غريب عندما يقول المالكي انه إذا افصح عن ما لديه من ملفات خطيرة ستنقلب الدنيا وسيكون الضرب بالبوكسات في البرلمان (. بالرغم أنني لم اكن أتمنى ان اسمع من السيد المالكي هذه اللغة التي توحي المعاني التي تقلل من قيمة الخطاب ويوحي انه فاقد السيطرة وخارج عن سياق الكلام الى درجة الملل والتعب النفسي والارهاق والانفعال الشديد ( بالنسبة لي اقدّر ذلك الانفعال فالحالة العراقية فريدة باتعابها وإوجاعها التي لا تنتهي ) ، لكن كان لابد للسيد المالكي ان يكون ذو مزاج هاديء قبل خروجه على الجمهور ، وعلى قول الكاتب المعروف محمد حسنين هيكل يقول : لابد لرئيس الدولة ان يكون هاديء المزاج قبل خروجه ومخاطبته للناس فكل كلمة تصدر منه وهو بحالة انفعال تؤخذ عليه سلباً لذا لابد من ان يتجنب ذلك الموقف .
على اي حال يقول السيد وئيس وزراء العراق ان لديه ملفات خطيرة وانه يمتنع عن الافصاح عنها لسببين الاول يدعي انه لو افصح عنها ستنهار العملية السياسية وكأنّ العملية السياسية لازالت تقف على ارض صلبة شامخة امام الدنيا ، ( في رأي ان العملية السياسية في العراق منذ ان كتب دستور العراق الجديد بعد التغيير هي عملية فاقدة الروح والنفس وعندها كتب على العراق النهاية والسلام ) والسبب الثاني الذي يمنعه من الافصاح عنها هو الامتثال الى نصيحة التحالف الوطني بإبقاء الامر او الملفات مستورة خوفاَ من ردود الفعل العكسية ونتائجها الخطرة . فلا أدري هل ان عدم الكشف عن الارهابيين والفاسدين هي خدمة ودفاع عن المواطن العراقي الذي منحه صوته وهو خدمة للعملية السياسية التي يخشى عليها من الانهيار؟ وهل السيد المالكي خفي عليه ان يذّكر التحالف الوطني ان نصيحتهم التي تتستر وتخفي اسماء الارهابيين والمفسدين والمهربين هي مسؤلية يحاسب عليها القانون ، والسكوت على مثل هذه الجرائم تعني المشاركة فيها ؟ والشعب سيحاسبك عليها يوماَ ويحاسب التحالف الوطني ؟
التفسير الوحيد لهذه النصيحة هوربما قد تنتج من تداعيات خطرة تكشف المستور عن شخصيات ورؤوس كبيرة متورطة في ملفات فساد كبرى داخل تيارات وكتل كبيرة قد تكون داخل التحالف الوطني
إذا أراد المالكي ان يسجل له التاريخ صفحة لاتنسى بإخلاصه ووطنيته وان يكون تاريخه شاهداً عليه بالنزاهة , المطلوب منه وبعد ان اعلن عن وجود فساد قد يؤدي الى ان الدنيا ستنقلب ، عليه ان يكشف عنها حتى وان أدى ذلك الى تكلفة حياة العديد من الأشخاص عسى ان يكونوا من ايّ اتجاه فأرواحهم ليست أثمن من الآلاف الذين تفجرت أشلاء هم وزهقت أرواحهم بسبب فشل القوات الامنية وفشل أجهزة الكشف ، فان كانوا إشراف سيمجدهم التاريخ وهم في جنان الخلد وان كانوا مفسدين وإرهابيين فإلى جهنم ، فما يخيفك من ذلك ؟ يقول ان الدنيا ستنقلب وكأن العراق مستقر وكل شيئ يسوده النظام والقانون والهدوء ، سيدي يارئيس الوزراء عذراً ان أقول ان سير العملية في العراق هي اساساَ تسير بإتجاه مقلوب رأساَ على عقب وتعم الفوضى فيه في كل جزيئه من جزيئاته . العمليه السياسية فاشلة بكل المقاسات مادام العراق يقوده إرهابيون يتخندقون وراء دول تملك الأدوات الضخمة من المال البترولي والإعلام كقطر وتركيا .حكومتكم فشلت يارئيس الوزراء في حماية امن المواطن البريء وتقديم الخدمات
وانصافاَ لايرجع السبب كله اليك فالعراق محاط بماكنة تضخ ارهابيين اقوى من ان تقوّمه دولة تملك مؤسسات ينخر الفساد والارهاب فيها هذا شيء ومادام هناك اناس قليلوا الخبرة والكفاءة واعتلوا مناصب ليسوا هم اهلاَ كفؤ لها ( والحديث عن ذلك الموضوع طويل ) . على ايّ حال الارهاب ليس وحده هو الذي اوصل العراق الى حالة الفشل الذريع وإنما التستر على المفسدين سارقي مليارات العراق ليس اقل حجماً من الارهاب . هناك سؤال يريد المواطن العراقي ان يكن بدراية عنه وهومن الذي يتآمر عليه ومن يقف وراء التسهيلات لهروب هؤلاء المحسوبين على التيارات الإسلامية من حزب الدعوة والمجلس الأعلى فأين فلاح السوداني وأين وزير الكهرباء وأين هم أصحاب صفقة أجهزة كشف المتفجرات الفاسدة واين هم اصحاب صفقة السلاح الروسية والاوكرانية واين هم مهربي مليارات البنك المركزي واين هم اصحاب الصفقات الوهمية الضخمة وأين الدكتور عادل محسن وأين علي الدباغ وكيف سمح له بإجراء تلك المقابلة الفاشلة الركيكة التي لم تجني ايّ ثمار مع طارق عزيز وأين وأين والقائمة تطول أنا هنا لا أريد ان اذكر كيف هرب طارق الهاشمي وكيف عاد مشعان الجبوري الى العراق وهو الان يجلس في قصور صدام في تكريت ؟ لازلت أتذكر كيف كنت يارئيس الوزراء يوما جريئاَ عندما كنت مسؤول اللجنة الامنية وأخرجته من قاعة البرلمان وقلت له بالكلمة الصريحة التالية ( اخرج ان ملفك بيدي وأنا أعرفك جيدا ) عند ذلك وجدتك انت رجل العراق الوحيد الذي يستطيع ان يقود البلد ويخلصنا من كل المجرمين وكنت قد كتبت عنك مقالتين عن مواقفك الجريئة المميزة .
