بدون تعميم نقول : أن الله قد أنعم على العراقي نعمة الوهم التي جعلته يعيش في وهم دائم على أساس أنه أفضل من الهندي مثلا ، و أن ينظر باستهزاء إلى المصريين على أساس أنهم عبارة عن شعب لا يجيد غير الرقص و هز البطن و الأرداف و الكيف و التحشيش..
و إذا بالشعب المصري يثبت مرتين في غضون سنة واحدة بأنه ليس هكذا مثلما يتصور عنه هذا العراقي المغرور غرورا بلا رصيد أصلا أو عصيد ..
كما إن العراقي عاش أو يعيش وهما على أساس أنه أفضل من الهنود !! ، و في هذه الأثناء كان الهنود يبنون و يرسخون نظامهم الديمقراطي ، بعدما انفصلت عنهم باكستان التي تحولت إلى بؤرة موحلة للفكر التكفيري الإجرامي و مرتعا للقتل و التفجيرات ، ليعيشوا هم بوئام و سلام على الرغم من مكوناتهم القومية و الأقلية البالغة بالعشرات ، ليتفرغوا فيما بعد لتطوير معارفهم و علومهم التقنية بحيث أصبحوا من أفضل المتخصصين في مجال الحاسوب و الإنترنت ، إضافة إلى تطورهم في مجالات علمية أخرى ..
و على الرغم من الفقر المدقع المخيم على شرائح كبيرة من المجتمع الهندي ، فأننا لن نجد هنديا واحدا يطلب اللجوء ، طبعا ، دون أن يعني ذلك عدم هجرتهم بشكل أصولي و شرعي بحثا عن العمل و مجالات كسب الرزق في أرجاء العالم ..
كما إنهم معروف عنهم باتصافهم بالنزاهة و الأمانة و الإخلاص في العمل أو المهمات المكلفين بإنجازها ، على الرغم من كونهم ممن يقدسون الأبقار و التماثيل البوذية ..
غير أن أخلاقيتهم و مبادئهم سامية و راقية و ربما لهذا السبب فهم مفضلون كأيدي عاملة مرغوبة و محل ثقة في بعض البلدان أكثر من العرب و المسلمين ..
في أثناء ذلك كنا نحن العراقيين نتقهقر إلى الخلف ، نحو التخلف والوحشية و الجهل ، خطوة بعد خطوة ، مرددين مع أنفسنا بين حين و أخر : قابل أني هندي !!.. أحنة مو هنود !! ..
كأطرف نكتة محببة عند العراقيين !!..
في الوقت الذي لم نتمكن حتى من صناعة أبرة بسيطة و حيث معظم احتياجاتنا الاستهلاكية تأتينا من الخارج بفضل واردات النفط ..
وها هو الوفد العراقي الرسمي الكبير ـــ رتبة و مراتب ـــ موجود الآن عند هؤلاء الهنود ليبرم اتفاقات في شتى المجالات بهدف استثمارها و إنجازها في العراق الذي بات في أوج حاجة إلى مثل هذه الخبرات العلمية و التكنولوجية و الأمنية ..
و مع ذلك لا يقول الهندي سخرية أو تهكما : قابل أني عراقي ..
مع أنه يحق له أن يقول ذلك بكل اطمئنان و ثقة !..
أما آن الأوان لهذا العراقي أن يعيد النظر في وضعه المزري متأملا و متفكرا ليخرج أخيرا من شرنقة أوهامه ؟!
مقالات اخرى للكاتب