وعاد الصيف غير مرحب به، بوصفه ضيفا ثقيلا على بغداد؛ بالنظر لما يحمله في طياته من هموم وأشجان تكفي لإيقاظ معاناة الفقراء في كثير من مناطق العاصمة ومحلاتها، فبعد أن أيقنت إدارة الكهرباء من فشل دوائرها في تأمين إمدادات الكهرباء على الرغم من ضخامة الميزانيات التي أنفقت في المدة الماضية، عمدت إلى تبرير عجزها عن تطوير موارد المنظومة الكهربائية وإعادتها إلى وضعها الطبيعي عبر الجنوح صوب فكرة رمي الكرة في ملعب وزارة النفط؛ بغية التخفيف من سخط المستهلكين وشدة امتعاضهم جراء معاناتهم من نقص الكهرباء، فضلا عن سعيها التخلص من مأزق إشارة الوسائل الإعلامية بالتحقيق والتقرير والرأي لإخفاقاتها، ما أفضى إلى ضياع الحقيقة وسط المناكفات وتبادل الاتهامات بين الوزارتين، ثم ما لبث أن اهتدت أمانة بغداد إلى تبني الخطاب الإعلامي المرتكز على نشر بيانات تعكس زيادة كبيرة في إنتاجية مياه الشرب بمدينة بغداد، فضلا عن التصريحات الخاصة باكتمال غالبية مراحل مشروعاتها، ولاسيما مشروع الأمل ( ماء الرصافة )، إلا أن الواقع يشير إلى غير ذلك، فعلى سبيل المثال لا الحصر يعاني غالبية سكنة المحلة ( 757 ) في حي الخنساء شرقي بغداد خلال هذه الأيام نقصا هائلا في إمدادات مياه الشرب، أسوة بما كان يحصل في مواسم الصيف الماضية. إذ ليس من المعقول أن تجهز المحلة بمياه شبكة الإسالة لمدة لا تزيد عن ساعة واحدة في أحسن الأحوال طوال اليوم!!، حيث تصبح أفضل مضخات الماء الكهربائية التي تتفاخر بها ربات البيوت وغيرها من العوامل المساعدة غير ذي جدوى. أما حصول بعض السكان على المياه، فمرده إلى وقوع منازلهم بمحاذاة الأنبوب الخاص بنقل الماء الخام إلى مجمعات التصفية الذي يشير إليه السكان باسم ( الأنبوب الزراعي )، ما فرض عليهم اللجوء منذ عهد النظام السابق إلى ربط شبكاتهم المنزلية مع هذا الأنبوب على الرغم من إدراكهم ضرورة عدم التعامل معه؛ لخطورته على الصحة العامة، بوصفه لا يحمل مياه نقية منتجة على وفق معايير قياسية خاصة تتطلب مراقبة مستمرة، ومجموعة فحوصات مختبرية لنماذج مختارة، بغية الوقوف على نوعية المياه والتيقن من صلاحيتها. ولقدوم صيف هذا العام بالتزامن مع حلول شهر رمضان المبارك، فمن البديهي أن تكون المعاناة مميزة، وربما متفردة، ما يحتم على أمانة بغداد البحث عن حلول جدية تضمن انسيابية المياه النقية في أنابيب شبكة الإسالة، عوضا عن سريان الهواء الذي يخدش صفيره قيلولة النهار، وهدوء الليالي التي أصبحت حالكة السواد بفضل جهود وزارة الكهرباء، وجشع كارتل أصحاب المولدات الذين منحهم العرف العشائري صلاحيات واسعة وحصانة تفوق الحصانة البرلمانية. وعلى وفق ما تقدم، نتمنى من أمين بغداد الذي عرف بنشاطاته الواسعة التي من أحدثها إطلاقه حملة لدعم الكرة العراقية، أن يتكرم على سكان المحلة ويحصل على مرضاة الباري عز وجل أولا، وشكر وامتنان المواطنين ثانيا، بأن يقبل اقتراحنا بتحويل جزء يسير من نفقات ما وعد به اتحاد الكرة برعايته لمباريات كبرى مع أندية عربية وعالمية في بغداد إلى مشروع إنساني، يتضمن تأمين مضخات لسحب المياه من نهر دجلة وضخها مباشرة من دون إخضاعها إلى المعالجة لمنازل المواطنين في المحلة ( 757 )؛ بالنظر لقدرة منظومات التصفية التي تملئ بيوت المحلة على تصفية المياه وتنقيتها، تمهيدا لاستخدامها لأغراض الطبخ فقط، إما الحاجة إلى مياه الشرب، فإن معامل إنتاج مياه الشرب ( النقية جدا جدا!! ) المنتشرة في مناطق العاصمة التاريخية، كفيلة بإطفاء عطش الصائمين. نأمل من سعادة الأمين قبول اقتراحنا وأخذه على محمل الجد، بإخضاعه للدراسة والتحليل؛ من أجل أن لا يسجل التاريخ في عهده واقعة تشير إلى ( تيمم ) المواطنين اضطرارا، مثلما فعلها كثير منا أيام ولاية العيساوي!!.
في أمان الله.
المهندس لطيف عبد سالم العكَيلي