بدموع من حرارة المصاب وبحروف ترتبك من اثر اللوعة نحزن لرحيلك, كنت تحمل هموم بلدك في المهجر منذُ أكثر من عقد, وكنت تحلم بعراق ديمقراطي موحد, لكن يد المنون خطفتك دون ان ترى وطنك ومدينتك الجنوبية البصرة الفيحاء. غادرنا منذ ايام معدودة بعد معاناة طويلة مع المرض ولكن تفاؤله بالحياة ونشاطه جعله يتناسى المرض ويكون معطاءً لآخر يوم في حياته.
ولد الراحل محمد الرديني عام 1949 في مدينة البصرة وكان الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافه اول خاطرة انشائية نشرها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكنه احترف الكتابة الى آخر ساعة من حياته.
في العام 1969 صدرت له بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا". وفي العام 1975 التحق بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتب عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو.
في العام 1980 التحق بجريدة" الخليج" الاماراتية للعمل محرراً في الاخبار المحلية ثم محرراً لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عمله في هذه الجريدة عرف ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه, وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكنه تعلم ايضا حرفة الصحافة وتمكن منها الا انه لم يجد وقتاً أن يكتب عن ذاته.
هاجر الى نيوزيلندا في العام 1995 حتى رحيله قبل اكثر من اسبوع. سنوات المهجر اطلعته على حقائق مرعبة, اولها انه يحتاج الى عشرات السنين لكي يعيد ترتيب شخصيته بحيث يتقبله الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في وادٍ والناس كلهم في وادٍ اخر. الثالثة ان الانسان هنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا.
في السنوات الاخيرة تفرغ للكتابة الشخصية اليومية في موقع الحوار المتمدن بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسماها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال .
يحلم في سنواته ان يتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
مقالات اخرى للكاتب