أخيراً أصبح لزاماً علينا أن نبحث عن تعبير آخر غير (( الزواج الكاثوليكي )) لوصف العلاقات الغير قابله للفصل و الأنفصال، فبعد القرارات التقدميه الأخيره للبابا الأصلاحي " فرانسيس "، و التي سهل فيها كثيراً إجراءات طلاق الزواج الكنسي، لم يعد جائزاً استخدام (( الزواج الكاثوليكي ))، و ربما سيشيع أستخدام تعبير (( دهن و دبس !!!!!! )) عوضاً عنه.
العراقيون قومياً أصولهم من خمس قوميات رئيسه، هي الكلدان والآشوريون و التركمان و الكورد و العرب، و أقليتين سريانيه و أرمنيه. و دينياً يعتنقون خمس ديانات رئيسه، هي الأيزيديه و الصابئه المندائيه و المسيحيه - بأختلاف طوائفها - و السُنيه - بأختلاف مذاهبها - و الشيعيه الجعفريه، و أقليات من الكاكائيه و البهائيه و العليلاهيه و النصيريه و عدد قليل من اليهود.
أثبتت أحداث العقدين و نصف الأخيره أن لا مكان لا للوحدات و الأتحادات القسريه بين الأمم و الشعوب، و علينا أن نستفيد من تجارب تفكك الأتحاد السوڤيتي و يوغسلاڤيا و چيكوسلڤاكيا، و قبلها الهند - باكستان و ماليزيا - سنغافوره و باكستان - بنگلاديش و تيمور الشرقيه - أندونيسيا و أخيراً و أحدثها جنوب السودان - السودان، و لا للأنفصالات القسريه بين الأمم كما في الوحده الألمانيه و لاحقاً كما سنرى في الوحده الكوريه و بعدها الوحده الكورديه.
ما علينا أن نعيه و نفهمه و نقتنع به قناعه حقيقيه راسخه نحن عرب العراق، هو إن أستقلال الأُمه الكورديه و من ثم وحدتها هو حتميه تاريخيه، لا تنتظر موافقة العرب و الأتراك و الفرس عليها، لأن الحتميات التاريخيه لا تنتظر موافقة أحد أو جهه ما، و لكنها تباغت الجميع و تكتسح كل العقبات أمامها كما التسونامي.
لقد برهنت ثورات الكورد العديده على الحكم العربي العنصري الطائفي في بغداد خلال نظاميه الملكي و الجمهوري و في جميع العهود السياسيه، إن هضم حقوقهم القوميه التي أقرتها أتفاقية سيڤر عام 1920، و إنكار هذه الحقوق الأنسانيه المشروعه في أتفاقية لوزان عام 1923 لن يمر، و سيقاومه الكورد و هُم أُمه مُحارِبه من أكثر من 40 مليون أنسان جيلاً بعد جيل، و لن يملوا و لن يَكِلوا من تقديم التضحيات الغاليه، حتى تحقيق أمانيهم القوميه المشروعه في دولتهم الحره الموحده لكوردستان الكبرى كما هي باقي أمم العالم جميعاً بما فيها أمم لا يزيد عدد سكانها عن 10 آلاف نسمه.
ما ينطبق على شعوب العالم المتحضره و أممه التي تحيا لمستقبلها لا يجوز أن يُطبق على شعوب هذه المنطقه المتخلفه المُعَوَّقه في عقلها الجمعي كنتيجه لسيطرة ثقافة الخرافه و الخزعبلات، هذه الشعوب التي مازالت تعيش في ماضيها السحيق و ترفض بعناد " الصخول " أن تغادره، لقد أنتخب الأميركان باراك حسين أوباما رئيساً و لولايتين أفحاماً لمن قال إن فوزه في الولايه الأولى كان فلتة شوط، و أنتخب الرومان ألمانياً لرئاستهم و نحن شعوب مازال " أسم " الأنسان الذي كرمه ألله و جعله خليفته على الأرض يتسبب بذبحه على طريقة الديانتين السُنيه أو الشيعيه.
