امرأة في عمري جاوزت الستين تقطن في منزل قرب منزلي . وحين تضيق بي الهموم ألتجأ اليهم لأحتسي القهوة التي دائما ما يعدها الزوج وليست هي . كلما اطالعها بعد ترحيبها بقدومي تذهب قليلا ثم تعود لا كن عودتها على طريقة ما يردده الفنان ( سعدون جابر ) في اغنية يؤكد أحد مقاطعها ( ورجعت المهمومة عيني وها كثر حزنانة ) .
زوجها لم يدخر جهدا في توفير كل اسباب الراحة لها فلا شخص يطرق باب منزلها شهريا يطالبها بالأيجار . و لا حاجة لأن تطلب من اقرب الناس لها أي مساعدة مالية في أحلك ألظروف لأن هذا الزوج العزيز على اتم الجاهزية لأن يبيع حتى عمره ويشتري لها ما تريده لأنه كما يؤكد دائما انها عزيزة ورفيقة درب طويل عرف الأثنان فيه الحلوة والمرة .
هذه العراقية الرائعة مشكلتها الوحيدة تكمن في ذخيرتها لما تبقى من ايام العمر وهية ذخيرة ليست مادية قطعا لأن الخالق وفر لها في ظل زوج وصديق وحبيب في غالبية الأحيان كل ماتحتاج اليه حتى النفس الذي اذا ماضاق عليها فأنه مستعد لأن لا يتبرع لها برئة واحدة بل بالاثنتين معا .
مشكلة ام احمد سببها اولادها الأثنين : واحد في بلد وأخر في بلد ثاني جراء الظرف الشاذ الذي تعرض له عراق المحبة في ظل احتلال قام على اكذوبة اسمها امتلاك هذا البلد المسالم لترسانة من الأسلحة النووية !.
المرأة ممزقة بين التلفاز لمعرفة اخبار البلدين حيث صارا ملاذين أمنين لأبنائها وبين كارت الموبايل الذي تنفقه يوميا للأطمئنان عليهم وبين دمعة ودمعتين تنتقلان بين هذا وذاك .
انه زمن القهر الذي يفرض مايريد ويرفض مانريد فهل يستمر حالنا هكذا في ظل شعارات رفعها كل السياسيون التي تقول بأنها ستحقق لكل عراقي مايريد فالدولة عراقية ومن يقود زمام الامور فيها عراقيون ومن تضرر جراء الاحتلال هو عراقي وجل همه التواجد في ملاذات أمنة بعد ان فقدها في بلده . ومن هذه الحقيقة التي لاتقبل الجدل ولا المقاطعة والتعميم أقول : في الدولة وزارة تحمل اسم الهجرة والمهجرين والتسائل المطروح عليها بشخص وزيرها لماذا لاتحقق هذه الوزارة فرصة اللقاء بين الوالدين المقيمين في العراق وبين الابناء المقيمون في ملاذات أمنة خارج الوطن الجريح ؟.
اخر الحكاية :
صدر قرار يقول بأن الوزارة المذكورة تتوالى نقل جثامين الموتى العراقيين في الخارج الى الوطن وعلى نفقتها الخاصة وهو موقف انساني وطني مشرف فلماذا لاتتحمل ذات الجهة مسؤولية الحصول على التأشيرات الرسمية للعوائل العراقية ( وبكرامة ) للقيا ابنائها او العكس من ذلك بأن تتحمل كلفة نقل الابناء وهم احياء الى بلدهم حتى لوكانت محطة اللقاء خيمة على مفترق الحدود لكي تتوقف السيدة ام احمد ومعها كل الامهات العراقيات عن الترديد سرا وعلانية ما يشدو به الفنان العراقي ( حميد منصور ) (وألتمت ابروحي المحنة واشتهيت اخباركم )!.
مقالات اخرى للكاتب