تقشف ياشعب ومن ضيمك نوفي الدّيانه , الازمة أقتصادية محضة وليست مالية فقد حلَّ الخراب على العراق وأهلهِ أما الاموال فهي موجودة في الحفظ والصون بين ثنيات العباءات وفي خزائن القصور المسجلة بأسم الشعب والتي يسكنها من يمثل الشعب وفي حساب البنوك العالمية وبأسماء ثقاتكم , الحكومة اليوم تدعونا الى التقشف فتعالوا ياشعبي لنمتثل الى الحكومة الرشيدة وأوامرها ولكل من أسسّها ورعاها ولكل من أحاطها بعنايتهِ وحماها , وليصوت البرلمان على مشروع وزارة التقشف والحرمان , وليتسنم الوزارة رجل فقير من عامة الناس وليس من خاصتها وسادتها فلا أحد منهم يريدها أو يطمع بها , حتى يضع لنا برنامج تقشفي واقعي بعيدا عن الامتيازات والمخصصات وعن السيارات والعقارت , ولتكن الفترة الزمنية لذلك البرنامج سنة واحدة وهي المدة المفترضة للوزارة أيضاً .

ولنبدأ في القطاع الاسكاني وبالقصور الفارهة التي يسكن بها المترفون والمسماة بالعشوائيات أو ( الحواسم ) فلماذا هذا البذخ باستعمال المواد البنائية الغالية من التنك وبقايا الانقاض , والابواب ذات المواصفات العالية من البطانيات وقطع القماش البالية , وأكبر قصر فيها يحتوي على غرفة واحدة للنوم وفي نفس الوقت هي مطبخ واستقبال وهول ويحتوي على أرقى الحمامات فليس هناك باب ولا شباك ولا مفرغة هواء فقد أصبحت تلك المكونات بالية ولاتستخدم في عالم الحداثة والديكور , أما المناطق التي تقع فيها قصور الحواسم فهي في غاية الروعة والتخطيط وتحتوي على كل المعالم المعمارية والبيئية وقد نفذت باساليب تفوق القدرات القياسية الدولية فكل شئ مكشوف ومختلط فمياه المجاري ومياه الشرب تكاد لاتفرق بينهما , تقشف ياشعب وأعرض تلك القصور الى الاستثمار لكي تكون مناطق سياحية عالمية يرتادها السواح من أرجاء المعمورة , أما أنتم أيها النازحون فتخلوا عن الخيم الرئاسية بعد أن قضيتوا وقتاً طويلا من الخدمة خمس نجوم وأتركوا الفرصة لغيركم لهواة التخييم ليتمتعوا بالمسابح والكازينوهات والمولات وملاعب الاطفال والافعوانيات , وأرجعوا الى بيوتكم الحديثة التي أنشاتها الحكومة الرشيدة , فتقشف يا شعب ومن قصوركم نوفي الدّيانة .

وفي قطاع التربية والتعليم فقد سأم الطلاب تلك المدارس الحديثة التي تتوفر فيها أحدث الوسائل التعليمية والمقاعد الدراسية المريحة حيث لكل طالب مقعد خاص به , فهذا هدر مالي واضح ولنتقشف ونبني المدارس الطينية وليجلس كل طالب على قطعة من البلوك البنائي فذلك أقرب الى طلب العلم , ولاحاجة بهم الى القرطاسية التي تزيد عن حاجتهم ولنعيد دفاتر العام الماضي ونمسح الكتابة عنها ونستخدمها من جديد , وستتبنى وزارة التقشف والحرمان مشروعا تسمح بمنح أجازات لمن كانوا يدرسون العلوم المختلفة والذين نسميهم بالملا صاحب العصا الغليظة وعودة عقاب الفلقة , فطلابنا اليوم أحوج الى أن يتعلموا الاصول وما يتبعها من معارفنا الارثية , فقد زهقوا من تعلم معارف الحاسوب والتكنلوجيا الحديث والاستكشافات الفضائية والتقدم الكبير الذي حصل في منظومات الاتصالات والنقل والبناء وغيرها , فعقولهم أصبحت لاتستجيب الى تلك العلوم لانهم تشبعوا بها , وهكذا نتقشف بالعلم فتقشف يا شعب ومن جهلك نوفي الدّيانه .

