وأنا أتناول قدحا من الماء الصافي قبل الفطور الصباحي هذا اليوم راح ذهني بعيداً الى سنة 2011م حينما شاهدت المسؤول ألأول في الدولة العراقية – رئيس الوزراء نوري المالكي وهو يتحدث عن مشروع ماء الرصافة الكبير. وقف هناك بقيافتة الراقية وراح يقول ” ..كانت لدي رغبة للأطلاع على هذا المشروع العملاق للوقوف على تفاصيل العمل الذي هو مستمر منذ فترة. . ولقد كثر الحديث عنه لمن هم مطلعين أو غير مطلعين. وددتُ أن أقف على مجريات العمل. وجدتُ شيئاً يستحق أن يفتخر به العراق وأنه في طريق بناء المؤسسات ألأستراتيجية والخدمية وأن يكون لدينا مثل هذا المشروع. الذي علمت من المشرف عليه أنه المشروع الوحيد في المنطقة قد يكون في حجمه وطريقة تصفيته للمياه” . وضعتُ قدح الماء الفارغ الى جانبي وأطلقتُ لتفكيري العنان ورحت أتحدث مع ذاتي عن أشياء كثيرة تتعلق بهذا المشروع المهم جدا للعراق بصورة عامة والرصافة بصورة خاصة لو كان قد تحقق حسب الخارطة المرسومة لأنشائه. يعتبر ها المشروع من أفضل المشاريع في الشرق ألأوسط لو كان قد ظهر على أرض الواقع وكان من المقرر إنجازه بصورة تامة عام 2014م. الغريب في ألأمر أن المشروع لم يتم في موعده المقرر ولانعرف ألأسباب الحقيقية التي أدت الى تلكؤ العمل أو لنقل إهماله وتوقف العمل فيه. عرفنا فيما بعد أن هناك مخالفات قانونية كبيرة في أمانة بغداد , حيث صدر تقرير دولي يكشف تلك المخالفات المسؤولة عنها أمانة بغداد. أشارت الشركة التي تدعى -شركة أرنست وينك- أن المشروع المشار إليه أعلاه لم يدخل الخدمة الفعلية رغم إنتهاء مدة العقد المقررة في 2014م وتم إهدار 3 ترليون دينار عراقي في هذا المجال. من حق أي مواطن أن يتسائل عن سبب عدم إنجاز المشروع ؟ ذكرت التقارير ألأعلامية المختلفة بأنه تم جلب معدات ومحركات مخالفة للمواصفات المتفق عليها في العقد المبرم. ولماذا منحت أمانة بغداد عقد لتجهيز المضخات الغاطسة بمبلغ 3 تريليون و100 مليار دينار عراقي لشركة لم تقدم وثائق تفيد بأنها مُصَنِعة أو وكيل لشركة مصنعة وخلافاً لشروط المناقصة؟ عرفنا أيضا أن شركة اخرى تأخذ 225 مليار دينار عراقي وتستثمرها خارج العراق ولم تكمل إنجاز المشروع. أنا كمواطن بسيط ليس لديه شبر واحد في أرض العراق ولن أحصل في المستقبل على ذلك الشبر ولكن يحق لي أن أفكر مع نفسي عن تلك الفئة الضالة التي تدمر تاريخ العراق وتسلب حقوق الشعب وأموالة بهذه الطريقة البشعة وتدعي أنها تريد بناء العراق. لو كان هذا المشروع قد تحقق لكانت الحكومة التي واكبت ذلك البناء العملاق قد دخلت التاريخ لم يعد هناك شيئاً خافياً وعرف الشعب العوامل المباشرة وغير المباشرة التي سببت خراب العراق. ولكن مضى قطار العمر وأصيب البلد بمرض عضال لن تستطيع أي حكومة قادمة أن تحقق أي شيء ونحتاج الى شخص بقوة وعظمة ألأمام علي علية السلام كي ينقذنا جميعا من هذا الكابوس الكبير. يبقى السؤال المخيف” …أين مشروع الرصافة الكبير؟”
مقالات اخرى للكاتب