بسم الله الرحمن الرحيم:
وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ-;- كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا. الإسراء-70
كرامة الإنسان هي أغلى شيئ في الوجود عند الله وعند كل الذين تهمهم حفظ هذه الكرامة. وتتقاطع مع كل من يعتدي عليها دون ذنب. فكيف إذا تم إهدار دم الآلاف من البشر الآمنين في بلدانهم واستباحة أعراضهم وأموالهم وديارهم نتيجة غزو متوحش همجي وقع عليهم .؟ لقد انكشف الأمر وأصبح جليا لكل ذي بصيرة بأن حرب الإبادة التي أعلنتها داعش ضد الشعب العراقي بكافة قومياته ومذاهبه التي اشتد أوارها، وتصاعدت همجيتها إلى أقصى حدود الهمجية. ومن العار والشنار على هؤلاء ألقتلة الذين سفكوا دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ بالطرق الوحشية والتي تشمئز منها وترفضها حتى الوحوش الضارية بأنها (انتصار!!!) وأذا كان هذا القتل الدموي الأعمى للأبرياء العزل هو ( انتصار) كما يسمونه فأية فئة ظلامية هذه ؟ وأية همجية يمثلها هؤلاء الأوغاد وهم يجمعون حشد من البشر على الأرض تحت تهديد السلاح. ويطلقون عليهم النار وهم يتباهون بجريمتهم ويظهرون في حالة من النشوة والفرح الغامر حين يسفكون دماء الأبرياء، ويرفعون أصواتهم مرددين كلمتي ( الله أكبر) والله جلت قدرته يشهد على هذا المشهد الدموي الرهيب الذي قل نظيره في التأريخ والذي تستهجنه قيم السماء والأرض.إنه انتصار الظلام والهمجية على الإنسان الأعزل البريئ. والإنسان في العراق هو نفس الإنسان في الصين أو في أمريكا أو في روسيا . وعلى العالم المتحضر أن يسارع وبكل مايملك من قوة مادية ومعنوية للوقوف بوجه هذا المد الدموي العاتي. والعراق بجيشه وحشوده الشعبية من أبناء العراق الغيارى الذين لبوا نداء الوطن يخوضون اليوم معركة الوجود ضد هذا الإرهاب الجاهلي المعادي للبشرية. والذي أفصح عن وجهه البشع، وأعلن إنه لايستهدف فئة معينة من البشر. ولا يقف عند حدود دولة معينة في تثبيت أسس ماتسمى ب (دولة الخلافة ) في كل أرض يبسط سيطرته عليها ومن ثم تبدأ الإبادة الجماعية للبشر. فتحول بذلك إلى وباء عالمي إذا انتشر سيطال الجميع دون استثناء. وحين يحارب الشعب العراقي هذا الإرهاب الأعمى ينتظر من كل شركائه في الإنسانية أن يقفوا معه. لأن حربه هي حرب الإنسانية جمعاء. وداعش أثبتت بجرائمها إنها عدو الإنسانية الأول في هذا العصر.
فيالخسة ووضاعة وجبن هذه الوحوش الضارية التي تبغي تدمير الإنسان وحضارته في كل مكان من عالمنا الراهن .وقد يحتار العقل البشري في توصيف هذه القطعان الضالة التي وصلت في أعمالها الإجرامية المنكرة ألى أحط حالات السفالة والنذالة والوضاعة . وهم يلعقون على ألسنتهم النجسة إسم الدين الإسلامي والأديان جميعها تبرأ منهم ومن جرائمهم . وقد قال الله في محكم كتابه العزيز:
بسم الله الرحمن الرحيم :
(لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ-;- إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ .) الممتحنة -8
فكيف يجرؤ أفراد هذه العصابات الدموية الإجرامية على ارتكاب هذه المجازر البشرية وهم يتباهون بجرائمهم تحت سمع ونظر العالم إذا لم تكن هناك قوى وراءها تدعمها بالمال والسلاح؟
أن هذه الجرائم الدموية البشعة تدمي قلب كل إنسان شريف ينتمي ألى المنظومة البشرية في هذا العالم .
