لا يزال الغموض يكتنف أجواء ظهور تنظيم داعش في سوريا أمام مرأى و مسمع كل أجهزة الاستخبارت الدولية، و كيفية مروره الى العراق في منطقة مكشوفة، وعلاقة ذلك بما يسمونه" عملية تهريب منظمة" لمعتقلين خطرين بكل اختصاصات الجريمة من سجني عدرا السوري و أبو غريب العراقي، ليشكلون تنظيما متخصصا بكل شيء من بيع الأسلحة الى سرقة الآثار، تتم محاربته بالمقلوب.
وليس من المعقول استمرار تقليد الحرباء في ذكائها عندما يتم الحديث عن الامكانيات الدولية للقضاء على داعش، فهناك من يعتقد بوجود " تخادم مصالح" بين أكثر من طرف اقليمي ودولي، بينما يستغرب آخرون عدم تنفيذ التنظيم لآية عملية في ايران، رغم ما يرفعه من شعارات، بينما يعيث بأرض العرب الفساد، و الأنكى من ذلك تردد الرئيس آوباما " الزائد عن حده" في نشر قوات لملاحقة التنظيم على الأرض بعد أتفاق الجميع على أن الضربات الجوية لم تحقق الأهداف لقدرة مسلحي داعش على الاختباء و التغلغل بين السكان بقوة السيف لا منطق الحوار و حسن السلوك.
الأبرياء بين فكي دموية داعش و تردد الرئيس باراك آوباما في مغامرة غير محسوبة النتائج سيما اذا لم ينفذ بشكل عاجل تهديداته بدحر داعش و استعادة الأراضي التي يسيطرون عليها حاليا ووقف تمويلهم ، لان الصفحة المقبلة خطيرة في كل أبعادها ، خاصة مع صعوبة الاتكاء على الكتف الروسي بسبب استهداف مقاتلاته الجميع، و اسقاط تركيا لواحدة منها تدشين سريع لصراع نفوذ دولي استثنائي.
ويتفق الخبراء على عدم الحاجة الى تكرار غزو العراق للقضاء على داعش بل قوات نخبة مختارة يمكنها التحرك بسرعة بالاستفادة من التسهيلات اللوجستية على الأرض و الغطاء الجوي لمحاصرة التنظيم في مناطق معزولة، اضافة الى عزلة شعبية يعاني منها التنظيم بسبب دموية توجهاته و غياب مشروع " الدولة" ، على أن يرافق ذلك خطابا سياسيا يساهم في شق صفوف التنظيم من الداخل عبر رسائل للمغرر بهم أو المخدوعين بوعود "الهواء الطلق" وتهميش الوطنية العراقية ، مع حملة تثقيفة مبرمجة لنزع مشاهد الخوف من عقول العراقيين بعد سلسلة طويلة من حفلات الاعدام الجماعي لبث الرعب في النفوس، وإظهار مسلحي التنظيم بصورة " الرجل الخارق" رغم أنهم لم يخوضوا حربا حقيقية على الأرض بل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
لا نعرف لماذا صبر العالم على داعش حتى سيطرته على ما يقارب نصف مساحة الأراضي السورية وثلث مساحة العراق، لكننا نعي جيدا أن وصول الخطر الى بوابات أوروبا الداخلية سيغير مجرى الحرب على مختلف الصعد لأن الدول تحترم دماء شعوبها و ترفض تحويلهم الى نازحين بلا أمل.
مقالات اخرى للكاتب