أحد أسباب ضعف الرعاية الصحية في العراق هو نقص عدد الاطباء في مقابل تزايد اعداد المرضى،وفي الدول المتقدمة تصل نسبة الاطباء الى عدد السكان 1 بالمئة اي واحد لكل مئة مواطن، ووفق هذا المعيار يفترض ان يكون عدد الاطباء في العراق 350 الف طبيب في حين ان العدد الحالي يقدر 50 الف فقط اي ان هناك نقص لا يمكن تجاوزه في المدى المنظور رغم تزايد كليات الطب في العراق!
والى جانب قلة الاطباء هناك نقصاً في عدد المستشفيات وغرف العلمليات والعيادات، ومن ثم تظل مشكلة التزاحم في المستشفيات والعيادات ظاهرة تستحق النظر والمعالجة،ونسأل الله تعالى ان لا يضطر احد الى زيارة اي مستشفى فهناك العجب العجاب، من طوابير المرضى امام غرف الاطباء،دون تنظيم او حجز مسبق او تنسيق او متابعة حقيقية، وكل ما يفعله الطبيب نظرة سريعة وبضع كلمات او فحوصات شكلية ثم يكتب الوصفة العلاجية!
المعدل المطلوب للمقابلة بين الطبيب والمريض ينبغي ان تكون بحدود 15 دقيقة.
واذا افترضنا ان جلوس الطبيب في عيادة المستشفى او عيادته الخاصة بحدود5 ساعات يوميا فان عدد المرضى الذين يستقبلهم يجب ان لا يزيد عن عشرين، وهذا العدد نوع من الامنيات الاقرب الى الخيال،فهناك الكثير من الاطباء يستقبلون في عيادات ضيقة غير مريحة ثلاثة اضعاف هذا العدد، وبعض الاطباء المشهورين يسجلون ارقاما قياسية في عدد المرضى، ومن اغرب الحالات التي شاهدتها بنفسي ان احد الاطباء البارعين يستمر في استقبال المرضى من الساعة الخامسة عصرا حتى ما بعد منتصف الليل!
ومن نتائج التزاحم راح بعض الاطباء يسترخصون مشاعر مرضاهم ولا يحترمون مشاعرهم فيقومون بادخال عدة مرضى الى غرفة الفحص في وقت واحد مع مرافقيهم وهو انتهاك صارخ لابسط مبادئ الطب وخصوصية المريض!
في احدى العيادات الخاصة (ومستعد ان ارشد الجهات المعنية اليها) وجدت ان الجلوس في الانتظار اكثر من خمسين مريضا على كراسي متهرئة دون تكييف،وتقوم السكرتيرة بادخال كل خمسة مرضى سوية وكل مريض معه مرافق.
فيقف امام الطبيب عشرة اشخاص في ان معا وهو يسأل المرضى عن مرضهم ويفحصهم امام الجميع،منظر تقشر منه الابدان، وبخاصة ان المراجعين خليط من الرجال والنساء،فاين نقابة الاطباء ووزارة الصحة والمفتشين من هذا السلوك الطبي المهين!
هناك ظواهر كثيرة واخطاء عديدة في التشخيص والعلاج سببها عدم تركيز الطبيب وتسرعة نتيجة التزاحم الشديد، وحصول الكثير من المشاكل والتوتر في العلاقة بين الطرفين،ومن الواجب ان تقوم نقابة الاطباء بتحديد عدد المراجعين حسب ظروف العراق وفي ظل نقص عدد الاطباء على ان لايتجاوز المرضى الذين يستقبلهم كل طبيب عن ثلاثين يوميا،ومن جانب اخر ينبغي مراجعة اسعار الفحص لتكون متناسبة مع متوسط الدخل للمواطنين ومقدار الجهد الذي يبذله الطبيب، وهي معادلة ليست صعبة لو توفرت العلاقة الانسانية وليس الربحية في مهنة الطب!
هذه الملاحظات يجب ان لا تجعلنا ننسى قدسية مهنة الطب وان هناك عددا كبيرا من الاطباء المضحين المخلصين لشرف المهنة وهم يقدمون صورا مشرقة في العلم والتعامل الانساني والزهد فجزاهم الله خير الجزاء وجعلهم قدوة للاخرين.
الرابط التالي قد يكون مفيدا في تدعيم فكرة هذه المقالة..والله من وراء القصد!
مقالات اخرى للكاتب