ومن عجائب الزمن إن حكام أمريكا الذين عودوا العالم مع كل حدث خطير يظهر على الساحة العالمية بإزدواجيتهم الصارخة. ظلوا يتفرجون في بادئ الأمر حين احتلت داعش مدينة كبرى من مدن العراق وهي الموصل نتيجة خيانة وقعت في ليل داج إشتركت فيها عدة جهات. وأخذت تهدد بالزحف على بغداد.امريكا التي تجوب أقمارها التجسسية في الفضاء تراقب كل شيئ على الأرض ولها اتفاقية إستراتيجية مع العراق تنص في أولى بنودها بالدفاع عنه إذا ما تعرض للخطر. لكن أوباما ومعه البنتاغون تقاعسوا عن دعم العراق .وطالما حذر رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الأمريكان مرات عديدة وأبلغهم إن الإرهاب في سوريا سيستفحل أمره ويصبح خطرا داهما على العراق والمنطقة والعالم . لكن حكام أمريكا المعروفون بازدواجيتهم في النظر إلى الحقائق غضوا النظرعن تصرفات الحكام التابعين لها في المنطقة الذين سمحوا بعبور الإرهابيين من بلدانهم إلى سوريا . وأغدقوا عليهم المال والسلاح لنشر(الديمقراطية) في هذا القطر العربي على الطريقة القطرية السعودية . لابل تبنى الأمريكان والغربيون فكرة تسليح ما أطلقوا عليه ب (المعارضة المعتدلة) بعد أن وقعوا إتفاقا مع سلطة أوردغان العثماني بتدريب خمسة آلاف من هؤلاء المرتزقة. وأخذت داعش تستولي على تلك الأسلحة التي تعبر الحدود إلى أن تعاظم خطرها. وظل حكام أمريكا يتجاهلون خطر داعش . وأخذ عملاؤها في المنطقة يرددون أكاذيبهم التي لايصدقها عاقل بأن داعش هي ( صناعة سورية عراقية !!!) ولكن حين هددت أربيل حيث شركات النفط والموبايل والخبراء الأمريكان إستيقظت ضمائر حكام أمريكا على حين غرة. وبدأت طائراتهم تقصف بعض مواقع داعش لأن خطرها على أربيل أهم بكثير من خطرها على بغداد المرتبطة معهم باتفاقية إستراتيجية. تبين فيما بعد إنها كانت كذبة بعد عطلت أمريكا صفقات السلاح التي دفع العراق ثمنها منذ عدة أعوام وأعطت بدلها بعض الفتات مثل سيارات الهمر وبعض الصواريخ التي لاتتناسب مع المعركة المصيرية التي يخوضها العراق مع برابرة العصر الدواعش. وأخذ العراق يستورد الأسلحة من روسيا ومن دول أخرى . ثم أعلن الرئيس الأمريكي أوباما أخيرا بأنه يسعى لإيجاد تحالف عالمي ضد هذا الوحش بعد إعدام الصحفي الأمريكي بمعزل عن الدولة التي احترقت في أتونه التي هي سوريا. وأرسل وزير خارجيته جون كيري للمنطقة العربية لضم ملوك ومشايخ الطائفية في الخليج العربي الذين يسيرون في الفلك الأمريكي إلى حلفهم ضد داعش. وهم الذين ترعرع الإرهاب في أحضانهم ، وخرج من مناهجهم الدراسية . وصدروه إلى سوريا والعراق. ولا يمكن أن تنسى تصريحات سعود الفيصل وزير خارجية آل سعود غداة غزو داعش للعراق حين قال بعظمة لسانه (إن هؤلاء ثوار ثاروا ضد التهميش والإقصاء الذي تتبعه الحكومة العراقية الطائفية.) وسارت على طريقه وزيرة الدولة البحرينية سميره رجب حين قالت نفس الكلام. وهي التي تعتبر الأكثرية الساحقة من شعب البحرين الذي يتعرض لأشرس حملة قمعية إرهابية من سلطاته الملكية الحاكمة بأنهم ( إرهابيون). وحزب الله الذي خاض أشرف المعارك ضد الصهاينة المعتدين ، وحرر الأرض من دنسهم يعتبرونه أيضا بأنه (حزب إرهابي ) لأنه حارب الإرهاب في سوريا. و يعتبرون الحوثيين الذين يكافحون من أجل حقوقهم في اليمن الذي يحكمه رئيس يسيرفي الفلك الأمريكي بأنهم (إرهابيون ) أيضا . لابل يعتبرون كل حركات التحرر التي تكافح الاستبداد والعنصرية والرجعية بأنها حركات ( إرهابية ) يجب أن تتساوى مع داعش !!! ولابد من إعلان الحرب عليها جميعها إذا ماأرادت أمريكا مكافحة الإرهاب.