قبل أيام.. كنت أقرأ لأفلاطون, وطروحاته حول المدينة الفاضلة, تلك المدينة الحلم.. فأنقطع التيار الكهربائي, كالمعتاد ولم أكمل أراء أفلاطون للأسف, التي بدت أقرب للهذيان, بالمقارنة ما يجري في أيامنا هذه.. كثر هم دعاة الفضيلة, وأكثر منهم من يدعي السعي, لتحقيق المدينة الفاضلة.. رغم أن أفعالهم أقرب للرذيلة منها للفضيلة!
أنتهى حلم مدينة أفلاطون, مع إنقطاع التيار الكهربائي, ليحل بدلاً عنه كوابيس مليئة بفزاعات, الشاشات الفضائية, من ساسة أكل عليهم الدهر, وشرب من جهة, ومافيات قتل من جهة أخرى, يرتدون ثياب قصيرة, ويرفعون شعارات الإسلام الذي لا ينتمون له بأي شكل من الأشكال.
حلت كتب الرذيلة, في المكتبات بدلاً من كتب الفضيلة, وتحولت الأرانب الى أسود من ورق, بينما تحولت الأسود, الى كلاب تنبح على قارعة الطريق.
المؤتمرات الأقتصادية, تحولت إلى أسواقٍ, لغسيل الأموال, وشعارات النهوض بالاقتصاد الوطني, تحولت إلى شعارات للسرقة, لتؤمن الطريق لأموال اللصوص إلى بنوك سويسرا!
أحد الأيام كنت أمر بالقرب, من قاعة يقف, على بابها حماية لمسؤول رفيع المستوى, كان يخطب داخل القاعة بأعلى صوته, لدرجة, إن صوت خطبته الرنانة, يسمع من داخل القاعة!
فسألت من يقف على الباب, ماهي مناسبة الأمسية؟ ومن المتكلم؟
أجابني وهو يهمس, حتى لا يسمعه حماية المسؤول, إنه مؤتمر للمصالحة الوطنية؟ لكنها في الحقيقة أقرب للمناطحة, وإستعراض للقدرات سرعان ما ستنتهي, حين يتعب المتصارعين, ويملأ كل منهم كيسه بنصيب من الكعكة!
ثم بادرني بسؤال : هل ستنتهي الصراعات, التي تؤتي اؤكلها كل يوم على شكل سيارات, تمزق أجساد الفقراء, بعد إقتسام الكعكة؟ ويتوقف, نزيف الدم بعد ان تمتليء بطونهم من الكعك؟
فقلت له: هل تشبع الضباع من لحوم الفرائس؟
قال لي: ستنظرنا أيام دامية أخرى إذن؟
أجبته : ما العجب في ذلك؟ فدماؤنا توفر على الساسة غسل الأرصفة بالماء!
أنتهى حوارنا, بعبرة لمن يفكر بالأعتبار من أحداث الثورة الفرنسية, فقلت له.. يوماً ما إستهانت, ماري أنطوانيت بجياع الشعب الفرنسي, وطلبت ان يأكلوا الكعك, بدل الخبز.. فأصبحت طعاماً لمقصلة الثوار .. والحليم تكفيه الأشارة.
مقالات اخرى للكاتب