آفة الفساد المالي والاداري والجريمة المنظمة والارهاب بكافة انواعة وبشكل فاق المتصور . امطارنا كشفت المستور، امطارنا ازاحت البراقع عن كل الفاسدين ، امطارنا عرًت اساليب الخداع والغش الذي لف وأطر كافة مشاريع البنى التحتية الفاشلة والتي كلفت الكثير من موارد الدولة والخاسر الاكبر هو المواطن ومستقبلة .
بغداد بعد اربعة عقود تغرق بمياة الامطار، وتطفو داخل بيوتها وحاراتها مياة المجاري الآسنة ، وتحاصرها جبال من القمامة والسكراب والنفايات ، بعد ان كانت في سبعينيات القرن الماضي من انظف المدن العربية !! بغداد تأن من سياط الحكام الفاسدين والمفسدين ، بغداد تحلم بوعود المسؤولين الكذابين عديمي الشرف والضمير ، مدننا الجميلة البصرة وبابل والناصرية وكربلاء وووو .. اصبحت اشبة بقرى بائسة بعد ان كنا نتغنى بجمالها ورقي حضارتها ، لازورق ينقذنا من الغرق بدون فالة تفقأ عيون الحرامية وارباب الدجل ، لاتنكر يسحب مياهننا الاسنة من دون مبيدات ترش على هامات السياسيين الذين يدافعوا عن الفساد والسرقات واصحاب الكوميشن !! لاسقف يسترنا ويقي اطفالنا من الطين والبرد من دون ان نعري زيفهم وخداعهم .
بعد ان غرقنا وغرقت بيوتنا ودوائرنا ومستشفياتنا ومدارسنا ، لايمكننا بعد الان ان نستجدي دعاء رجل دين يغوينا بجنة عرضها السماوات والارض ، ولا خطاب قائد سياسي يغرينا بنظام ديمقراطي فدرالي يتربع على عرشة اعداء الديمقراطية والمدنية والتحضر ، بعد ان غرقنا لانعترف بقدسية شخص يريدنا جسرا لتحقيق مأربة وتطلعاتة ، بعد ان غرقنا وغرست ارجلنا باطيان وعودهم بانت عوراتهم وزيف تدينهم وضعف اسانيدهم ، بعد ان غرقنا علمنا ان بيوتهم ومعالمهم لا يصلها الطوفان لعلو اسيجتها التي بنيت باموالنا المسروقة وبدمائنا المراقة في شوارع الوطن الكبير !! بعد ان غرقنا تحولت مناطقهم الخضراء الى حضائر مسيجة لاتصلها الشمس ... بغداد لاتستجيري عبعوب وجلوب ، فالسيل الجارف قادم ليمسح اكداس الحزن والشقاء لينبؤنا بميلاد ربيع جديد .
مقالات اخرى للكاتب