{وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى }طه79
يذكر السيدالشهيد محمد باقر الصدر(قدس) في كتابه(المجتمع الفرعوني) متحدثا عن المجتمع العراقي
ان الفراعنة حينما يحتلون مراكزهم، يجدون في أي تطلّع إلى المستقبل وفي أي تجاوز للواقع الذي سيطروا عليه،يجدون في ذلك زعزعة لوجودهم وهزاً لمراكزهم وإنّ القوّة لو كانت علاجاً حاسماً دائماً لبقي الفراعنة والجبابرة.
ان الفرعونية على مر التاريخ التي تبني العلاقات بين الانسان وأخيه الانسان على أساس الظلم والاستغلال ,ومن هنا تهدر ما في الانسان من قدرة على الإبداع والنمو الطبيعي على سلامة علاقات الانسان مع الطبيعة .و عملية التجزئة الفرعونية للمجتمع تفرز عدة فصائل
الجماعة الأولى : ظالمون مستضعفون , في نفس الوقت الظالمون الثانويون او بحسب تعبير ائمة اهل البيت (ع) أعوان الظلمة . فهولاء يشكلون حماية للفرعون والفرعونية وسندا في المجتمع لبقاء الفرعونية واستمرار وجود إطارها
الجماعة الثانية : ظالمون يشكلون حاشية ومتملقون , أولئك الذين لا يمارسون ظلما بأيديهم بالفعل ولكنهم دائما وابدأ على مستوى نزوات فرعون . يسبقونه بالقول من اجل ان يصمموا مسلكه ومسيرته
الجماعة الثالثة : وهم الذين عبر عنهم الامام علي (ع) ب(همج رعاع) جماعة هم مجرد آلات مستسلمة للظلم , ولا تدرك ان في المجتمع ظلما , هذه الفئة طبعا تفقد كل قدرة على الإبداع البشري في مجال التعامل مع الطبيعة
الجماعة الرابعة : وهم أولئك الذين يستنكرون الظلم في انفسهم اولئك الظلم في انفسهم اولئك الذين لم يفقدوا لبهم امام فرعون و الفرعونية فهم يستنكرون الظلم لكنهم يهادنونه ويسكتون عنه فيعيشون حالة توتر وقلق في انفسهم وهذه الحالة ابعد ما تكون عن حالة تسمح للإنسان بالإبداع والتجديد والنمو على ساحة علاقات الانسان مع الطبيعة وهؤلاء يسميهم القران ظالمي انفسهم
الجماعة الخامسة : وهي الطائفة الى تتهرب من مسرح الحياة تبتعد عن المسرح وتتهرب منه وهذه الرهبانية موجودة في كل مجتمعات الظلم على مر التاريخ وهي تتخذ صيغتين
الأولى: صيغة جادة ,رهبانية جادة تريد ان تفر بنفسها لكي لا تتلوث بأوحال المجتمع هذه الرهبانية الجادة عبر عنها القران بقول (ورهبانية ابتدعوها)
وهذه الرهبانية يشجبها الإسلام لأنها موقف سلبي تجاه مسؤولية خلافة الانسان على الأرض
وهناك صيغة مفتعلة يترهب ويلبس مسوح الرهبان ولكنه ليس راهبا في أعماق نفسه وإنما يريد بذلك ان يخدر الناس ويشغلهم عن فرعون وظلم فرعون ويسطوا عليهم نفسيا وروحيا(وعاظ السلاطين)
الجماعة السادسة : وهم المستضعفون .ان الفرعونية حينما جزأت المجتمع الى طوائف استضعفت طائفة معينة منهم لأنها هي الطائفة التي يتوسم ان تشكل إطار للتحرك ضده ولهذا استضعفها بالذات
وقد علمنا القران الكريم ضمن سنن التاريخ أيضا ان موقع أي طائفة في التركيب الفرعوني لمجتمع الظلم يتناسب عكسيا مع موقعه بعد انحسار الظلم وهذا معنى قوله (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين)
