يبدو تنظيم " القاعدة " الإرهابي في هذه الأيام في أوج نشاطه و ازدهاره في العراق ، وأنه عاد بشكل أكثر قوة و تنظيما وتكتيكا وجاهزية ، إلى حد بات واثقا من نفسه لدرجة يعلن مسبقا عن خططه و أهدافه الإرهابية في ضرب المواقع التي يروم مهاجمتها في عمق العاصمة و الأحياء والمناطق الشعبية الأهلة على الرغم من وجود المئات من السيطرات و نقاط التفتيش عند كل زاوية ومنعطف للشوارع والطرقات ..
و قد سبقت عودة " القاعدة " تنبيهات و تحذيرات للحكومة والأجهزة الأمنية على شكل مقالات كتبت بالعشرات ، زائدا نداءات استغاثة من المواطنين في ديالى و الموصل وبابل و منطقة النخيب و غيرها تطالب الحكومة ومن خلالها الأجهزة الأمنية بالتحرك السريع لكون عناصر " القاعدة " تتواجد هناك و تنفذ عملياتها الإرهابية هنا وهناك ضد المواطنين العُزل ، وغالبا ما يأتي الرد بعدم وجود قوات كافية ؟!!! دون أن يفهم المواطنون ماذا يفعل أكثر من مليون عنصري أمني بين جندي و شرطي و رجل أمن في العراق ، لكي يصبحوا عاجزين عن مواجهة بضعة عناصر من القاعدة تنشط في تلك المناطق بشكل علني واستفزازي ..
و اعقبت كل ذلك عمليات هروب منظمة لأخطر عناصر " القاعدة " من السجون والمعتقلات بتواطؤ مباشر وصريح من بعض المسئولين و الحراس ، بينما جرت عملية تسليم ما تبقى منهم إلى سلطات بلدانهم ليعودوا إلى العراق مجددا بعد برهة من الوقت لممارسة أعمالهم الإرهابية من جديد ..
وفي مقابل ذلك جرت عملية الإفراط بعناصر " الصحوات " *التي كانت تشكل خندقا أماميا لمواجهة عناصر "القاعدة " التي كانت أول من تنكل بهم و تقتل و تبيد حتى أفراد عائلاتهم ثأرا منهم ، لكونهم انحازوا ضدهم إلى جانب الحكومة ، وعلى هذا الصعيد يا ما جرت عمليات ذبح جميع أفراد عائلة عنصر من عناصر الصحوات انتقاما وعبرة ، زائدا تسويف الحكومة ومماطلتها في عدم دفع رواتبهم لشهور طويلة ، وتجريدهم من أسلحتهم أحيانا أخرى ليصبحوا لقمة سائغة في فم " القاعدة " ولقد كان لأحمد أبو ريشة دوره الكبير في مواجهة تمدد " القاعدة " في مناطق الأنبار و قدم في هذا المضمار ضحايا عديدين من أفراد عائلته وعشيرته وعلى رأسهم شقيقه الشهيد ..
و لم يكن من المالكي إلا أن يغدر به ويجعله خصما له / رغما على إرادته / ويجد بديلا هزيلا عنه ليضعه في محله بشخص وسام الحردان ، و النتيجة :
ها هي مناطق الأنبار تعج بفيالق وكتائب الإرهابيين وهم يحتلون مجالس بلديات تارة و مراكز شرطة تارة أخرى ، في حين مناطق عديدة باتت بحكم سيطرتهم وهيمنتهم و نفوذهم المباشر ، بينما باقي مناطق العراق الأخرى واحدة بعد ثانية تدوي يوميا بأصوات تفجيرات سياراتهم المفخخة ليعقب ذلك سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المسالمين ..
و كلنا نتذكر جيدا كيف تستر المالكي ــ وباعترافه هو ــ على كل من طارق الهاشمي و عبد الله ناصر الجنابي و أسعد الهاشمي و محمد الدايني لفترة طويلة ، وعندما تخاصم معهم هددهم بكشف ملفاتهم الأمنية و الإرهابية **، و رغم ذلك ترك الطريق سالكة أمامهم للاختفاء و الهروب إلى خارج العراق ..
ولكن الفضيحة الكبرى على صعيد تواطؤ المالكي وحكومته مع الإرهاب قد تجسدت في أجهزة كشف المتفجرات المزيفة " السونار " و الخاصة أصلا بكشف العطور !!!، والتي كشفت السلطات البريطانية زيفها وعدم صلاحيتها ، و تحديدا القضاء البريطاني الذي وحكم على بائعها بالحبس لمدة عشر سنوات ، ومع ذلك استمرت الأجهزة الأمنية العراقية بقيادة المالكي باستخدام هذه الأجهزة حتى الآن / بينما عشرات من سيارات مفخخة تمر عبر هذه الأجهزة الزائفة وتسبب بمقتل وجرح المئات من المواطنين الأبرياء ..
إذن فما هو التواطؤ الصريح و الفاضح مع الإرهاب أن لم يكن كل هذا ؟!..
ورب قائل يقول : ما هي مصلحة المالكي في تأجيج وتصعيد العمليات الإرهابية في العراق فسيكون الجواب على نحو التالي :
ــ مصلحته تكمن من وراء ذلك في تعميق التخندق الطائفي بين المكونات العراقية ، لأن التخندق الطائفي ــ المؤدي إلى التصويت الطائفي ــ هو الوحيد الذي سيساعد المالكي وغيره على البقاء في السلطة ، بعد فشله الذريع في حل الأزمات وتقديم الإنجازات الخدمية للشعب العراقي ..
هوامش ذات صلة
* لقد تستر المالكي على النهج الإرهابي لطارق الهاشمي ، منذ عهده الأول و الثاني كرئيس للحكومة العراقية ، وخاصة عندما سكت موافقا على تعيين طارق الهاشمي في أخطر منصب إلا وهو منصب نائب رئيس الجمهورية وهو يعلم بأنه ضليع بعمليات إرهابية ، و بطبيعة الحال إذا يتضح بأن طارق الهاشمي بريء من تهمة الإرهاب فسوف تكون جريرة المالكي أكبر ، لكونه قد افترى على شخص بريء ، وفي الوقت ذاته يمكن قول نفس الشيء بخصوص رافع العيساوي الذي ورد اسمه في محكمة سعودية كضليع في الإرهاب ، وفقا لاعتراف احد الإرهابيين السعوديين الذي نشرته جريدة الشرق الأوسط قبل السنوات الماضية ، ولكن مع ذلك سكت عنه المالكي لكونه كان مطيعا له ومستجيبا في بداية الأمر !..
**(وزاد رئيس مؤتمر صحوة العراق، أن "الحكومة في بغداد فتحت الباب أمام عوائل قتلى القاعدة لرفع دعاوى قضائية ضد عناصر الصحوة والقادة الأمنيين، ونفذت حملات اعتقال ضدهم، وسحبت الحماية من رجال الدين الذين كانوا معروفين بانتقادهم اللاذع لعناصر القاعدة، والوجهاء الذين يحشدون الدعم الشعبي ضد المسلحين في المحافظة"، مرجحاً أن تكون تلك "التصرفات عملاً مقصوداً لإضعاف قوات الصحوة وتصفية عناصرها في الأنبار".