صحيح ان المتقاعدين قد حصلوا بعد التغيير على زيادة في رواتبهم من حيث الكم، الا أنها الأقل إذا أخذنا بالنسبة والتناسب ، رغم انها الشريحة الاكثر تضررا في سنوات الحصار العجاف وارتفاع مستوى المعيشة والتضخم الذي يلتهم كل تحسن في ظروفهم . ومع إن وعودا كثيرة أعطيت الى المتقاعدين بانهم سوف يحصلون على زيادات دورية في رواتبهم تتناسب مع الغلاء المستمر والتحسين الذي يطرأ على رواتب اقرانهم من المستمرين في الخدمة. الا ان شيئا من هذا لم يحدث وبقي حالهم في ترد وعوز وذهبت كل الوعود والالتزام بالقانون ادراج الرياح. وقد أصبحت قضية تعديل قانون التقاعد وتوحيد الرواتب على وفق اسس علمية مشكلة عويصة ومطلبا ملحا لمئات الالاف من المتقاعدين وصارت مسألة يتاجر بها السياسيون، خصوصا أيام الانتخابات وتصاعد حدة التوتر السياسي لكسب هؤلاء الناس الذين يعانون من شظف العيش الى جانبهم. الضغوط التي مارسها المتقاعدون ايام التظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات دفعت الحكومة الى تبني التعديل وطرح مشروع قانون جديد للتقاعد الا انه تعثر وتلكأ ونام في ادراج الروتين والبيروقراطية، لان الحكومة ليست جدية في مسعاها وانصافها لهذه الشريحة، كما ان الضغط لم يكن كافيا ومستمرا لملاحقة القانون ونفض الغبار عن ملفه، فقد تعطل القانون حسب زعم الحكومة في مجلس شورى الدولة، الا ان وزارة العدل اعلنت امس الأول ان القانون لم يصلها وليس لديها وهي غير مسؤولة عن تأخيره، أي انه ما يزال في دوائر مجلس الوزراء وهذا شاهد من اهلها لا يمكن المزايدة عليه او تكذيبه. طبعا مجلس النواب، هو الآخر وجد أعضاء منه في تأخر القانون مادة دسمة للتصريحات والمثابرة والتلاعب بمشاعر الذين ينتظرونه بفارغ الصبر، وهو يعني تكرارا ومرارا بانه اذا ما وصله القانون سيشرعه فورا .! لا ندري هذه الجهات التي تمثل الحكومة بمعناها الواسع على من تضحك على نفسها ام على المتقاعدين الذين غسلوا ايديهم منها وعرفوا وخبروا ان قوتهم وتأمينه في واد والمسؤولين الذين يغرفون من خيرات البلد في الحق ومن دونه في واد آخر، لا ينفع مع هكذا حكومة تضن بالخبز على محتاجيه الا اجبارها على الخضوع والانصياع من خلال القيام بسلسلة من الفعاليات والنشاطات الاحتجاجية والاعتصامات في الساحات العامة التي ستلقي كل التأييد والمساندة من القوى الخيرة وذات المصلحة مع الناس . المتقاعدون يريدون حلا جذريا لمشكلة تدني رواتبهم وانخفاض قيمتها الشرائية، فالمكافآت أو المساعدات الطارئة غير مقنعة وانما الحل يكمن في نظام مستقر وثابت ومعروف يعالج ما يعانون ويكابدون منه، وهو ليس منّة من احد .
مقالات اخرى للكاتب