قبل يومين تلقيت دعوة من احد أفراد الجالية العراقية لتسجيل أطفالي في دورة تعليم اللغة العربية.
اتصلت بصاحب الدعوة مستفسراً عن التفاصيل: ها أبو عمر شلونك حبيبي شنو تفاصيل دورة اللغة؟ متى وأين وكيف؟
أجابني أبو عمر بأن الدورة قد بدأت منذ يومين وهو في الطريق لإيصال ابنه سيف إليها، تحب أمرّ عليك آخذك معي؟
سألني محدثي فاستحسنت الفكرة وأجبته بنعم.
بعد ربع ساعة صرنا معه في السيارة أنا وابني احمد، لأنه الوحيد بين إخوته يحتاج دروس تقوية في اللغة العربية.
وصلنا مكان الدورة وليتنا لم نصل، فالمكان لم يكن مدرسة ولا دائرة ولا مركزاً ثقافياً كما هي العادة، بل كان مسجداً.
وقبل أن تقولوا ولمَ لا؟ وما به المسجد؟
دعوني أصف لكم ما رأيت: المسجد كان عبارة عن بيت لشخص صومالي مقيم.
كان بيتاً سيء التهوية، نتن الرائحة جعل صاحبه من الصالة مصلىً، ونصب نفسه إماما للصلاة.
وهو رجل طاعن في السن، أطال لحيته وصبغها بلون برتقالي غريب، ثوبه قصير بانت منه نصفا ساقيه، ورأسه يعتمر قلنسوة بيضاء مخاط عليها بالأسود الله اكبر.
لقد بدا الشيخ متجهماً عبوساً يتحدث العربية بصعوبة.
أبو عمر انت وين جايبنا؟ هل هذا من سيعلم أطفالنا اللغة العربية؟
سألت صاحبي فقال لي لنصبر قليلاً ونرى.
الشيخ أبو لحية جنان، جلس على المنبر وبدأ يخطب في الأطفال بعيداً عن درس اللغة.
كان يقول لهم: الإسلام يحرم علينا الاختلاط، لا تختلطوا بالكفار، هؤلاء أنجاس لا يجوز الجلوس معهم، إن ما يجري مؤامرة كبرى على الإسلام والمسلمين، وما يحدث في مصر وسوريا وباقي بلاد الإسلام ما هي إلا حرب يشنها علينا أبناء القردة والخنازير.
ثم بدأ يصيح ويستريح: أدركنا يا رسول الله، أدرك أمتك يا محمد.. مدد مدد.
كان خطاباً أنموذجيا في الكراهية والتحريض لا يناسب الكبار فضلاً عن الصغار.
سألني أبو عمر: شنو الفلم؟ صحيح أن مخالطة النرويجيين حرام؟
فقلت له علمي علمك يا خوية، أنا لم اسمع من قبل بهذه الأحكام؟
ولا ادري من أين جاء هذا الشيخ بهذا الكم من الحقد والكره لباقي البشر، ومن أفتى له بحرمة مجالسة المخالفين في الدين؟
ثم إذا كانوا كفاراً أنجاسا أرجاساً كما يقول فلمَ هو باقٍ عندهم؟ لماذا لا يعود إلى ديار الإسلام لينعم بالعدالة والرحمة هناك؟
همست في أذن صاحبي: يبدو انك مشتبه فهذه دورة في الكراهية والتحريض وليس في اللغة.
دعنا نخرج قبل أن يصل هذا الموتور إلى باب الجهاد ويبدأ بتعليم أطفالنا طرق الذبح.
أيدني الرجل وأخذنا أطفالنا وخرجنا. في طريق العودة أنصتنا لحديث الصغار فكانت المفاجأة:
سيف: انا بعد ما ألعب مع كريستوڤر.
احمد: ليش؟
سيف: لأن عمو الشيخ يقول حرام.
احمد: انا ما حبيت هذا الشيخ.
سيف: انت كافر، الله راح يجيك بالليل يشوي جسمك.
نظرت لصاحبي الذي بدا مندهشاً لما سمع وقلت له: ها يا صاحبي.. هل رأيت كيف لعب أبو لحية جنان بعقول أطفالنا؟! مدد مدد.
مقالات اخرى للكاتب