بغداد – أختزلت الأزمة السياسية العراقية تنازليا من محاولة معارضي نوري المالكي إقالته وسحب الثقة البرلمانية عنه وعن حكومته الناقصة من الوزراء الأمنيين، إلى إستجوابه امام البرلمان في بداية الفصل التشريعي الذي بدأ أمس السبت، ومن ثم تحولت من الإستجواب إلى الإستضافة في البرلمان العراقي وتبادل الضحك والقبلات أمام الكاميرات وينفض مولد الأزمة بأنتظار أزمة جديدة.
ويرى المراقبون أن الدعم الذي حصل عليه المالكي من إيران والولايات المتحدة الأمريكية، والضغط الذي تمارسه هاتان الدولتان على الأطراف السياسية، جعل خصومه يسيرون بمطالبهم على خط تنازلي وتحجيم المطالب إلى نقطة أنطلاق الأزمة قبل أن تتصاعد وتنمو.
وأكد مراقبون أن وفد مكتب نائب الرئيس الامريكي جوزيف بايدن المسؤول عن الملف العراقي، المتواجد حاليا في العاصمة العراقية بغداد، توصل إلى أتفاق شامل مع كتلة التحالف الوطني على البدء فورا بتطبيق الخطة (ب) لتشكيل حكومة اغلبية سياسية، في حال فشل استضافة المالكي أمام مجلس النواب، وإصرار أطراف اجتماع اربيل على المضي بالاستجواب وسحب الثقة عن نوري المالكي.
وقالوا ان مشاورات مكثفة مازالت تجرى في المنطقة الخضراء بين ممثلين عن التحالف الوطني ومبعوثين رفيعي المستوى من مكتب بايدن، لحل الخلافات ما بين المتخاصمين السياسيين وفقاً لسيناريو وضعته لجنة الأزمة في مجلس الأمن القومي الأمريكي، الذي يضم شعبة خاصة بالعراق.
وأشاروا الى ان الموقف الأمريكي أبلغ لكل أطراف اجتماع اربيل، في اتصالات هاتفية أجراها بايدن شخصياً مع رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني، ورئيس القائمة العراقية اياد علاوي، بأن الخطة ستكون من 3 خطوات، الأولى استضافة المالكي بدلاً من استجوابه، وإعلانه تعهدات مكتوبة لتطبيق اتفاقي اربيل 2010، الذي شكلت بموجبه حكومته، والبيان الصادر عن الاجتماع التشاوري في اربيل والنجف الأشرف، بعدها يصار الى عقد الاجتماع الوطني للإعلان عن أسماء وزراء الحقائب الأمنية لاسيما وزارة الدفاع، بعد أن طلب الجانب الأمريكي من زعيم القائمة العراقية اياد علاوي ترشيح ثلاثة أسماء جديدة لم ترشح سابقاً لتسمية احدهم وزيرا للدفاع، والإعلان عن حزمة إصلاحات سياسية وخدمية، ينتهي بعدها الاجتماع الوطني الى دعم حكومة المالكي بوصفها حكومة "شراكة وطنية".
واضاف المراقبون "تأتي الخطوة الثالثة في حالة عدم توقف أطراف اجتماع اربيل عن السعي لاستجواب المالكي وسحب الثقة منه، فيصار الى تشكيل حكومة أغلبية سياسية، تضم التحالف الوطني، ونواب من القائمتين العراقية والتحالف الكردستاني، فضلاً عن القوائم الصغيرة التي انفصلت عن كلتا القائمتين، وتكون لها الأغلبية البرلمانية بما يتجاوز المائتي مقعد من مقاعد مجلس النواب العراقي البالغة 325 مقعداً".
وشددت المصادر على أن قيادات التحالف الوطني أكدت خلال محادثاتها مع الوفد الأمريكي بأن هذه الخطوات الثلاث تمثل أقصى ما يمكن التوصل اليه لتسوية الخلافات السياسية حالياً، بانتظار الانتخابات التشريعية المقبلة، والحل الآخر الذي يطرح في هذه المرحلة يتطلب حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، فرد عليه الوفد الأمريكي بالقول "وهذا يعني عودة قوية للمالكي الى السلطة بما يخلق انقسامات أكثر شؤماً على مستقبل العراق السياسي".