بغداد – في الوقت الذي حاول فيه وزير الدفاع العراقي السابق عبد القادر العبيدي تخفيف حدة الجدل حول هروبه من البلاد أثر الكشف عن تورطه بمشاريع الفساد في تجهيز الجيش وفي تعيين قادة الألوية والفرق العسكرية، جدد نواب مطالبتهم بتقديم العبيدي إلى القضاء العراقي وإجباره على العودة للبلاد من الولايات المتحدة الأمريكية.
ونفى العبيدي نبأ هربه من العراق أو تورطه بأي قضايا فساد، موضحا أنه خرج من العراق رسميا إلى الأردن ومنها إلى الولايات المتحدة الأميركية لعلاج ابنته وإجراء فحوصات طبية، وشدد على أنه سيعود إلى بغداد حال الانتهاء من الإجراءات الطبية وقبل نفاذ تأشيرة الدخول التي منحت له.
وقال العبيدي، إن "مغادرتي للعراق كانت بصورة رسمية وأصولية بهدف إجراء عملية جراحية لابنتي لإزالة الغدة الدرقية في العاصمة الأردنية عمان ومن ثم حاولت نقلها إلى بريطانيا أو الولايات المتحدة حيث حصلنا على تأشيرة دخول لأمريكا وعلاج مجاني منذ السادس عشر من نيسان الجاري لاستكمال علاجها فضلاً عن إجراء فحوصات طبية لي شخصياً في إحدى مستشفيات واشنطن"، مضيفاً "سأعود قبل انتهاء مدة التأشيرة".
وأعرب العبيدي عن "استغرابه من تصريحات النائب الثاني لرئيس مجلس النواب العراقي، عارف طيفور"، مشدداً على أن "أي مذكرة قبض لم تصدر بحقي، كما لم تقدم أي دعوى قضائية ضدي، بل ولم يوجه أي سؤال لي حيث أعمل بعقد كمستشار لرئيس الوزراء للشؤون العسكرية".
وطالبت لجنة النزاهة النيابية أمس الاربعاء بإجراء تحقيق في ملف "هروب" وزير الدفاع عبد القادر العبيدي إلى واشنطن، وقال عضو هيئة النزاهة صباح الساعدي "طالبنا نوري المالكي وهيئة النزاهة بإجراء تحقيق عاجل على الآلية التي هرب فيها المتهم في مشاريع الفساد في تجهيز الجيش وفي تعيين قادة الألوية والفرق".
وأوضح أن "هروب المسؤولين السابقين خارج العراق تقف وراءه أجندة سياسية ودليل على أن هناك من يتكتم على المتهمين بالفساد من المسؤولين", "دون أن يشير الساعدي الى ملف هروب الهاشمي لكردستان".
من جانبه جدد نائب رئيس مجلس النواب عارف طيفور مطالبته الحكومة الاتحادية باتخاذ إجراءات قانونية مشددة لمنع سفر المسؤولين المتهمين بقضايا فساد وإهدار المال العام القى خارج البلاد مؤكدا هروب وزير الدفاع السابق عبد القادر محمد العبيدي إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد اتهامه بالفساد.
وقال طيفور إن "قضية هروب وزير الدفاع السابق عبد القادر محمد العبيدي إلى الولايات المتحدة الأمريكية أثارت الشكوك لدينا بوجود ملفات فساد كبيرة رغم إننا أكدنا سابقا عن مؤشرات الفساد لدى وزارة الدفاع خلال فترة تولي العبيدي"، مؤكدا أن "لجنة النزاهة البرلمانية تمتلك معلومات عن العقود الموقعة لصفقات شراء الأسلحة وتجهيز القوات العراقية بالمعدات والآليات".
وأعرب طيفور عن أسفه "كون العراق ما زال في المراتب المتقدمة بين الدول التي تعاني مؤسساته من الفساد المالي والإداري بسبب غياب المحاسبة من قبل الدولة"، داعيا الحكومة إلى "اتخاذ إجراءات قانونية مشددة لمنع سفراء المسؤولين المتهمين بالفساد وإهدار المال العام إلى خارج العراق".
وأكد طيفور أن من "واجب الحكومة ملاحقة المتهمين وتسليمهم للقضاء العراقي"، مشيرا إلى أن "هروب هؤلاء من دون القصاص منهم سيضر بالمؤسسات والوزارات ويفقد ثقة المواطن بالحكومة".
من جانبه أكد النائب عن التحالف الكردستاني شريف سليمان، أن وزير الدفاع السابق عبد القادر محمد العبيدي غادر العراق إلى وجهة مجهولة بعد اتهامه بقضايا فساد خلال فترة توليه الوزارة، وفي حين حمل الحكومة مسؤولية اختفاء العبيدي، دعاها إلى اتخاذ خطوات لمنع المتورطين بالفساد من الهروب خارج البلاد.
وتولى العبيدي منصب وزير الدفاع خلال الولاية الاولى لنوري المالكي منذ العام 2006 إلى 2010، وكانت لجنة النزاهة البرلمانية اكدت أن العقود التي وقعها العبيدي خلال توليه الوزارة، تتضمن مؤشرات فساد قوية وعقود لشراء أسلحة من صربيا تضم هاونات ومدفعية غير صالحة للاستعمال وفساد في صفقة الناقلات الاوكرانية.
ووقع العبيدي، في كانون الأول 2009، عقدا مع أوكرانيا بقيمة بلغت أكثر من 550 مليون دولار لتجهيز العراق بـ400 آلية مدرعة، وعشر طائرات عسكرية، وبدأت أوكرانيا بتسليمه الوجبة الأولى من المدرعات في نيسان 2011، وكان يفترض أن تسلمه الدفعة الثانية في تموز من العام نفسه لكنها أجلت ذلك، فيما هددت بغداد الشركة المنتجة بفرض غرامة ثلاثة ملايين دولار عليها بسبب تأخرها في التسليم، لكنها تراجعت فيما بعد عن التهديد.
وأعلنت لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي مطلع نيسان الحالي، أن العراق يتجه إلى إلغاء صفقة المدرعات الأوكرانية الموقعة بين بغداد وكييف، فيما نفت الأنباء التي تحدثت عن نية الشركة الأوكرانية تسليم دفعة من المدرعات خلال الفترة المقبلة.
كما كشفت لجنة النزاهة في مجلس النواب، في أيار الماضي، عن وجود هدر مالي كبير في ملف شراء أسلحة أوردها الجانب الأمريكي إلى العراق، والمتمثل ببرنامج أس أم أس لشراء الأسلحة، خلال فترة تولي عبد القادر محمد العبيدي الوزارة، مؤكدة وجود هدر مالي وفساد كبير في هذا الملف.
وأعلنت اللجنة، في كانون الأول الماضين عن التوصل إلى اتفاق مع وزارة الدفاع على آلية لتدقيق ملفات الفساد مع ضمان سرية المعلومات، مؤكدة أنها طلبت الأخيرة تهيئة عشرة ملفات لتدقيقها، فيما أشارت إلى أنه تم تشكيل لجنة مشتركة مع هيئة النزاهة للنظر فيها.