العراق فقير في العلم و المعرفة و التقنية و الصناعة و الاخلاق الحسنة. من لا يمتلك شيئا ذا قيمة يتمناه و هذا هو حال العراقيين الذين تصاعدت تمنياتهم الى حد الهلوسة. المهرجانات و المؤتمرات و الاحتفالات و المعارض و التكريم اصبحت حوادث يومية يتحفنا القائمون عليها بمهازل لا علاقة لها بالعلم و المعرفة و التقنية و انما لتبادل المكرمات و الاوسمة. بغداد عاصمة الثقافة و نسبة الامية فيها وصلت الى 50% وبذلك تكون عاصمة السخافة و ليس الثقافة. بغداد عاصمة النظافة و هي قذرة تزكم الانوف بالروائح الكريهة. بغداد تستضيف معرضا للزهور بينما نخيلها و بساتينها تكاد تختفي. بغداد تنصب تماثيل من اعمال غني حكمت في ساحاتها بدلا من تماثيل للفساد و الامية و نهب المال العام. الاجدر نقل نصب علي بابا و الاربعين حرامي الى المنطقة الخضراء مع زيادة عدد الحرامية الى اربعين الف. هذا التبذير للمال العام يقابله الاعتداء على حقوق المتقاعدين و عائلات شهداء الارهاب و اليتامى و المحتاجين. المستفيدون من هذه الفعاليات السخيفة هم قلة من الموظفين المرتشين و قلة ممن يدعون العلم و المعرفة و التقنية. احد المهرجانات التي حضرها رئيس الوزراء و غنت و رقصت فيه احدى اللبنانيات كلف وزارة لثقافة 5 ملايين دولار و رقص الحضور على وحدة ونص لأنهم حضروا سكارى و تناولوا السمك المسكوف و ما لذ وطاب من الحلويات. خمسة ملايين دولار تعني ستة مليارات دينار تكفي لإنشاء اكثر من مدرسة و دار للأيتام و للعجزة. في مجال العلم تؤسس جامعات جديدة مع ان الجامعات الحالية تفتقر الى كادر رصين و تدرّس فيها الملازم البالية بدلا من الكتب العالمية و يستمر امتحان الطالب الفاشل الى ان ينجّح. هذا بالإضافة الى التدريس الخصوصي لغرض الرشوة. في المعرفة يحتاج البلد الى كتاب و ادباء و شعراء و اعلاميين لهم قيمة معرفية لنشر الثقافة بين الناس بدلا من الاميين الذين يملئون الفضائيات و مواقع الانترنيت و الصحف. في مجال السياسة يصف رئيس البرلمان منتقدي زيارته الطائفية الى قطر بالجعير و يقابل ذلك بالنهيق و النباح. اعضاء و عضوات مجلس النواب كأنهم في حمام نسوان يسوده الصراخ و لا احد يسمع. في مجال التقنية و الصناعة العراق يستورد المسمار و البرغي و المكانس بعد ان كان يصدر الاسمنت و السماد الكيماوي و القطن الطبي و الاحذية و الملابس. في مجال الزراعة العراق يستورد البصل و الكرفس بعد ان كان يصدر التمن والحنطة و الشعير و الفواكه و الخضروات. بدلا من الفعاليات التي تغطي على افلاسنا و تكسبنا الغرور علينا ان نعترف بأننا بلد متأخر في كل شيء و ليكون هذا لاعتراف دافعا لتغيير الوضع المزري.
مقالات اخرى للكاتب