برحيلك لن أتكلم عن الموت العضوي الذي سيلحق بأي جسد, ولكنني سأتكلم عن الموت الروحي الذي قد يلحق بأي إنسان لم يستطع أن يقدم منفعة ما للناس من حوله, وهذا ما لم يفعله الموسوعي أ.د. صباح نوري المرزوك, لأنه وهب نفسه للآخرين حتى آخر لحظة من حياته, يقدم جواباً دون سؤال.
لكن هي مأثرته التي منعت عنه الموت الروحي, لم يكن لي شرف معرفته الشخصية ولكن كنت من المتابعين لنتاجه الموسوعي, فهو أشبه بينبوع يفيض كل يوم بشيء جديد.
لن تستطيع يد الردى التي اختطفته أن تعطل فعل استمرارية الحياة فيما أعطى وقدم لأمته, وستبقى الصفحات التي سطرها على مر الزمن شاهداً حياً على موسوعي كبير له مشروعه الخاص في مختلف المجالات.
المشكلة هي اختفاؤه من الساحة التي كانت تحتاج أمثاله على قلتهم, وعندما يغيب واحد من المفكرين والموسوعيين الشجعان, لكن هذا قدرنا , فقضى الدكتور المرزوك في لحظة نحن أحوج ما نكون بها إليه وإلى أنموذجه, فقبور أعلام موتانا كثرت, لكن رحل المرزوك عنا تاركاً ثروة من الإبداعات الفكرية والموسوعية والثقافية سامية, وسيرة حياة متواضعة زاهدة كانت أنموذجاً فذاً قلما نجد له نظيراً في عالمنا الراهن.