ان الفرعونيه هي صفة طاغوتية لكل سلطان لايحكم بما انزل الله فبظلمه وعتوه واستكباره وبطشة للمجتمع يزداد عدد الطوائف المتصارعة والاتجاهات المتناحرة التي تمزق المجتمع بسبب شدة الظلم والجهل لان في ذلك بقاء لللسلطة الطاغوتية القائمة على الانحراف الاخلاقي والفكري من اجل تبرير المزيد من الطغيان والاستبداد من خلال ممارسة الطغاة واتباعهم المزيد والمزيد الظلم والاستغلال حرصا على المكاسب الشخصية في النفوذ والمال من خلال الارهاب الطائفي والفساد الاداري في واقع بائس للعراق الطائفي الراهن لامستقبل له سيطروا عليه بالقوة وحكموا الناس بالوراثة او بالانتخاب المزيف في الوقت الذي يؤكد فيه السيد الشهيد الصدر الاول والصدر الثاني ان القيادة لاتكون الا لنبي او امام معصوم او مجتهد اعلم جامع للشرائط وقد خالف الكثير من اتباعهم وللاسف الشديد تلك الوصية وهي امر الهي لايحق لاي احد التغاضي عنه او تبرير الخروج عليه فاصبحوا اتباعهم شهواتهم ونزواتهم وحرفوا الكلم عن موضعه من قبل بعض المتملقين الاكاديمين قد اقحموا انوفهم في بحث فقهي استدلالي هم اجهل الناس به من اجل تبرير التملص وعصيان وعدم الالتزام بحكم الله في عدم قيادة الامة الا من قبل ولاة الامر من المجتهد الاعلم حصرا وكل ذلك لتضليل الشعب في تبريرهم لقيادات فاشلة غير مؤهلة شرعا لجعلها فوق الشبهات فقاوموا بتاؤيل الخطا على انه فعل صائب ونزوا القائد الفاشل العاجز الجاهل منزلة المعصوم في فعله وقراره وان لم يقولوا بعصمته علنا وتصدى الجهلة بالجهل المركب من ادعياء العلم لقيادة جهلة الهمج الرعاع في العراق الى الهاوية وقادهم من ليس بمجتهد او معصوم نحو الهلاك وكان اي اعتراض او نقد او تساؤل عن اي شرعية اي قرار من قادتهم يعرض صاحبه للخطر والسب والقذف والطعن لانهم يجدون في ذلك زعزعة لوجودهم وخطرا على مصالحهم لان من مصلحتهم دائما ان يغمضو اعين الناس عن اي خطأ وان يكون الناس تحت تاثير افيون كاريزيما القائد الاوحد لكي لايفتش الناس عن ما هو اصلح وعن البديل الامثل للخروج من ازمة الحرب الطائفية في العراق ومن مازق الفساد الاداري لانفي ذلك خروج عن خطهم القائم على العبودية والطاعة العمياء وما الصراع السياسي بين فراعنة العراق عربا واكرادا واقليات شيعة وسنة سواء في الصراع داخل الكيان الواحد او بين الطوائف المختلفة الا صراعا حول النفوذ والمصالح الشخصية الضيقة وليس تنافسا في خدمة العراق كل همهم هو التطلع الى تثبيت حكمهم زيادة نفوذهم وليس تغيير الواقع غارقين الناس في اوهام وصور براقة وامل كاذب من خلال وعود زائفة بالخلاص والانقاذ فيما لو استمر حكمهم ولو تمكنوا من الانفراد بالسلطة. دون ان يكون هناك فعلا برامج واقعية وحقيقية ملموسة للتغيير على ارض الواقع جاهدين على اعاقة اي نقد او طرح لبديل عنهم كي لايجد الناس في غيرهم اي مثال اعلى او اي بديل عنهم لذا فليس امام هولاء غير اللجوء عن طريق اتباعهم القتلة الهمج الرعاء في تصفية خصومهم والبطش بالمخالف والمغاير او المنافس لهم والكارثة الاكبر ان من هولاء بل وعلى راسهم من ينسب لنفسه لمن وقف ضد الطغاة الفراعنة من قبل الشهيد الصدر الاول والصدر الثاني {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ }القصص4 الا لعنة الله على الظالمين.
مقالات اخرى للكاتب