اشك بان المالكي لم يكن فاسدا قبل سقوط صدام حسين بمعنى انه عندما كان في سوريا كمسؤول عن مكتب حزب الدعوة الاسلامية فانه لم يعرف عنه اختلاسه للاموال الحزب سواء التي كانت ميزانية للحزب او التي ترد كهدايا ومنح وتبرعات واعتقد بان ارسال بعض المساعدات الشخصية له من البعض في السويد كان دليلا على عفة يده انذاك عن اموال الدعوة وهذه النزاهة لا تعني انه لم يكن ممثلا فاشلا لاكبر حزب سياسي اسلامي له تاريخ مشرف واساتناول فشله في مقالة اخرى .
عاد المالكي مع اخوانه الدعاة بعد سقوط الطاغية ومن موقعه كرئيس للجنة الامن و الدفاع في البرلمان العراقي اختارته الولايات المتحدة الامريكية رئيسا للوزراء بعد ان اصبح وجود ابراهيم الجعفري غير مقبول اطلاقا لاسباب عدة وحسب قول خليل زادة السفير الامريكي فان ملف المالكي عند المخابرات الامريكية يشير الى نزاهته وكونه كان في سوريا وليس في ايران فقد شجع الادارة الامريكية على طرح اسمه واخذ الموافقة الايرانية عليه وبالتالي اعلن تنصيبه رئيسا للوزراء . ( ملاحظة مهمة : كون المالكي لديه ملف في المخابرات الامريكية لا يعني على الاطلاق كونه عميل للمخابرات الامريكية لا سمح الله ولكن المخابرات لديها ملفات عن جميع السياسيين وهو عمل مخاراتي تمارسه كل الاجهزة لذلك اقتضى التنويه وحتى لا يتصيد احد في الماء العكر ) .
استلم المالكي منصب رئيس الوزراء وهو غير مصدق تماما كون وضعه السابق كان محدود جدا بالتعامل مع الاخرين اضافة لكون منصبه في حزب الدعوة لم يكن موازيا لموقع اخوانه في المكتب السياسي من حيث الاهمية و الاطلاع والعلاقات وبالتالي كان يشعر على الدوام بانه اقل منهم مرتبة وموقعا ومكانة وبالتالي بمجرد ان تولى منصب رئاسة الوزراء فانه وضع خطط توليه الامانة العامة للحزب بحيث يضع يده على امور الحزب كافة وبالتالي تكون له الكلمة الفاصلة في قرارات الحزب ومنها انطلق لينهي دور الحزب تماما كونه الامين العام وهو من يقرر مواعيد اجتماعات الحزب والتي لم تحدد لانه لم يكن على استعداد مواجهة اخوانه الاخرين الذين يفقونه تاريخا وخبرة وعطاءا .
المرحلة الثانية انه احاط نفسه ( اي مكتب رئيس الوزراء ) بمجموعة لديها أمية سياسية ونهم للمال والسلطة ممن هم كوادر بسيطة جدا في الحزب ( عدا الدكتور طارق نجم مدير مكتبه و الذي ترك المكتب بعد ان اصبح احمد ابن المالكي هو الامر الناهي ) وهذه المجموعة استطاعت نتيجة جهلها واميتها وفقر الحالة المادية التي كانت تعيشها ان تجعل من المالكي يشك بكل الاخرين من انهم يريدون الاطاحة به وتولي منصبه فاصبح لا يعتمد الا عليهم ووضع كل الاخر موضع الشك و الريبة وبالتالي كانت سياسته ابعاد كل متخصص وكفؤ ومن له تاريخ جهادي مشرف كما انه قرب البعثيين معتقدا بان خبرتهم السابقة ستساعده خصوصا وانهم لن ينافسوه كاعضاء حزب الدعوة فصار محصورا بجهلة واميين وانتهازيين ومجرمين بعثيين.
