في الوقت الذي يحاول الجمْع الإسلامي _ (المُتحْزب) منه تحديداً _ التشديد على ضرورات تطبيق برامجها الدينية عبر أقاويل نافذة الشريعة الإسلامية وتطبيق الكتاب والسُنة؛ والدعوات لأسلمة المجتمع العربي؛ محاولة منها لكسب الشارع العربي وإيجاد فرصة لها للانقضاض على الدولة والإمساك بتلابيب السلطة وبالتالي أصبح فرض الحجاب على الفتيات؛ أو تعميم ثقافة “النْقاب” عليهن تحت أي مُسمى؛ وبعيداً عن أي ظروف؛ لا يخرج عن دائرة العقيدة السياسية؛ لا الدينية؛ أي أنْ أضحينا نعيش حالة “الحجاب سياسي” الغاية منه النفوذ وليس رضى الرّب؛ وبالوقت الذي تتزايد فيه دعوات فرض الحجاب (أو النقاب) نجد بالمقابل تزّايد حالات “السفور”، والعرّي والانفتاح أكثر؛ وارتداء الفيزون (رسّم الجسم)؛ كخارطة طريق للرذيلة .. والملابس الشفافة المُثيرة للقهر (!!)؛ مع زيادة حالات “الطلاق الشرعي”؛ مقابل صّعود وتيرة “الزواج العرفي” (!!) وإلى أخره من ثقافات الديكور و”الدزاين” والموّضة العصرية .. أنهُ أمر مؤسف ومُدعاة للشفقة على مجتمع؛ كلما كبرت المساجد فيه طاحت الرّقاب وتناثرت الأشلاء؛ و”عقلٍ بشرّي” بحاجة للتأني والتأمل والمراجعة ومحاولة ترميمه. أعتقد إنْ الجواب الشافي على هذه الحالة الغريبة هي لا تخرج إلا بكون القائمين على فرض الحجاب إنما أرادوا منه أنْ يكون “وشاحاً نسوياً” يرفعون شعاراته من أجل مكاسب حزبية؛ وكسب قاعدة جماهيرية من أولئك السذّج الذين يصدقون أقوال ذلك “البعض الإسلاموي”؛ فالحجاب الإسلامي لا يجب أنْ يُفرض من خلال نافذة الحزب أو “الأصولية الإسلامية”؛ فبابه الشرعي هو الإسلام الحقيقي؛ بمعنى إننا لا نعترض على الحجاب ولكن نعترض على “توظيف الحجاب” _ كمقدس _ في السياسة والعمل الحزبي والدنيوي؛ وبالتالي هذا الفرض على الناس ربما حشم شَعّر رأس المرأة لكنه “قصر” تنورتها (!!) وهذه هي الموّضة موجودة اليوم في بغداد والمحافظات وحتى خارج العراق في مصر وسوريا والمغرب العربي؛ حجاب زائد تنورة قصيرة يساويان (إسلام حزبي)!!أنهم يُعرّضوّن الإسلام للضحك والسخْرية، والحطّ من قدره !! أنْ الحجاب لا يجب أنْ يُفرض بالقوة؛ لأنه لن يُغير من نفسية الفتاة أو يصلح حالها؛ فالأولى بالإسلاميين هو فرض “حجاب على القلب”؛ على الأخلاق؛ على القيم من أجل الحشمة والوّقار؛ وهو ما غاب عن أدبيات فكر الجمْاعات الإسلاموية؛ فحجاب العقل وحجاب القلب مُفضل ومُقدم على حجاب الشعر والرأس!! وبالتالي كانت النتيجة شق عصا طاعة تلك الحركات الدينية ونحن نشاهد حالات تفسخ المُجتمع وتحرره من قيد الإسلاموية أكثر من ذي قبل؛ _ ولسنا من دُعاة التحرّر بدون ضابط شرعي ووازع أخلاقي _؛ لكننا نريد أنْ نكون مرآةٍ للحقيقة، ولا بد أنْ يكون الحجاب ذو طابع ديني لا طابع سياسي مثلما يُعمْل به اليوم. وأتساءل هنا ما حاجتنا للحجاب إذا كان العرّي الأخلاقي يسير في شوارعنا بكامل عورته المكشوفة، والدعارة تكتسب صفةٍ قانونية، والضمير مثقوّب، والقيم مُرّتدة، والشرّف يخاطبنا من منبر مَبّغى ليلي؛ .. وإلا كيف تسعى الأصولية الدينية الرّاديكالية المقاتلة إلى فرض الحجاب بالقوة وهي تمارس _ بنفس القوة وأشد _ ثقافة الهجوم على المجتمع وتكفيره وتستبيح حرماته وتنال منه وتهتك مقدساته وتمزق مصاحفه، وترقص فوق جثث الموتى رقصة المُبتهج! كان يجدر بتلك الحركات المسلحة أنْ تكف عن “عقابنا الجماعي” بالقتل والحرق والتمثيّل بالجثث وصبها بالوقود العربي ؛ وتكف عن دعوات فرض الحجاب؛ فمهما بلغ السُفّور والعرّي من قوة انتشار فهو أفضل بكثير من قتل إنسان واحد؛ وهدم الكعبة حجراً حجراً أهون من قتل مرءٍ؛ المرأة السافرة لا تساوي شيئاً أمام ملتحْي يحرق الأسواق ويُفخخ العقول والسيارات التي تدق نواقيس مخاطرها كل بيت وحارة وشارع. أعتقد أنْ ما تفعله الحركات الإسلامية المقاتلة اليوم بعد موّجة القتل والتشهير بحرق الجثث بأسمالها؛ وتشويه صور الله لهيئات البشر؛ وترّع “المنْهّولات” بالدم وغص أنابيب المجاري بالعوّيل والمُخاط والسعال ومياه الحيض ونفاس الخزّي والعار؛ والمغالاة بالتجاوز على نصوص الشرّع الإسلامي هو لا غاية منه إلا مبرر واحد ألا هو لارتداء محجباتهم للباس “المايوه الإسلامي” للاستحمام ببحر وشواطئ الدم وغسل الأقــــذار بالأقذار!!
مقالات اخرى للكاتب