أربيل – بكثير من الحفاوة والإهتمام أستقبلت مدينة اربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، عصر اليوم الخميس زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، قادما من مقر إقامته في مدينة قم الإيرانية.
السيد الصدر أستقبل في مطار أربيل أستقبال رؤساء الدول البارزين، فقد كان رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني ورئيس الحكومة الكردية نيجيرفان البارزاني ووزرائه في طليعة المستقبلين للصدر وهي ربما المرة الأولى التي تستقبل فيها أربيل شخصية بهذه الحفاوة والإهتمام المبالغ فيه جدا، إلى درجة أن رئاسة الإقليم وصفت الزيارة بأنها "تاريخية".
وعلى الرغم من أنها ليست الزيارة الأولى للسيد الصدر لإقليم كردستان، فقد سبقتها العديد من الزيارات، إلا أن رئاسة الإقليم أرادت أن تقول للسيد الصدر وأطراف المخاصمة في بغداد أن بيضة القبان اصبحت اليوم في أربيل، وبها يمكن أن نقلب عليكم الطاولة ببطاقة سحب الثقة التي أصبح إشهارها بوجه المالكي قاب قوسين أو أدنى كما يقول المسؤولين العراقيين.
وقال رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان فؤاد حسين في بيان رسمي صدر اليوم أن "تواجد مقتدى الصدر اليوم في كردستان وزيارته اربيل فرصة تاريخية لتعميق العلاقات". وأضاف أن "هذه الزيارة ستؤدي إلى استقرار اكبر في العملية السياسية في العراق".
واعلن التحالف الكردستاني، أن زيارة الصدر إلى اربيل ولقاءه البارزاني تهدف إلى التوصل لاتفاق لوقف "الدكتاتورية" والحفاظ على "الديمقراطية" في العراق. وقال النائب عن التحالف الكردستاني محما خليل إن "زيارة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى اربيل ولقاءه رئيس الاقليم مسعود بارزاني سيتم خلالها الاتفاق على الخطوات العملية لوقف التوجهات الدكتاتورية وسياسة التهميش والاقصاء ومن اجل الحفاظ على العملية الديمقراطية في العراق الجديد".
وأضاف أن "الزيارة متفق عليها في وقت سابق وتأتي من اجل تنسيق المواقف بين الجانبين لوقف المخاطر التي تحيط بالعملية السياسية والديمقراطية في العراق الجديد".
وأشار الى ان "العلاقات بين الأكراد والتيار الصدري علاقات تاريخية وقوية ومتينة، مبيناً ان "هناك رؤى مشتركة وتفاهما إستراتيجيا بين الجانبين حول العديد من القضايا المصيرية والسياسية".
وبوصول السيد الصدر إلى أربيل، فإن أربيل تكون قد تمكنت من التحشيد فيها العديد من كبار الشخصيات السياسية في البلاد، حيث يتواجد فيها زعيم القائمة العراقية أياد علاوي والقيادي في المجلس الأعلى عادل عبد المهدي فضلا عن تواجد رئيس الجمهورية جلال الطالباني في أربيل، حيث سيعمل البارزاني على جمع مواقف تلك الشخصيات والكتل السياسية لتشكيل جبهة سياسية كبيرة تقف في مواجهة المالكي وتزيحه من قمة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة جديدة تخلق من رحم هذا التحالف السياسي.
وتصاعدت في الفترة القليلة الماضية شدة الخلافات بين الائتلافين الكبيرين العراقية ودولة القانون بشان قضية نائب الرئيس طارق الهاشمي وبنود اتفاقية اربيل حول تقاسم السلطة.
وكان الكثير من قيادات ائتلاف العراقية حذروا من أن استمرار الخلافات بين الطرفين قد يسقط العملية السياسية في البلاد.
فيما تصاعدت حدة الخلافات بين نوري المالكي وإقليم كردستان على خلفية أستقبال الإقليم الهاشمي والإتفاق على عقود التنقيب عن النفط وحصصه بين المركز والإقليم.
