تدعي الاطراف السياسية المتنفذة , بان نظام الحكم في العراق , يستند الى المفاهيم النظام الديموقراطي , بدليل ان الشعب انتخب بارادته الحكومة والبرلمان , وان نظام الحكم يوفر الحرية والمساواة والحقوق المطلوبة للمواطن , ومنها حرية الرأي والتعبير , بغير شروط او قيود , فقد عبر عنها بوضوح الدستور , الذي كفل هذه الحقوق وبات المواطنين متساوين في الحقوق والواجبات , بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية والسياسية , والمعروف ان الفلسفة الاغريقية وخاصة ( سقراط وفلاطون ) وضع شروط لتطبيق هذا النظام الديموقراطي بشكل صحيح , ومن اجل قيادة شؤون البلاد وتحقيق رغبات عامة الشعب بوجهها المطلوب والمنشود , بانه يجب ان تكون هذه القيادة التي تقود الديموقراطية في البلاد , يجب ان تتم عبر الحكماء والعلماء من ذوي المعارف والواسعة والعقل السليم , خوفا من تسلل الاغبياء والجهلة , واخذها صوب الاستبداد والطغيان السياسي , وبذلك تفقد الديموقراطية قيمتها ووجودها وتتحول الى نظام استبدادي يقمع ويقتل الشعب , كما هي الحال في المشهد السياسي العراقي , من مظاهر سلبية تخلق الجزع والاحباط والسخط من نظام الحكم الذي يقود البلاد .. وهناك فروع وتسميات تقتل الديموقراطية بشكل كامل ومنها :
1 - الاتوقراطية : هو نظام الحكم الذي يستند في قيادته على الفرد او الجماعة او الحزب , ويهمن على مفاصل الدولة ومؤسساتها , ولايتقيد ببنود الدستور وانما يتجاهلها عن عمد وقصد , من اجل وضع مقدرات البلاد ومصيره ومستقبله تحت رحمة الشخص الوحد او القائد الواحد , والاطاعة التامة بالولاء له , ويكون المواطن في هذا النظام مسلوب الارادة والاختيار , لان جوهر هذا النظام هو التسلط والطموح العالي والمجد والعظمة والتفوق الالهي , لشخص القائد , ويعتمد هذا النظام على نهج الاقصاء والتهميش , وابعاد الاخرين من المشاركة في صنع القرار السياسي , في سبيل تدعيم سلطة الفرد القائد المستبد والطاغي . والعملية السياسية موبؤة بهذه الامراض , التي شكلت عوامل اعاقة , من تقدم العملية السياسية الى الامام , والتي تزاحمت عليها الصعوبات , وتركت البلاد تغوص وسط ركام من المشاكل , التي ترهق وتكبد البلاد بالخسائر الفادحة , التي تعصف في البلاد من كل جانب وتقوده الى المجهول
2 - كليبتوقراطية : وهي متكونة من كلمتين , كليبتو تعني حرامي ولص , وقراطية تعني حكم او دولة , اي انها باختصار شديد حكم الحرامية او دولة الحرامية , اي ان اللصوص يسيرون شؤون البلاد , وقيادة شؤون الناس , ومصدر حكم هذا النظام يعتمد على نهب ثروات وخيرات البلاد على حساب فقر وحرمان اكثرية الشعب , وهذا النظام يشرع الفساد المالي , ويفتح ابوابه مشرعة لسلب والنهب , دون خوف من طائلة القانون والمحاسبة , بل بالحماية الكاملة من المشرفين على قيادة البلاد . وهذه المصيبة الكبرى التي يعاني منها العراق , بشرذمة من السياسيين الحرامية واللصوص , الذين تفننوا بالمال الحرام
3 - الثيوقراطية : تعني ( ثيو ) الله او الدين , وقراطية حكم او دولة , وتعني حرفيا الحكم الالهي او حكم رجال الدين , ويكون طابع هذا النظام وجوهره , قيادة رجال الدين للدولة ومؤسساتها وتحويلها الى طابع ديني صرف , دون ارادة اومشيئة عامة الناس , بل تفرض عليهم قيود واغلال , لتطبيق نمط ديني بالقوة والاكراه , ويسلب حقوق وحرية المواطنين بقوانين استبدادية صارمة , بحجة ان رجال الدين هم اوصياء من الله على خلقه . وبالتالي يبيح لهم شرعا , اتخاذ المسار الديني للدولة والمجتمع , وتبرير القيود لخنق الحياة المدنية او الدولة المدنية , من اجل المحافظة على نقاء وصفاء الدين من الشوائب , وتحويل قيادة الدولة الى الزعامة الدينية , كما هو الحاصل في الشارع العراقي , والذي يترجم الى الواقع الملموس والمأزوم , باطلاق العنان والحرية الكاملة الى الميلشيات الدينية , التي تتمادى كثيرا في خنق الحياة العامة