في أيام سوقنا للخدمة العسكرية الإلزامية التحق معنا شخص كبير السن قياسا بأعمارنا من مدينة الناصرية، اسمه (رجب)، وكان من أولويات تعلمنا كيف تعمل البندقية الآلية بقوة الغاز ونابض الإرجاع ومواصفاتها ومدى الرمي وتفكيك الترباس وبيت الترباس وكثيراً ما يجري لنا العريف احمد من شمالنا الحبيب مسابقة تفكيك وتركيب البندقية، وفي غمرة هذه السباقات المحددة بــإيعاز (فك.. ركب) وكنا نختزل الزمن لمن أنجز لينادي بأعلى صوته (تم) في ذلك اليوم كان (رجب خارج التغطية ولم ينفذ أي إيعاز مشدوه البال وفاقد التركيز ولم يعد إلى وضعه الطبيعي إلا بعد صراخ العريف في وجهه (شبيك صافن).
أجابه والحسرة تكاد تقطع أحشاءه (حتى الترباس عنده بين ورجب ما عنده بيت).
استحضرت هذا الموقف في زيارتي لبعض الأصدقاء من حملة الدكتوراه ولديهم لقب بروفسور أحيلوا على التقاعد من جامعة بغداد وهم يسكنون كرفانات تركها الألمان عند بنائهم إحدى الكليات التابعة للجامعة، وكان المتقاعدون ينتظرون تكريما يليق بهم وإذا بهدية التقاعد إبلاغهم بــإخلاء الكرفانات، برغم انه بعضهم بلغ من الكبر عتيا، وقدموا خدمات جليلة لكليتهم.
زرت بعض الجامعات الأجنبية الرصينة، فوجدت أن البروفسور عندما يتقاعد تخصص له غرفة وسكرتيرة في كليته لمتابعة بريده وشؤونه وتكلفه بالإشراف والاستشارة، بل أن بعض الجامعات تبني لهم بيوتا في حرمها ليسكنوا في رحابها لتستفيد من خبرتهم وعلمهم في بناء صرحها العلمي.
أما كلياتنا في عملها هذا تطلق شعار (شارع لكل بروفسور).
مقالات اخرى للكاتب