بغداد – لا تبتعد الزيارات واللقاءات والصراعات والمخاصمات التي يقوم بها رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني، كثيرا عن ترتيب أوراق الدولة الكردية الوشيكة، والحصول على الضمانات الإقليمية والدولية لديمومة واستمرارية هذه الدولة.
فجميع تحركات البارزاني وزياراته الأخيرة لأمريكا وتركيا، بل وحتى مخاصماته للمركز جميعها تدخل في إطار ترتيب البيت الكردي، للإنتقال بقوة وضمان مسبق للخطوة التالية وهي إعلان الدولة الكردية في شمال العراق.
وتكشف مصادر إعلامية تركية أن البارزاني يفكر هذه الأيام في العرض التركي الذي عرض عليه خلال زيارته الأخيرة لأسطنبول وهو تقديم نصف أنتاج النفط في كردستان العراق لتركيا لمدة نصف قرن في مقابل دعم الدولة الكردية الوشيكة الإعلان.
ويرى المحلل السياسي روفيز حافظ أوغلو في مقال صحفي نشر اليوم الأربعاء في وكالة ترند للأنباء الدولية ان الزيارة التي قام بها رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني الى انقرة الأسبوع الماضي، أوجدت الكثير من التفاهمات بين القيادة التركية والأكراد. مبينا أن التفاهمات على أهميتها تعد من وجهة نظر الأكراد خطوات مهمة لجس نبض الاطراف الاقليمية فيما يخص الارادة الكردية في دولة مستقلة في المستقبل.
وبحسب أوغلو فإنه على الرغم من ان المباحثات ليست جديدة في الكثير من القضايا التي تناولتها، لكنها تبدو هذه المرة اكثر حساسية لكل الاطراف، بسبب المرحلة الانتقالية الحرجة في المنطقة، والخلافات المتفاقمة بين الحكومة الفيدرالية في بغداد وحكومة اقليم كردستان.
ويشير أوغلو الى ان "آراء الكثير من المحللين تذهب الى ان إقامة دولة كردية سوف لن يتعارض مع مصالح أنقرة التي تضع بكل تأكيد شروطا محددة في هذا الصدد لضمان مصالحها"، واحدى هذه الشروط بحسب أوغلو هو التنسيق بين الجانبين على القضاء على حزب العمال الكردستاني".
ويسترسل أوغلو بالقول ان "انقرة تدرك على الرغم منذ ذلك ان هذا الاقتراح لن يكون مقبولا بالنسبة لأكراد العراق، لكنها حاولت قدر الامكان الحصول على "الضوء الاخضر" لخطتها، لكن القضية برمتها لم تبتعد في كل الاوقات عن النفط، حيث تبادل مسؤولو الجانبين الاراء بشان ذلك".
وينقل الكاتب ما نشرته الصحف التركية عن مصادر دبلوماسية، ما مفاده ان "انقرة اشترطت الحصول على نصف الانتاج النفطي في اقليم كردستان ولمدة 50 سنة مقابل الاعتراف باستقلال كردستان".
ويشير أوغلو الى ان "اقليم كردستان لن يكون مجبرا على قبول العرض، لسبب آخر، وهو وجود البديل المناسب لنقل نفط كردستان عن طريق البحر، عبر سوريا التي ستتيح وصوله الى الاسواق العالمية، فلا حاجة اذن لتقاسم الثروة مع تركيا في كل الاحوال".
وبحسب أوغلو فان "العقل الإستراتيجي الكردي سوف لن يسمح بالتفريط في الثروة والاستقلالية عبر تقديم تنازلات خطرة في الثروة النفطية"، في حين يربط بين اللحظة الحاسمة التي ستعلن فيها كردستان استقلاها، ويتساءل عن الوقت المناسب الذي سيختاره الزعماء الأكراد. ويشير الى ان ذلك يرتبط الى حد كبير ايضا بمستقبل النظام في سوريا، وما ستؤول اليه الاوضاع في المستقبل.
ويورد الكاتب ايضا تحذيرات زعيم المعارضة التركية ورئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو، من ان التدخل العسكري التركي في سوريا، سيكون مدعاة لان يعلن الأكراد في تركيا الاستقلال. مختتما مقاله بالقول "كل تلك العوامل التي لا يمكن لاي طرف لاعب في المنطقة تجاهلها، يجعل من حكومة إقليم كردستان تنتظر، والسؤال دائما: الى متى الانتظار؟.