بعد نجاح نظام "سانت ليغو" في ايصال عشرة مرشحين من التيار الديموقراطي لاغير في انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة، ثارت ثائرة حزب الدعوة ودولة قانونه وتحالف النجيفي وغيرهما ضد هذه الآلية التي منحت كل ذي حق حقه ووقفت حائلا دون سرقة اصوات الناخبين من الذين لم يصوتوا لهم، الى حد معقول اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار التجاوزات التي تقوم بها القوائم المتنفذة قبل واثناء كل انتخابات. ولم يأتِ تبني نظام "سانت ليغو" بعيدا عن قرار المحكمة الاتحادية و النشاط الجماهيري الواسع للحزب الشيوعي العراقي وحلفائه في التيار الديموقراطي والعديد من منظمات المجتمع المدني، رغم ضعف امكانياتهم الاعلامية والمالية و التي نجحت في النهاية من اقرار القانون لتجني منه تلك المقاعد العشرة.
ان السياسة فن الممكن، واذا كان التحالف الكردستاني قد تقدم بمقترح لالغاء نظام "سانت ليغو" للبرلمان العراقي من اجل تبنيه واقراره في الانتخابات البرلمانية القادمة، فانه يدل على بحث هذا التحالف عن مصالحه حتى وان كانت آنية وعلى الضد من مصلحة القوى الديموقراطية التي لازالت تظن وبسذاجة انها لازالت حليفا وصديقا من الممكن الاعتماد عليه ونحن نعيش ازمة سياسية حقيقية. وبهذا الخصوص كتب السيد جاسم الحلفي القيادي في الحزب الشيوعي العراقي مقالا بعنوان " التحالف الكردستاني ... اخطاء تتكرر" يحمل بين طياته كل النبل السياسي والتمنيات!! الا انه لا يحمل ما يوحي لنا من ان هناك فهما لواقع سياسي عراقي من الممكن تسميته بواقع السلّة، اي وضع مصالح القوى المتنافسة في سلّة واحدة والتفاهم على آليات سياسية لحصد اكبر الفوائد وان كانت معادية لمصالح الوطن والشعب.
واذا تركنا تاريخ علاقة الحزب الشيوعي العراقي والقوى الديموقراطية بالشعب الكردي ونضالاته المريرة ضد مختلف الانظمة الدكتاتورية في تاريخ العراق الحديث، والذي لم يكن منّة من الحزب قدر ما هو موقف مبدئي تبناه وطوره الحزب منذ تأسيسه وليومنا هذا، وتطرقنا الى موقف الفدرالية وكيفية التصويت عليها بعد ان كان نائبي الحزب السيدان حميد مجيد موسى ومفيد الجزائري هما بيضتا القبان في اقراره، نرى ان الحزب قد صوّت الى جانب التحالف الكردستاني دون ان يعي سياسة السلّة وامكانية الاستفادة منها لمصلحته التي هي مصلحة وطننا وشعبنا. وعوضا عن ان يثمن التحالف الكردستاني هذا الموقف الكبير للحزب الشيوعي العراقي ويعمل على توطيد العلاقة معه ومن خلاله بالقوى المتحالفة مع الحزب في توسيع مساحة القوى الديموقراطية التي يعتبر نفسه جزء منها! "وهذه تمنيات وعتاب وليست من السياسة بشيئ" نرى ان التحالف الكردستاني وقف بالضد من الحزب والتيار الديموقراطي في اقرار قوانين سابقة معادية للعملية الديمقراطية وقريبة كل القرب من سياسة المحاصصة تلك التي يناضل الحزب والتيار الديموقراطي لتجاوز آثارها الكارثية.
ان موقف التحالف الكردستاني لم يصل حتى الى موقف المرجعية الدينية التي اكدت مراراً لليوم على تبني نظام "سانت ليغو" في الانتخابات القادمة في مفارقة غريبة على السذج وليس على من لازال يحبو في عالم السياسة، لان الذين يعيشون بالتمنيات والعتاب في هذا الصراع القاسي لن يحصدوا الا الخيبات. ان موقف الحزب من التحالف الكردستاني يجب ان يكون واضحا ليس لرفاقه وحلفائه فقط بل ولجماهير شعبنا التي تعاني من نظام المحاصصة الطائفية سيئة الصيت والسمعة والتي يعمل التحالف الكردستاني على ترسيخه مع بقية القوى الطائفية عن طريق سرقة اصوات الناخبين. على الحزب اليوم وبعيدا عن المجاملة ان يعمل على تسمية الاشياء باسمائها، باعتباره موقف التحالف الكردستاني من قضية الغاء نظام "سانت ليغو" جاء كمحصلة طبيعية لزيارة البارزاني الاخيرة لبغداد ولقائه بالمالكي وتمديد فترة حكم كليهما.
واخيرا اتوجه بالنصيحة لليسار الكردستاني بالابتعاد قدر الامكان عن هيمنة وسطوة قوى قومية لا تتواني عن تعريض مصالح شعبنا الكردي للخطر من اجل مصالح آنية وضيقة. كما وعلى الحزب اليوم وقبل الغد تحديد موقفه من التحالف الكردستاني فيما اذا نجح والقوى الطائفية الاخرى في تكريس النهج اللصوصي بسرقة اصوات الناخبين.
مقالات اخرى للكاتب