كل الامم في تاريخ الانسانية تحترم بطولات ابنائها وتعتبرهم ضمير الامة الحي المعبّر عن هموها .
كنت ولا زلت اعتبر كل من قارع الطاغية المقبور وأرّق مضجعه يجب ان يعيش في ضمير الامة , وهو القادر الوحيد على الحفاظ على مكتسبات هذه الامة المنتهكة من بعض المنتسبين لها , كثيرون من تجلبب اليوم بثوب الجهاد ومقارعة ذلك البغي المجرم للحصول على مكاسب وقتية , لكن عندما يذكر الجهاد فالأذهان تتجه الى شريحة معينة هي التي اخذت على عاتقها القيادة الفعلية لتلك المرحلة وقد اوصلت الرسالة بحرفية عالية فكانت تدك مواقع النظام المقبور ليعلم ان هناك احرارا اباة للضيم يقدمون الغالي والنفيس انتصارا للمقدسات والحرمات .
لا قدسية تسمو على قدسية الدم والموقف النبيل الذي يجود به الكثير في الاوقات العسيرة , ولا يتوهم البعض انه صار مقدسا لثوب ارتداه او لمنصب تبوؤه مستغلا حالة الضبابية التي تعيشها الامة ليزيدها غموضا بموقف شخصي مبرمج من اجل استمرار حفنة من الاموال الشهرية التي تصل اليه من جهات لها ماربها التسقيطية , لا اريد ان اوجه عتبا على من خان امانة حملها ومن رجل عظيم يقدسه المجاهدون وهو يعتز بهم , فلا عتب على من باع ضميره وصار اداة من ادوات الحملات الانتخابية لهذا وذاك , وليته خاضها بمصداقية ونزاهة , بل نراه ظالما مفتريا يتنكر لتاريخ ملؤه الدماء وحاضر يشهد على النزاهة والشجاعة التي تفوقوا بها على من يسميهم المهنيين .
لم يكن خطاب احمد الصافي خطيب جمعة كربلاء بخصوص دعوته الى ان يقود الاجهزة الامنية المهنيون المصحوب بدعوة لتهميش المجاهدين خطابا نابعا من ايمان حقيقي بما يقوله هذا الرجل , فليس من المعقول ان خطيبا في مكان مقدس لا يعرف من يدير الاجهزة الامنية , وليس علينا ان نصدّق ان هذا الرجل يجهل ان مدراء العمليات كلهم بعثيون وبدرجة عضو فرقة على اقل تقدير , وان مدير عمليات جهاز المخابرات عضو شعبة سابق وضابط توجيه سياسي وان جميع قادة الفرق وامراء الافواج ومدراء الاجهزة الامنية هم من ضباط الجيش السابق واغلبهم من اعضاء حزب البعث المنحل واغلبهم له دور في مساندة النظام بل هم ايدي النظام بتصفية الشعب ودفن الاحياء بالمقابر الجماعية وضرب القباب الطاهرة للأضرحة المقدسة في كربلاء , هو يعلم جيدا لكنه دخل في لعبة قذرة وبشكل علني . وهل له ان ينكر العشرون الف ضابط امن ومخابرات الذين ارجعهم من يوجهه بتوقيع واحد ناسفا القانون والدستور ؟
على الصافي ان يسأل ويحاسب ويوجه سهامه (ان كان حريصا على الدماء حقا ) الى قائد عمليات بغداد السابق وقطعة الارض التي استلمها في المنصور , عليه ان يستفسر عن دور قائد عمليات جهاز المخابرات وقادة الشرطة والعمليات من المفسدين الصداميين الذين يشرعن سرقاتهم , يسألهم عن الدماء التي طالما استهانوا بها , كثير من هؤلاء تستر على العمليات الاجرامية واطلق سراح الارهابيون فهل للصافي من كلمة بحق هؤلاء ؟ ام ان عينه لا ترى الحق ؟
انسي الصافي ان ضباط صدام هم من يقود عمليات الاجرام في العراق اليوم , ام يعتقد ان من تربى في حجر البعث واوغلت يداه بالدماء قادر على ان يكون نزيها ؟
ان بدعوة الصافي هذه انتصارا صريحا للظلم ووقوفا غريبا مع الطغاة والظالمين , كما نجد فيها ظلما صارخا لمن افنى عمره وحياته في جهاد الطغاة من اجل ان يعيش الصافي وغيره بحرية وامان ... انه يعطل الارادات الخيرة ويكبلها بدعوات واهية .
ان منبر الحسين عليه السلام هو منارا للحرية والاصلاح , ولعمري هل يوجد اصلاحا اكثر من نبذ الطغاة القتلة المفسدين ؟ وهل يوجد ضربا لمنهج الحسين اكثر من الانتصار لمحاربي اسم الحسين وشعائره ؟ , وهل هناك حرية اوضح من مواجهة الطغاة دون خوفا وبقلوب ثابتة ملؤها الايمان والاقتداء بمنهج الحسين ؟
هل سأل الصافي حسين كامل وعلي حسن المجيد يوما عن مهنيتهم ؟ ام ان الخوف كان حائلا دون ذلك ؟ وان كان خائفا فهل يحق له ان يتكلم بحضرة من اذق الطغاة الذل و واجههم ؟
ان دعوة احمد الصافي فيها دعوة واضحة لشرعية وجود القتلة والمفسدين على رأس الهرم في قيادة القوات الامنية , علما ان هؤلاء يحملون فيروسات النظام البائد وابرزها الرشوة التي اصبحت السمة البارزة في القوات الامنية الحالية , وهنا تسقط عدالة هذا الرجل الذي من اهم مقومات وجوده في هذا المكان هي العدالة .
مقالات اخرى للكاتب