الحرص الکبير و الاستثنائي الذي أظهره رئيس الوزراء العراقي نوري المالکي لحادثة مقتل الصحفي الدکتور محمد بديوي على يد ضابط في رئاسة الجمهورية، يمکن التعبير عنها بأنها کلمة حق يراد بها باطل، لأنه اراد توظيفها لغايات أبعد ماتکون عن واقع أمر الجريمة.
جريمة قتل الدکتور بديوي التي هزت الاوساط الاعلامية و الشعبية العراقية، على الرغم من أن القاتل يتبع إداريا لرئاسة الجمهورية، لکن ذلك لايعني بالضرورة تسييس الجريمة و تجييرها بسياقات أخرى من أجل مصالح و أهداف خاصة، واننا نعتقد بأن محاکمة القاتل و مجازاته طبقا للقانون سيفي بالغرض المطلوب، غير أن التهافت الغريب للمالکي على هذه الجريمة و سعيه المشبوه لإستغلالها لتقوية موقفه المهزوز شعبيا، أمر يجب الانتباه إليه جيدا و عدم الانخداع به.
قاتل الدکتور بديوي و مهام کانت جريمته"مع إحترامنا و تقديرنا و إجلالنا للشهيد بديوي"، فهو قتل فردا واحدا، وقد إفتضح أمره و إنکشف أمام ليس الشعب العراقي فقط وانما العالم کله، لکن المالکي الذي يريد أن يزايد على هذه القضية و يعرض بضاعة مشبوهة هي في الظاهر فقط وطنية، لو کان صادقا و يعني حقا ذلك، فإن هناك العشرات من القتلة المأجورين المتورطين بدماء أبناء الشعب العراقي ومن بينهم الکثير من المسؤولين البارزين في مختلف مفاصل الدول و الحکومة العراقية، لکن المالکي، وجريا على منطق بني اسرائيل، يحاسب عامة القوم و يغض الطرف عن عليته و خاصته.
قاتل الدکتور بديوي الذي إرتکب جريمته على أثر مشادة کلامية وأمام أنظار العالم، هو غير القتلة الذين يتم توجيههم في الاقبية و الدهاليز لإقتراف جرائم إرهابية مروعة بحق الشعب العراقي، تلك الجرائم التي ترتکب دائما بطرق مشبوهة و تسجل کجرائم ضد مجهولين، علما بأن الجميع يعرفون بأن منبع و اساس ارتکاب الجرائم و العمليات الارهابية ضد الشعب العراقي انما هو نفس المکان الذي يتلقى منه المالکي توجيهاته الخاصة.
قبل فترة وجيزة، وصل قاسمي سليماني قائد قوة القدس الايرانية المتورطة في الکثير من العمليات الارهابية في العراق و سوريا و لبنان و غيرها، الى بغداد، بهدف المساعدة في حل المشاکل و الازمات في العراق و تقريب وجهات النظر بين الاطراف العراقية المختلفة من جهة و بين نوري المالکي من جهة أخرى، ومع وصوله الذي أثار عاصفة من الانتقادات وحتى ان العديد من الاوساط إعتبرتها غير مرحب بها، الى الدرجة التي رفضت فيها کتلة الحل العراقية إجراء أي لقاء مع سليماني مشيرة الى دوره المشبوه في العراق فيما يتعلق بالاعمال الارهابية و حوادث القتل و الانفجارات الجارية، والحقيقة ان قاتل الدکتور بديوي و کما قلنا في البداية قاتل فرد واحد، غير أن قاسم سليماني هو قاتل جملة للعراقيين، فهل سيجرؤ المالکي على إعتقاله؟
مقالات اخرى للكاتب