سيدي يارئيس الوزراء انت محاط بخلايا مختلفة الاتجاهات منها من البعثيين وانت تعرفهم ولكنهم يخفون ولاءهم للبعث لغايات ونوايا معروفة , لا تنظر هذه المجموعة الى مصلحة العراق بقدر ما تنظر الى مصلحتها واخرى محسوبة على حزبك الذي كان يوماً يدق مسماراً غليظاً في راس النظام ويؤرق نومه .
التجارب العراقية اثبتت ان الاثنين لايهمهما مصلحة العراق فالفئة الاولى معروفة التاريخ بالاجرام تسللت لأجل قلب العملية السياسية عن طريق الاجرام المتخفي وهناك من الفئة الثانية ولا اقول كلها تسرق وتهرّب مليارات العراق متلبسة بالدين ، الاثنان والله عندما يشتد الوطيس سيتخلون عنك فلا تهمك صلاتهم ولا يهمك صومهم .الوطنية لاتقاس بالصلاة والصوم الصلاة لله وأثبتت الأحزاب الدينية من خلال اداءها الضعيف انه ليس من يرتدي ثوب الدين هو إنسان مخلص للوطن ، الشعب لايريد صلاة الحاكم بل يريد صلاح حكمه وعدله أنا هنا لا أتطرق الى من لا يحمل شعار الدين ويدّعون بالتدين ولا الى البعثيين الذين ملئت الوزارات العراقية منهم فهؤلاء معروفة هويتهم مسبقاً
البعثيون من المدراء العامين يقال أنهم يسيطرون على معظم الوزارات ، البرلمان ممتلىء بالبعثيين وليس الان بل ومنذ عام 2010 أيام الترشيحات البرلمانية عندما أوقفت هيأت التمييز قرار لجنة النزاهة والعدالة بشمول المجرم طارق الهاشمي وصالح المطلك بالاجتثاث وأجّل القرار حينها الى مابعد الفرز والترشيحات الانتخابية وقد كنت قد كتبت مقالة حول هذا الوضوع وعن تواجد واختراق البعثيين في البرلمان والدوائر الرسمية بعنوان قرار هيئة التمييز ورياح التغيير بالعراق
الملف الأمني مخترق ، الدفاع مخترقة ، الفساد يعشش في كل الوزارات ، القضاء مخترق وطبيعي إذا اخترق القضاء فشلت الدولة وانهارت مؤسساتها، كل كتلة سياسية تتحصن بقاضي معين ، اما الاكراد في الشمال فهم دولة مستقلة لا تحترم قوانين المركز وكركوك المحافضة النفطية والمحافضة التي تختلط فيها كل الاقليات . والمحافضة التي اعتبرت ريوماَ خطاَ احمر لمن يتفوه بأحقيتهاغير التبعية للعراق هي الان وحقولها النفطية تحت سيطرة مسعود بارازاني وبكل جرءة . لان اصحاب الشأن في السياسة في المنطقة الخضراء مشغولون بتفادي كشف المستور ولمصالحهم الخاصة وحسب .
الشيعة ضعفاء ممزقون مختلفون لان الهدف عندهم أيهما يحصل على الجزء الأكبر من غنيمة العراق اليتيم .
كل هذا فهل بقي لدولة العراق أي احترام خارجي
حتى أولادنا في الخارج اقسم انهم مصابون بالحرج والخجل من كلمة اسمها العراق
يا سيدي يارئيس الوزراء اكشف عن المستور ونل رضا الله ورضا الشعب واكشف من الذي أوصل العراق الى ارض عنوانه بلا وطن
مقالات اخرى للكاتب