كان قرار المحكمة البريطانية بالسجن عشر سنوات على مدير الشركة , التي عقدت صفقة ببيع اجهزة مغشوشة وساهمت بقتل الاف العراقيين الابرياء . وجهت صفعة قوية الى الحكومة العراقية , في محاولاتها الدؤوبة والمستمرة , في تمييع وتسويف والتستر على المتورطين والمشتركين في جريمة استيراد هذه الاجهزة المغشوشة , بحجة الكشف عن المتفجرات والعبوات الناسفة , لقد باءت محاولاتها في طمس اثار الجريمة عن الشعب والاعلام , باءت بالفشل الذريع , في تورطها الفعلي في ابرام هذه الصفقة المريبة ,مما يذكر بان وزارة الداخلية انفقت اكثر من ( 119.5 ) مليون دولار لشراء هذه الاجهزة بين اعوام 2007 و2010 , ورغم صيحات ونداءات الاعلام والكتاب والناس البسطاء وسقوط الاف الضحايا الابرياء , نتيجة عبور السيارات المفخفخة من نقاط السيطرة والتفتيش بحرية دون عوائق , فقد ظلت الحكومة العراقية طوال هذه الفترة تلوذ بالصمت المريب , بالتستر على المتورطين والمحتالين , الذين تاجروا بالدم العراقي باسعار رخيصة في جلب اجهزة الموت , ورغم ان القضية وصلت الى القضاء البريطاني والى وسائل الاعلام هناك بكشف زيف الصفقة بالتفاصيل الدقيقة , بان الاجهزة فاشلة وعديمة الاهمية والفائدة وليس لها علاقة بكشف المتفجرات , وانها عملية ابرمت باحتيال والابتزاز من المحتالين والمخادعين , وان المتورطين والمشاركين في استيراد هذه الصفقة , ربحوا اموال طائلة على حساب الدم العراقي , بالتعاون مع مسؤولين متنفذين في الحكومة العراقية , وكانت حكومتنا الموقرة اعطت الاذن ( الطرشة ) كأن الحرص والمسؤولية غير موجود في قاموسها السياسي , , كأنها مختصة بالتعامل النشيط الذي يصب في كنز الاموال , عن طريق الاحتيال والنهب واللفط وتهريب الاموال الى الخارج , والمتاجرة بارواح المواطنين الابرياء . حتى جاء قرار المحكمة البريطانية , ليسقط ورق التوت عن عورة من عوراتها الكثيرة , لتعترف صراحة بعد المماطلة والتسويف والصمت , لتصرح على لسان رئيس الوزراء حيث اشار بالحقيقة المرة , بان هذه الاجهزة في احسن الاحوال وافضلها تكشف عن المتفجرات بنسبة 20% الى 40% من المتفجرات . . اذن من المسؤول عن هذه الصفقة المزيفة ؟ ومن هم المتورطين والمشتركين في استيراد اجهزة الكشف السونار المغشوشة ؟ ومن الذي سيحاسبهم على هذه الجرائم الدموية ؟ ومن الذي سيقدمهم الى القضاء العراقي لينالوا جزاءهم العادل في المتاجرة بالدم العراقي بسعر رخيص ؟ ومن المسؤول عن سقوط الاف الشهداء الابرياء , الذين ذهبوا الى المقابر ظلما ؟ ولماذا لا تسمح الحكومة لحد الان بفتح باب التعويضات لذوي الضحايا من الارامل والايتام والمعوقين ؟ وهل دماء العراقية رخيصة الى حد هذا الابتذال الرخيص ؟ يجب ان تدرك حكومة الزمن الرديء والتعيس , بان اسلوب التعامل بالنفاق والدجل والخداع وذرف دموع التماسيح , لن يجد له صدى بعد سلسلة من المصائب والاهوال والمهازل , التي اقترفتها ضد الشعب من اجل الركض وراء المال والشهرة , واتخاذ جملة من المواقف التي تتعارض وتتناقض مع اهداف مصالح الوطن والشعب , ان اسلوب تعاملها مع الشعب يواجه معارضة ورفض ومقاومة حادة وقوية وواسعة من الاوساط الشعبية بمختلف ميولهم وانتماءاتهم الدينية والسياسية , ولم يعد نهج حماية الفساد والمفسدين يشرف اصحاب الجاه والنفوذ , وعلى الحكومة ان تعلم وتفهم حجم وحدود صلاحياتها ومسؤولياتها تجاه الشعب والوطن , وان تعمل على انقاذ سمعتها التي تمرغت بوحل العهر , حتى وصلت الى اسفل درجات الحضيض , وصارت مسخرة ومهزلة للخارج والداخل ,وان تدرك ان حماية المواطن والوطن من مهامها ومسؤوليتها , وليس من مسؤولية حكومة اخرى , يجب ان تستيقظ وتعيد الى رشدها وصوابها وتخاف من عاقبة الله , اذا كانت وضعت القانون في سلة المهملات , فان الزمن مهما طال سوف لن يفلت احد من قبضة العدالة من الطغاة واعوانهم من الثعالب الماكرة , وان حبل الكذب والخداع قصير , سرعان ما يلتف على اعناق الطغاة مهما بلغ قوة جبروتهم واستهتارهم.