بغداد – أنتهت الجلسة الأولى من الفصل التشريعي الجديد للبرلمان العراقي هادئة ومن دون أية نتائج تعبر عن الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد اليوم. الا أنها أفرزت مواقف الكتل السياسية المتباينة، خصوصا فيما يتعلق بقضية سحب الثقة عن نوري المالكي أو أستجوابه في البرلمان.
ففيما نفى ائتلاف دولة القانون التطرق للأزمة السياسية، أكد أن مشروع سحب الثقة عن المالكي قد باء بالفشل، وأن وجود أي ملف يدين المالكي، إنما يدين جميع الكتل السياسية، لأنها تشترك معه في اتخاذ القرار داخل مجلس الوزراء.
وفي الوقت الذي نفت دولة القانون إمكانية إتمام مشروع سحب الثقة عن المالكي، أشارت الى أن الانسجام الموجود في مجلس الوزراء، مفقود في مجلس النواب، كاشفة عن اتفاق الكتل السياسية مع هيئة الرئاسة على التصويت على قانوني المحكمة الاتحادية ومجلس القضاء الاعلى خلال الأسبوع المقبل.
وأبدى التحالف الكردستاني استغرابه لطرح مسألة سحب الثقة عن رئيس البرلمان أسامة النجيفي في نفس الوقت الذي تحاول فيه أغلب الكتل السياسية سحب الثقة عن الحكومة، عادا تلك المحاولة مراوغة سياسية. في حين أكد نواب عراقيون أن جمع تواقيع لإقالة النجيفي ورقة شبه محروقة الهدف منها لفت الأنظار عن سحب الثقة من المالكي.
وقال النائب عن التحالف الكردستاني مؤيد الطيب عن إن "طلب عقد جلسة استثنائية لمجلس النواب لمناقشة التعدي على صلاحيات الحكومة محاولة لكسب الوقت والتأثير في الجهود الساعية إلى سحب الثقة من الحكومة"، موضحا ان" مجلس النواب هو من يستجوب السلطة التنفيذية أما الحكومة فمن حقها الطعن بالقوانين التي يصدرها المجلس".
واتهم النائب عن كتلة "الأحرار" الممثلة للتيار الصدري، محمد رضا الخفاجي بعض الكتل بتشتيت الانتباه عن سحب الثقة من المالكي، من خلال إثارة ملفات أخرى.
وقال الخفاجي في بيان صحافي أن"بعض السياسيين، بدأوا في الفترة الأخيرة، إثارة ملفات تشتيت الانتباه عن سحب الثقة من رئيس الوزراء، مثل جمع تواقيع لإقالة النجيفي، ورفع الحواجز الكونكريتية عن مجلس النواب، والطعن بعضوية بعضهم".
وأضاف أن "هذه الأوراق شبه محروقة، الهدف منها لفت الأنظار عن القضية الرئيسية وهي حجب الثقة عن رئيس الوزراء".
وفيما أعربت القائمة العراقية عن أن طلب سحب الثقة عن النجيفي هو أمر دستوري تتعامل معه بإيجابية، كي تعلم "حزب الدعوة" مفهوم الديمقراطية، أكدت أنها ماضية في موضوع سحب الثقة عن المالكي، والاطاحة بحكومته دستوريا، كاشفة أن المحكمة الاتحادية حكمت لصالحها فيما يتعلق باستجواب وزير التعليم العالي والبحث العلمي علي الأديب.
وقال النائب عن ائتلاف دولة القانون عباس البياتي إنه "تم الاتفاق في اجتماع هيئة الرئاسة مع رؤساء الكتل على تحديد سقف زمني نهائي لمدة اسبوع من أجل توافق الكتل السياسية على قانون المحكمة الاتحادية وقانون مجلس القضاء الاعلى"، مشددا على "ضرورة أن تأتي الكتل بتصور نهائي من أجل التصويت على القانونين في الاسبوع القادم عندما ينعقد المجلس".
وأشار البياتي الى أن "اجتماع هيئة الرئاسة السبت ناقش قانون مجالس المحافظات، حيث تم التأكيد خلاله على ضرورة إكماله وتقديمه للتصويت، لأن قراءته الاولى والثانية قد تمت"، منوها إن "اللجنة القانونية أنجزت التعديلات اللازمة، ونحن بانتظار تقديمه خلال هذا الأسبوع أو الأسبوع القادم للتصويت عليه".
ولفت النائب عن دولة القانون، إن "الاجتماع لم يتطرق الى أي إشكالية سياسية، ولم تنعكس فيه الأزمة على الاجتماع، بل كانت هناك دعوة الى ضرورة الحرص على وحدة المجلس، والتأكيد على إعطاء هذا الفصل الأولوية للقوانين الدستورية والقوانين الخدمية".
