لا أدري إن كنت بحاجة الى تهنئة أم مواساة، فقبل يومين رُزِقتُ بتسعة توائم. تسعة ذكور جاؤوا الى الدنيا دفعةً واحدة. كنت أعلم بأن ثمة توأم في الطريق ولكن زوجتي و طبيبتها اتفقتا أن يبقى العدد سراً دعماً لعنصر المفاجأة. ولأن الأمور لم تسِر كما أردنَ لم أتفاجأ ولم أُسعَد، بل أصابني الذهول والصدمة حين أخذتني الممرضة الى صالة الخدّج وهي تشير بكلتا يديها: تفضل سيّد آزر صرت أباً لكل هؤلاء. تسعة صبية يشبهون القطط الصغيرة بلا شعر، ساكنون بلا حركة الا أوسطهم أسميته عدس لأنه يشبه لحد بعيد عتوي بيت اشنيّن، عدس. عدسي الصغير يتحرك ببطئ شديد ويرفع أحد أصابعه الناعمة بوجهي كأنه يريد أن يقول: هذا لك يا بابا. المسكين كان كثير الغازات فلم يمنع بطنه من اطلاق البالونات في حضرتي مرحّباً بي على طريقته: طيييط لك يا بابا. لم اكترث لحركات عدس فالصدمة مازالت تحتل عقلي. أحضرت كرسياً كان يقف عند الباب وصعدت فوقه لأخطب في قططي التسع: أيها الصغار اسمعوني جيداً فلن أكرر ما أقول. لقد قررت الا أفعل بكم ما فعلته بأخوتكم من قبلُ حين تركتهم يعيشون في بلاد الغربة هذه، فبلدكم، العراق أولى بكم. لقد صار بلداً ديمقراطياً جداً يمارس فيه أعمامكم وأخوالكم الديمقراطيّة كل أربعة أعوام، يختارون من يشاؤون كما عباد الله. أهلكم يا فِراخي اختاروا لكم هذه المرة رجال دولة يحفرون الصخر من أجل الوطن. لقد هاتفوني غير مرة أنهم كنسوا الفاسدين من جادة وطنكم و رشّوها بالماء من أجل استقبالكم. لذلك سأدفع بكم الى هناك حيث الحرية والأمان والعزم والبناء ولن أبقيكم نهباً لسرطان الغربة.
- طييييييييييط ، أطلقها عدس طويلةً هذه المرة وكأن كلامي لم ينل استحسان هذا العتوي المشاكس.
انتبهت لأجد نفسي نائماً في صالة الأنتظار وسط مطار أوسلو، واللوحة أمامي تشير بأن الرحلة ٣٦٠٧ المتجهة الى بغداد قد أقلعت. وضعت علكةً نرويجيّةً في فمي، ثم حملت حقيبتي وعدت الى شقتي الباردة.