ياشعب الخير والكبرياء طفّوا الكيزر وتقشفوا بالكهرباء حسب فتوى المرشد الاعلى للطاقة وعودوا الى ما كانت تستخدمه حضاراتكم في تسخين الماء باستعمال المصخنة ( وهو وعاء من مادة النحاس يملئ بالماء ويوضع بالشمس ) , وبذلك نؤسس أول مشروع للطاقة النظيفة عن طريق استخدام الطاقة الشمسية بدلا من التلوث البيئي الذي يصاحب احراق الوقود في المحطات الكهربائية , أطلقوا حملة للتخلي عن وحدات التبريد الجدارية والكنتورية وحتى المراوح السقفية وشجعوا الصناعة المحلية وأنتاجها المعروف الذي يستخدم فيه سعف النخيل وجريدها والمسماة  ( بالمهفة ) ولتكن ضمن المواصفات العالمية من حيث الشكل وتقنين الطاقة المستخدمة فيها وتكثيف الانتاج ليسد الحاجة المحلية ومن ثم نقوم بالتصدير وتأسيس شركة مهفة ال جي أو مهفة سامسونج , وما سيترتب على هذا من مردودات مالية وأقتصادية ترفد الناتج القومي العراقي لكي نؤسس الى أقتصاد غير ريعي لايعتمد على تصدير النفط كمصدر وحيد للدخل القومي , وتقشف يا شعب ومن مهفتك نوفي الدّيانة .

وعلينا ياشعب أن نتقشف على ما متقشف عليه بالاصل وهي مفردات البطاقة التموينية لكي ترضى علينا حكومتنا الرشيدة , أعطونا قمحاً بدلا من الطحين ولتشتري كل عائلة مطحنة (الرحّة) ونقوم بطحن الحبوب حتى لانكلف الدولة ذلك العبء المالي , وسنستغني عن اللحوم والحلويات وأهمها النستلة فهي لم تكن معروفة في تاريخنا وقد يكون أثمها أكبر من منفعتها وسنكتفي بالتمر الزهدي بدلا من ذلك ونتحمل ما يصاحبهُ من تأثيرات صوتية وعطرية بعد الاكل , ولسنا بحاجة فعلاً الى زيت الزيتون لاننا تعودنا على الزيت العادي وربما سيكون له تأثيرات جانبية على توسع الشرايين ونسبة الكوليسترول في الدم , وسنتقشف بالشاي والعصير والمشروبات الغازية وغير الغازية وكل ما من شأنه زيادة معدلات السمنة في العراق , ولنبتعد عن العزائم الرئاسية من الغذاء والعشاء والفطور الملوكي الذي نتناوله كل يوم , وتقشف يا شعب ومن الحصة نوفي الدّيانة .

ويا مثقفوا شعب الحضارات التي علمت الكتابة والقراءة تقشفوا أنتم أيضا فلا تهدروا أموالكم بالذهاب الى صالات السينما والمسارح الكبيرة والاوبرا لنشاهد أفلام هوليود الاخيرة أو مسرحيات شكسبير وموليير أو الاستماع الى سمفونيات بيتهوفن أو باخ , فقد يكون ذلك رجس من عمل الشيطان فأجتنبوه , لا تتواصلوا على الانترنيت ولاتبحثوا في الفساد والفشل فذلك تعدي على الحرية والخصوصية والشخصية , ولنتقشف بوعي وثقافة عالية ولنمسح من ذاكرتنا الزمنية السنوات التي تلت تاريخ نيسان من عام 2003 ولنتخلى عن الانترنيت والهاتف النقال والقنوات الفضائية ونعيش مرة أخرى في تلك الحقبة المظلمة من الجهل والظلم والطغيان , ونعيد كل الموروثات الساذجة في الطروحات الحزبية والدينية والعشائرية , ونكتم أفواهنا ونعنو لحكم الجائرين والمعممين ونخضع , وتقشف ياشعب ومن علومك نوفي الدّيانه .

وأبتكروا يا شعب العراق أروع الملاحم التقشفية فأنتم شعب المعجزات القاهرة وشعب المجاعات والفرهود والتشرد والفقر , وحتى تكون حكومتنا مطمئنة فلن نطالبها بالتقشف الذي سنلتزم به , الا أننا ندعو أصحاب المعالي والسيادة وكل من تبوأ منصباً فيها أن يتقشفوا عنا نحن المساكين , فقد أُتخمنا من ظهوركم الاعلامي ومهاتراتكم والمزايدات الوطنية والنزاهة الفائقة والملابس ( قاط ورباط ) وكل المفاهيم التي صاحبتكم , فتقشفوا الى ماقبل زمن عودتكم الحميدة الى البلد الذي تنتمون اليه من خلال الجنسية فقط , وأظهروا لنا على طبيعتكم التي كنتم عليها في ذلك الوقت من ملابس ومعيشة , سكنكم سياراتكم وكل ما يتصل بتلك الخدمة الجهادية , فنحن نطالبكم بالتقشف والعودة الى ما كنتم عليه , وأخيراً تقشف ياشعب ومن حكومتك نوفي الدّيانة .