بدوره، ذكر محمد الصيهود النائب عن ائتلاف دولة القانون، أنه "لو سلمنا جدلا ان ما يجري من محاولات لاستجواب نوري المالكي هي ممارسة ديمقراطية، فلماذا لا يذعنون الى الديمقراطية بعد أن فشل مشروع سحب الثقة من الحكومة نتيجة عدم حصولهم على الأصوات الكافية التي تمكنهم من تحقيق ذلك"، نافيا "وجود ملفات تدين المالكي في مسألة الاستجواب التي ينادي بها البعض، وحتى لو توفرت مثل تلك الملفات، فإنها تخص الكتل السياسية ذاتها، على اعتبار أن الحكومة كابينة واحدة تتكون من كل الكتل السياسية، وإذا أرادوا التحدث عن الجانب الخدمي، فإنهم يتحدثون عن وزرائهم، وهكذا اذا ما أرادوا التحدث عن الجانب الأمني، وبالتالي فإن كان المقصود هو شخص المالكي، فهذا بحث آخر".
ورأى الصيهود "عدم وجود إمكانية لاستجواب رئيس الوزراء اطلاقا، حيث أن موضوع سحب الثقة عن الحكومة أصبح في خبر كان"، مؤكدا "نحن لا نتخوف من موضوع الاستجواب، ولو كنا متخوفين، لما طلب المالكي عقد جلسة استثنائية وعلنية للبرلمان، من أجل توضيح أسباب وتداعيات الأزمة الحالية".
وأضاف إن "مجلس الوزراء متجانس الى أبعد الحدود، ووزراء الكتل السياسية مجتمعون، وهذا ما قاله رئيس الوزراء في أكثر من مناسبة، والدليل على ذلك هو انعقاد مجلس الوزراء في عدد من المحافظات ووجود الرغبة لديهم لتقديم الخدمة، وبالتالي فإن ما هو موجود في مجلس الوزراء، غير موجود في البرلمان العراقي"، منتقدا "أداء رئيس البرلمان أسامة النجيفي، فهو لم يكن حياديا تجاه الكتل السياسية وتجاه المكونات الموجودة في البرلمان العراقي، ولذا فنحن نريد أن نسحب الثقة عنه، على عكس رئيس الوزراء الذي كان رئيسا لمجلس الوزراء، فكل القرارات تتخذ بالإجماع، وأن هناك توافقا وانسجاما داخل الكابينة الوزارية".
من جهته، قال شوان محمد طه النائب عن التحالف الكردستاني، إنه "كان لدينا مشاريع كثيرة، منها مشاريع قابلة للقراءة الأولى والثانية، وكذلك مناقشتها بكل جدية، لكننا لا نخفي وجود مشاكل سياسية مستعصية، ولا يجوز لنا كبرلمانيين أن نترك جميع المشاريع في أروقة لجان البرلمان، فقد كانت جلسة اعتيادية حاولنا خلالها أن نكون بعيدين عن التأثيرات والمشاكل السياسية".
وأضاف طه "نحن نستغرب من طرح قضية سحب الثقة عن النجيفي في مجلس النواب، لأن هذا يعد مراوغة سياسية، كون أغلبية الكتل السياسية ماضية في عملية سحب الثقة من نوري المالكي، بسبب المشاكل الكثيرة التي حدثت ولم يعد أمام الكتل السياسية الا اللجوء الى عملية سحب الثقة عن الحكومة، لكون ائتلاف دولة القانون غير جدي في حلحلة المشاكل العالقة"، لافتا الى أننا "خلال الاسبوع القادم سنقدم الى البرلمان طلبا رسميا باستجواب رئيس الحكومة، ومن ثم سحب الثقة عنه".
أما حيدر الملا المتحدث باسم القائمة العراقية، فقال أننا "سنعلم حزب الدعوة درسا في فهم الديمقراطية، وسنتعامل بكل ايجابية مع اي طلب يقدم بأي اتجاه، ونحن نحترم الدستور، ونحترم الخيارات الدستورية، ولكن على الاطراف الاخرى أن تفهم الديقراطية باتجاهين، وليس باتجاه واحد، وعندما تخدم مصالحها تكون ديمقراطية، وعندما لا تخدم مصالحها تكون دكتاتورية"، مؤكدا "نحن نحترم قرار قبة البرلمان سواء بإقالة رئيس مجلس النواب، او باستجواب رئيس مجلس الوزراء أو سحب الثقة عنه".
وتابع الملا "نحن نعتبر طلب ائتلاف دولة القانون بإقالة النجيفي، طلبا دستوريا وسنتعامل معه بمنتهى الايجابية، ولكن عليهم ان يفهموا أن طلبات سحب الثقة عن رئيس مجلس الوزراء، تركن الى الدستور، وليست تآمرا كما يوصف من قبل بعض الاطراف"، لافتا الى أن "المحكمة الاتحادية قد حكمت لصالحنا في قضية استجواب علي الأديب لكن من أنقذه هي العطلة الفصلية، ونحن في هذا الفصل الجديد سنستجوب الأديب، معتقدين أن سحب الثقة عن المالكي سينهي الكابينة الوزارية بأجمعها، ومن ضمنهم علي الاديب".