وهو مايتوافق مع توجهات البيت الأبيض . وأوباما المتردد والمتخبط في خطاباته المستمرة الكثيرة يريد أن يؤسس حلفا ضد الإرهاب مع مصدري الإرهاب. ويعطي حقوقا للسنة في سوريا والعراق قبل الشروع في تكوين حلفه العتيد فياللعجب.! لقد قال أوباما في عدة خطابات ( نحن نتدخل في حدود مصالحنا فقط ) والدفاع عن مصالح أمريكا يعني خلط الأوراق وجعل الأبيض أسود والأسود أبيض . ومصالح الشعوب إذا تقاطعت مع المصالح الأمريكية لاقيمة لها. وحين يعبر محمد المسفر أحد التابعين لحكام قطر الذي طالما روج للإرهاب ودافع عنه في العراق وسوريا لمحطة البي بي سي يوم 30/8/2014 بأن طالبان (هي إحدى حركات التحرر العالمية .) يزداد خلط الأوراق عمقا وعتمة في مفهوم عملاء أمريكا. وحين يكرر نائب الرئيس الأمريكي جون بايدن مشروعه الذي أطلقه قبل سنوات بأن تقسيم العراق إلى كانتونات طائفية وعرقية هو الحل الأمثل للعراقيين بعد آلاف السنين من عراق موحد عاشت فيه كل القوميات والمذاهب متآخية . ويؤيده رئيس العراق الجديد الذي أقسم على حفظ وحدة التراب العراقي يتبين لنا إن كل شيئ غريب وشاذ أصبح جائزا في هذا العصر.
وأقول لرئيس العراق الجديد:
يافخامة الرئيس إن تناغم صوتك مع صوت جون بايدن هي طعنة كبرى توجهها نحو خاصرة العراق وأنت في بداية تسلمك منصبك .والنظام (الفدرالي ) الذي أقره الدستور العراقي هو نظام إداري حضاري متطور . وأنا أعيش في دولة فيدرالية ، وأفهم ماهو النظام الفيدرالي. لكن هذا النظام إذا لم تتوفر له الأرضية الخصبة سيكون تقسيما طائفيا وعرقيا ويتحول إلى إمارات طائفية لها إرتباطات خارجية وتكيد للعراق ، ولا يمكن أبدا أن تضع أسسه جهات طائفية وعشائرية تميزت بصراخها الطائفي في الفضائيات. وإن الإقليم الذي تتباهى به وتدعو الآخرين إلى الإقتداء به هو دولة مستقلة تماما. ولا تربطه بالعراق رابط غير المصالح المادية. وإذا تحقق هذا التقسيم الذي تدعو إليه وتشجعه على غرار إقليم كردستان في فترة حكمك لاسامح الله ستكون أول رئيس يشهد على تقسيم هذا الوطن الجريح ولا يمكن للشعب العراقي والتأريخ أن يغفرا لك مباركتك لتقسيم العراق.
لقد ثارت ثائرة أمريكا ضد الإرهاب حين ظهر أحد مواطنيها يُذبح، وآشتد غضب الرئيس حين أعدم المواطن الأمريكي الآخر من قبل إرهابي داعشي فقرر إرسال 350 عسكري لحماية السفارة الأمريكية في بغداد التي لم يعرف الشعب العراقي مايدور في دهاليزها . ولن تثير هذا الرئيس آلاف الضحايا الذين غدرت بهم داعش في قاعدة الشهيد ماجد عبد السلام ولا غيرها في الكثير من مناطق العراق . لكن أمريكا تهب فقط للدفاع عن المصالح الأمريكية هذه هي أخلاقية وآزدواجية حكامها.
فمن إحتلال العراق إلى تقسيمه. ثم وضع إيران وسوريا تحت الحصار والتهديد المستمر لهما لأنهما لاتقران ببيت الطاعة الأمريكي. و تسعى دوما لوضع يدها مع أيدي العملاء الداعمين للإرهاب لمحاربة الإرهاب.!!!
لقد أعلن لافروف وزير الخارجية الروسي إن الغرب الذي يدعي مكافحة الإرهاب يشتري نفطا من منظمات إرهابية في ليبيا. ولا يمكن لوزير خارجية دولة كبرى أن يطلق مثل هذه الإتهامات إذا لم يملك الأدلة التي تثبت ذلك . وهذا الأمر الخطير يؤكد إزدواجية الغرب الذي يدعم الإرهاب من جهة ويحاربه من جهة أخرى من أجل منافع مادية يحصل عليها من جهات إرهابية.