من موقع الشك و الريبة والانبهار بموقع رئيس الوزراء من منصب ومكتب ومسؤوليات وامتيازات وحمايات ولقاءات مع رؤوساء العالم المشاهير في السياسة التي عاشها المالكي دخل باب الفساد و الافساد من اوسع ابوابه بكل اسف وسيخرج بعد ايام وهو انسان فاسد ومفسد ( فاسد وظيفيا وليس ايمانيا لان الايمان علاقة بين الانسان وربه ) .
فسد المالكي عندما صدق المجموعة التي تحيط به و التي كان همها ليس نجاح المالكي سياسيا ولكن الحفاظ على مواقعها اطول فترة ممكنة و الاستفادة من مناصبهم بجني الاموال من خلال تدخلهم بالمناقصات و التعهدات و المقاولات والاتفاقيات ، فسمح لافراد عائلته باستغلال منصبه من اجل تدخلهم بامور لا تعنيهم ( الامور الادارية داخل المكتب ) واصرارهم على الدخول في معاملات مالية لتعويض حالة الفقر و العوز المادي التي كانوا يعيشونها في سوريا وبالتالي اصبحت عائلته ( الذكور من الابن و النسيب وابن العم ) هم الواسطة بين المالكي وكل السياسيين الاخرين وهو ما اساء للعلاقة التي يجب ان تكون بين رئيس الوزراء وسياسي البلد وهنا ضظهر جليا فساد المالكي في انه سمح لابنه ونسباءه وابناء عمومته لان يسيطروا على موقع رئيس الوزراء و ( يخيطوا ويخربطوا ) كونهم جهلة سياسيا ومتعطشين للمال .
اما كيف سيترك المالكي منصبه وهو مفسدا بعد ان اصبح فاسدا فلانه سيترك منصبه وقد ساهم بفساد مجموعة ليست بالقليلة من الموظفين الانتهازيين الفاسدين اداريا وماليا حيث انه عينهم بمناصب كبيرة رغم علمه بانهم ليسوا اهلا لها فهم ليسوا باكفاء وليست لديهم خبرة وليست لهم دراية باي عمل اداري كونهم كلهم لم يمارسوا اعمالا من قبل ولكنه قربهم واعتمد عليهم واطلق يدهم بنهب الاموال بطرق رسمية وغير رسمية لسبب واحد وهو انه على يقين بانهم سيكونون طوع بنانه في اي لحظة لانه ولي نعمتهم في مناصب لم يستحقونها ابدا وبالتالي كان عليهم مسخ شخصيتهم ليكونوا انتهازيين حد افقادهم لانسانيتهم من اجل اثبات ولاءهم له وبالتالي افسد اشخاصا كان يمكن ان تبقى على بساطتها وشخصيتها المتواضعة ولكنه اغراهم بالمال و المنصب كونه شكك وارتاب من الاخرين بسبب كونه عديم الثقة بنفسه ولو كان واثقا من نفسه ومعتقدا بانه اهلا لمنصب رئيس الوزراء لكان قد استعان بالخبرات و الكفاءات سواء الذين كانوا اعضاءا في حزب الدعوة او المؤيدين والمتعاطفين مع الحزب ولكن كان المنصب كبيرا جدا على شخصية نوري المالكي فافقدته توازنه فخسر نزاهته وفسد شخصه وافسد الكثيرين بكل اسف .
تصور عزيز القارئ ان ابن المالكي له سطوته الادارية و السياسية و العسكرية ونسيبا المالكي لهما نفوذهما وسطوتهما وابنه عمه الذي عمل في قوات الحماية ومن ثم اصبح امرا ناهيا وهم كلهم الان (عدا احمد ) اصبحوا نوابا في البرلمان الجديد فهل هناك اكثر فسادا من هذا الحال ؟ او ليس سماح المالكي لهؤلاء لان يصلوا الى هذه الدرجة من العنجهية و التطاول وسرقة الصلاحيات افسادا ؟
سيخرج المالكي من منصبه غير ماسوفا عليه على الاطلاق وسيحزن فقط من هم افراد عائلته واقرباءه وجوقة الانتهازيين والاميين فيا لسوء العاقبة .
مقالات اخرى للكاتب