و أنا أتابع أخبار ضحايا التفجيرات اليوميه و شهداء القوات المسلحه و الحشد الشعبي و البيشمرگه في قتالهم البطولي ضد مجرمي عصابة داعش الأرهابيه أتذكر مشروع نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن لتقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم و أسأل نفسي كم يجب أن نخسر من الضحايا و الشهداء و كم جيش يجب أن نشكل من الأيتام و الأرامل و المعوقين لنفكر أخيراً جدياً في مشروع بايدن.
ليس من باب أدعاء الحكمه بأثر رجعي و لكن لو كنا قد أستمعنا ل " نصيحة " بايدن هل كان جرى كل الذي جرى و هل كنا خسرنا كل هذه الخسائر الهائله و التي لا يمكن حصرها و هل كان حالنا بهذا السوء و الأنحطاط، ثم كم فلس " يسوه " العراق بلا عراقيين، و هل يستحق الحفاظ على ما قرراه مستر " سايكس " و مسيو " بيكو " عام 1916 كل هذه التضحيات و الشهداء و الأرواح البريئه و هل ما قرراه قرآنٌ مُنْزَل لا يأتيه الباطل لنتمسك به كل هذا التمسك و بأصرار غريب.
و عليه فإن مشروع بايدن " النصيحه " هو ليس مؤامره أميركيه صهيونيه ماسونيه إمبرياليه خنفشاريه و لكنه وصفه واقعيه و إن كانت مُره علقم لعلاج جنوننا الطائفي و تعصبنا الديني و العنصري الأعمى البغيض و لنبدأ تطبيقه بالخطوه الأسهل و هي تقنين الواقع الحالي لأقليم كوردستان و شرعنة أستقلاله بأنفصالنا عنه نهائياً بموافقة القياده الكورديه أو عدمها و حل الأشكالات العالقه على ما يسمى المناطق المتنازع عليها بالحوار و بالحوار فقط دون تَنَمُر في موقفنا بسبب كثرتنا و قلتهم و لكن على أسس منطقيه عادله و بأجراء أستفتاءات في هذه المناطق و أعتماد نتائجها لتحديد هويتها فهوية الأرض من هوية ساكنيها.
الخطوه التاليه و التي لا ضير من أن تكون متزامنه مع الأولى هي في سحب قوات الحشد الشعبي التي يُدين غالبيتها بالديانه الشيعيه الجعفريه من المحافظات التي يُدين معظمها بالديانه السُنيه الحنفيه تلافياً لحصول ما لا يحمد عقباه مع أرتفاع حدة الأستقطاب الديني في المنطقه عموماً بين الديانتين و ترك أمر تحرير هذه المحافظات للجيش و لأبنائها من مسلحي العشائر على أن تقوم الحكومه بتسليحهم بأحدث الأسلحه مع وعدهم بمنحهم حق تقرير المصير بالأنفصال التام أو أن يكون لهم إقليمهم المستقل ذاتياً كما هو حال أقليم كوردستان اليوم هذا بعد تحرير مناطقهم من سيطرة داعش و كما يحلو لهم أن يقرروه بحريه و دون ضغوط.
أنا واثق إن هذا الحل المنطقي العقلاني و الوحيد للإيقاف نزيف الدم و وقف عداد الموت العبثي للأبرياء لن ترضى عليه عصابة الحراميه السفله الأنذال من الديانتين الشيعيه الجعفريه و السُنيه الحنفيه و ذلك لأنه سيحرم الطرفين من إستمرار لصوصيتهم و سرقاتهم و نهبهم كما هم اليوم دون حسيب أو رقيب متمترسين بإثارة نعرات العداء الديني بين الديانتين و الضحك على العقول الساذجه الغبيه للغالبيه من أتباعهم.
مقالات اخرى للكاتب