ويرى المراقبون والمحللون السياسيون الذين تحدثت اليهم "السفير نيوز" الإخبارية أن الأكراد قدموا للتيار الصدري الكثير من المغريات السياسية من أجل الدخول في هذا التحالف المزمع تشكيله في أربيل، من بينها ترك أمر أختيار شخصية رئيس الوزراء المقبل للتيار الصدري وهو ما دفع الكثير من المحللين والبرلمانيين لطرح العديد من الأسماء التي من الممكن أن يتم ترشيحها لشغل منصب رئيس الوزراء في المرحلة المقبلة من بينها بهاء الأعرجي وقصي السهيل.
وتقول المصادر أن لقاء المالكي بالسيد الصدر في مدينة قم الإيرانية في ختام زيارة المالكي الأخيرة لطهران، بطلب ودعم إيراني ستدفع التيار الصدري ليكون متوازن في علاقاته بطرفي النقيض في بغداد وأربيل وخلق أجواء من التفاهم بينهما قد تفضي لحل الأزمة السياسية التي تخنق البلاد منذ عدة أشهر، من خلال إطلاق مبادرة عامة للحل.
وتحمل مبادر السيد الصدر ثمانية عشر نقطة من أبرزها تقديم مصالح العراق على المصالح الحزبية والطائفية والعرقية والتأكيد على وحدة العراق وتحسين العلاقات مع دول الجوار وكل دول العالم ومنع التدخل في الشأن الداخلي العراقي من قبل اي دولة كانت، والوقوف بحزم ضد اي تهديد داخلي او خارجي تجاه العراق، معتبرة كيان العدو الصهيوني "كيان ارهابي غاصب ومعاد للشعوب والاسلام ولا مكان له في العراق الحبيب".
وطالب الصدر في مؤتمر صحفي عقد في أربيل بـ "العمل على تقوية الحكومة الحالية واشراك جميع مكونات الشعب العراقي لدفع كل المخاطر عن البلد"، مؤكدا ان " نفط العراق لشعب العراق ولا يحق لاحد التفرد به"، مبينا ان "الحكومة الحالية بنيت على التوافقات السياسية وتحل مشاكلها ضمن هذا النطاق".
واكد الصدر على "ضرورة العمل على استقلالية القضاء العراقي وعدم التدخل بعمله او تسييسه والغاء سياسة التهميش والاقصاء"، مشددا على ان "الحوار هو الحل الوحيد لانهاء الخلافات السسياسية وغيرها".
وطالب زعيم التيار الصدري "بالسعي لانهاء ملف المناصب الامنية والوزارات والهيئات الشاغرة وكذلك تخفيف اللهجة الاعلامية التصعيدية التي تزيد من التشنج والاحتقان السياسي".
تجدر الإشارة إلى أن مصادر كردية كشفت في وسائل الإعلام مؤخرا عن وجود اتفاق سري بين التحالف الكردستاني والقائمة العراقية وكتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري لترشيح النائب الأول لرئيس مجلس النواب قصي السهيل رئيسا للوزراء بديلا عن نوري المالكي.
ودعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مؤخرا أنصاره إلى توحيد صفوفهم وكلمتهم في حال رغبوا في تشكيل حكومة برئاسة التيار. كما اتهم الصدر المالكي بالوقوف وراء اعتقال رئيس مفوضية الانتخابات فرج الحيدري، وذلك بهدف "تأجيل أو إلغاء الانتخابات" المحلية التي ستجري في أوائل العام المقبل.
وتأتي مواقف الصدر منسجمة مع الانتقادات الحادة التي وجهها رئيس الإقليم مسعود بارزاني خلال الأسابيع الأخيرة للمالكي، حيث حذر من أن البلد يتجه إلى عودة الدكتاتورية.
وشدد بارزاني على أنه "مهما كان الثمن لا يمكن أن نقبل بعودة الدكتاتورية إلى العراق، وإذا فشلنا في وقف الدكتاتورية فلن نكون مع عراق يحكمه دكتاتور".
وتتهم القائمة العراقية برئاسة إياد علاوي منذ أكثر من سنة ائتلاف المالكي بالتنصل عن تنفيذ بنود اتفاق أربيل الذي مهد لتشكيل الحكومة الحالية، ولوحت العراقية أكثر من مرة باللجوء إلى انتخابات مبكرة لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد.