في قمة البحر الميت تكون الجامعة العربية قد دخلت عامها الثاني والسبعين، وقد عقدت 28 قمة رسمية سياسية وثلاث قمم اقتصادية، ويكاد تاريخ هذه المنظمة الاقليمية القومية يسجل رقما قياسيا في عدد الخطابات والبيانات والاجتماعات بيد أنها عجزت عن حل اي قضية عربية،حتى قيل فيها (أن العرب اتفقوا على ان لا يتفقوا) او إن (بيانات الجامعة العربية لا تساوي ثمن الورق الذي تطبع عليه) فهي قد أنشأت برعاية بريطانية في عام 1945 لتحتضن حكومات الدول العربية حينذاك، تمهيدا للوحدة والتكامل بين تلك الدول، ولكنها تحولت الى وسيلة بيد الحكام الاقوياء لتسويق مشاريعهم، ولم تكن في اي يوم من الايام أو في اي اجتماع قمة، في خدمة الشعوب المقهورة!
القضية الفلسطينية كانت الملف الاخطر على طاولة القمم العربية،فقد رفض العرب قرار تقسيم فلسطين الى دولتين عربية ويهودية وخاضوا اول حروبهم الخاسرة ضد اسرائيل،حيث أضاعوا فلسطين كلها عام 1948. وفي حرب الايام الستة عام1967 كان راديو ( صوت العرب) يصدح بخطابات عبد الناصر زعيم القومية العربية واغاني ام كلثوم، فاستيقظ العرب على كابوس احتلال سيناء المصرية والضفة الغربية وهضبة الجولان السورية، وفي قمة الخارطوم قال الحكام العرب لا تفاوض ولا صلح منفرد ولا دولة يهودية،لكنهم بعد سنوات تفاوضوا وتصالحوا واعترفوا باسرائيل.
اكثر من تاجر بشعار تحرير فلسطين صدام،وردد في خطاباته خلال القمم العربية هتافات عاشت فلسطين حرة عربية،لكن رئيس وزراء اسرائيل الاسبق مناحيم بيغن قال: غريب سلوك هذا الرجل فهو ينادي بتحرير فلسطين لكنه يرسل دباباته شرقا نحو ايران؟!
كارثة احتلال الكويت عام 1990 شقت القمة العربية في القاهرة الى نصفين، فقد اعلن مبارك ان الاغلبية مع قرار السماح لقوات اميركية بدحر صدام وتحرير الكويت،وظل القذافي يصرخ دون ان يسمعه احد:(القرارات يجب ان تكون بالاجماع وليس بالاغلبية يا ريس)!
خلال التسعينات وما بعدها غابت فلسطين من قاموس العمل العربي، وطغت صراعات جديدة لا تقل خطورة من بينها احتلال العراق واسقاط صدام عام 2003 ثم عاصفة الخريف العربي التي اجتاحت بعض الانظمة العربية المتداعية،ثم الاستقطاب (السعودي-الايراني) الذي مهد لانقسام شيعي- سني بين الشعوب العربية، وقد برزت تشظيات في داخل الحدود العربية، فانتهى حلم الوحدة العربية،وأصبح حلم العرب الجديد موافقة اسرائيل على حل الدولتين من اجل استعادة اقل من ربع فلسطين!
العراق يحضر قمة البحر الميت ولا يتوقع من اشقائه خيرا كثيرا،فقد انكر العرب عروبة العراق بعد سقوط صدام وقاطعوه وكفروه ووصفوه بالصفوي والمجوسي، وارسلوا دولاراتهم ومتفجراتهم وجحوشهم لتفجير انفسهم في المدارس والاسواق والمساجد في حرب جهاد المسلمين ضد المسلمين، خدمة للمشروع الصهيوني الجديد!
رئيس وزراء العراق ينبغي ان يبلغ الحكام العرب بلغة واضحة حازمة، كفى ظلما للعراق، أوقفوا خطابكم السياسي والاعلامي التكفيري التحريضي، اغلقوا قنوات الفتنة والكراهية، واخرسوا شيوخ الجهل والعداوة والبغضاء..
وامنعوا بهائمكم المتفجرة من دخول العراق، فأرض العراق قد تحولت الى مقبرة للدخلاء الغرباء، ونعدكم لن نعيد لكم احدا من مجاهديكم الا اشلاء محترقة في اكياس القمامة.. بضاعتكم ردت اليكم يا أمة ضحكت من جهلها الأمم!!
مقالات اخرى للكاتب