كنت من بين الأوائل الذين توقعوا، بعد إعدام صدام بسبب مجزرة الدجيل الأولى، إن البلدة ستحظى برعاية خاصة تعويضا لما قدمه أهلها من ضحايا، ولما عانوه زمن النظام المباد . ولأن حزب الدعوة الحاكم يعتبر ما حدث للدجيل المنكوبة في زمن صدام، جزءا من "نضالاته"، توقعته ان يهتم بها كما اهتمت حكومة إقليم كردستان بحلبجة. معلوماتي تقول ان المالكي لم يزرها لحد اليوم مثلما يزور طويريج باستمرار. لكن الإرهابيين كانوا أكثر "حنيّة" منه إذ لم يفوتوا فرصة عزاء أو عرس إلا و"باركوه" برشة دم. سؤال لوجه الخضراء لا لوجه الله: هل فقد أهل الدجيل في زمن صدام، من أبنائهم وبناتهم وأطفالهم وشيوخهم ونسائهم، أكثر مما فقدوه في زمن المالكي؟ أشك بذلك جدا.
أريد أن أطرح أسئلة حيرتني:
•
لماذا يستهدف الإرهابيون أعراس أهل الدجيل أكثر من مرة، والحكومة لم تتخذ إجراء وقائيا واحدا لحمايتهم؟
•
لماذا تقام الأعراس في الخضراء على مدار الساعة، ولا زفّافة قتلوا ولا عريس تمدد، ولا عروس تحنّت ضفائرها بالدم؟
•
لماذا لم يغضب أهل الغربية على ما حدث لموكب عرس الدجيل الذي تعرض إلى هجوم إرهابي يوم الخميس الفائت راح ضحيته 27 قتيلا وجريحا.. مثلما لم يغضب أهل الجنوب من أجل مجزرة الحويجة؟
•
لماذا تسبح أعراس الدجيل بالدم ومختار عصرها يقوم بزيارة للهند قد يكون سببها البحث عن عشبة مباركة "تقوّي الظهر" كي يثبت على كرسي السلطة من دون أعراض جانبية؟
•
لو كان هذا عرس واحد من أبنائهم وحدث له ما حدث في عرس الدجيل، هل سيسافر "جارنا" من الأساس، وألم يكن ليقطع زيارته ويعود حتى ولو على ظهر "دابة"؟
أما أنت يا مدينة الدجيل، يا أم أعراس الدم والخوف والموت، ها هو صوت أم عريسك المذبوح يعيد لذاكرتي صوت الأم في مسرحية "عرس الدم":
هنا سأبقى مقيمة هادئة مطمئنة فكلهم ماتوا.. أما أنا، فقد انتهى كل شيء بالنسبة إليَّ. وسأعمل من رقادي حمامة باردة من العاج تحمل أزهار الكاميليا الندية إلى المقبرة. المقبرة؟! لا بل مثوى من تراب يحميهم ويهدهدهم في السماء.. وأنا لا أريد أن أرى أحدا. فقط الأرض وأنا. دموعي وأنا. وهذه الجدران الأربعة... أوّاه!
آآآه .. يالولد يمّه ولك آه ..
انت الأمل ظليت أتاني الزمن .. لن اعله ثوب العرس تلبس جفن
اتنيت الزمن والامل وينه؟ .. يبني انخطف لوني
ودعتني شبعد؟ .. انتظر يا وعد؟
رايح .. رايح من عيوني
مقالات اخرى للكاتب