إن الداعمين للإرهاب الذين ينعقون في فضائية الجزيرة وغيرها، ويشككون في قدرة الجيش العراقي والحشد الشعبي الذين آلوا على أنفسهم لتحرير وطنهم من الدواعش القتله . يتمنون أن تسيطر داعش على العراق برمته. لإفشال العملية السياسية.ولإعادة العراق إلى الحكم الدكتاتوري البغيض بمساعدة بعض القوى الداخلية التي وجدت في داعش طريفا للأبتزاز لفرض شروطها في تأليف الحكومة العراقية الجديدة.
أن هذه العروش الغارقة في طائفيتها والتي صدرت الإرهاب للعراق الذي سفك دماء عشرات الآلاف من العراقيين ، وأشهرت العداء المطلق له منذ سقوط الصنم وليومنا هذا .وهي تحظى بالحماية الأمريكية التي لم تطلب منها حتى إقامة علاقات دبلوماسية معه في الوقت الذي تربطها علاقات سرية وعلنية مع الكيان الصهيوني . هذه العروش المتهرئة لا يمكن أن تكون شريكا حقيقيا في مكافحة الإرهاب الداعشي وإن تقديم عدة ملايين من خزائنها القارونية ( لمكافحة الإرهاب ) هو ذر للرماد في العيون. في الوقت الذي يتخرج من مناهجها الدراسية ومساجدها المئات من هؤلاء الإرهابيين.
إن كل الحقائق تثبت بأن حكام آل سعود وآل ثاني وآل خليفه ومن على شاكلتهم سيناورون للإلتفاف على أي تحالف دولي ضد داعش. وما زيارة ولي العهد السعودي سلطان بن عبد العزيز إلى فرنسا التي دعمت الإرهاب في سوريا إلا لهذا الغرض . وأول أغراضها هو تسليح مايسمى ب(الجيش الحر) و(المعارضة المعتدلة ) في سوريا ). لإبقاء نزيف الدم السوري إلى أطول مدة ممكنة، ولتحطيم ماتبقى من البنية التحتية فيها . وهي بالتالي تصب في تقوية داعش. وهي تتنقل بين العراق وسوريا.
إن الحمل الثقيل لايتحمله إلا أهله.وتحرير العراق من الدواعش سيتحقق على أيدي العراقيين الأبطال. وعلى السفارات العراقية أن تصحو من نومها ،وتهب للدفاع عن العراق في المحافل الدولية بعد هذا السبات الطويل لترتقي بمستواها إلى مستوى هذه السواعد الفولاذية من أبناء العراق الغيارى الذين حرروا آمرلي وسليمان بيك وجرف النصر ومناطق أخرى. ولا يمكن أن يتجاهل المتابع إن الكثير من التشويش حدث في أذهان المسؤولين الأمريكان والغربيين هو نتيجة ماتضخه ماكنة الدعاية المضادة للعراق وضعف الدبلوماسية العراقية السابقة التي كان يرأسها هوشيار زيباري الذي لم يكن مستواه بمستوى سفير. إن ملحمة الدفاع المقدس والإنتصارات الباهرة التي يحققها أبناء العراق الغيارى من حشود شعبية وجيش أثلجت قلب كل إنسان حر شريف في هذا العالم لأنهم يدافعون عن الحق ضد الباطل . ويخطون بدمائهم أشرف معركة مقدسة ضد عدو ظلامي جاهلي شرير. إنه كفاح الشعوب من أجل كرامتها وحريتها. و قد أغاضت هذه الهبة الشعبية العارمة التي دعت إليها المرجعية الرشيدة الأنظمة الرجعية ومحطاتها الطائفية التي تضمر الشر للعراق. فراح الحقد الطائفي البغيض يأكل قلوب أصحابها والناعقين فيها وأخذ الإعلام المعادي للعراق يتخبط في بث سمومه ضد الحشد الشعبي. لقد باتت نهاية داعش وهزيمتها المنكرة على الأبواب بإذن الله بفضل سواعد العراقيين المؤمنين الأبطال وإن غدا لناظره قريب.
بسم الله الرحمن الرحيم:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ.) محمد -7
مقالات اخرى للكاتب