مع كل احتياطاتي التي اتخذتها تجنباً لرؤية أي من أفلام المجازر الإرهابية بالعراق او غيره، أوقعني حظي العاثر ليلة البارحة بفلم نشر على صفحات فيسبوك. خدعني عنوانه فما ظننت أنني سأشاهد جريمة حرمتني النوم حتى هذه اللحظة. انها المرة الأولى التي أرى فيها بعيني أناساً عزّل يقتلون بلا ذنب سوى انهم لا يعرفون عدد ركعات صلاة الفجر.
القاتل يمتحنهم ويعرض هوياتهم على الكاميرا. كان أول سؤال له هل انتم شيعة؟ تخيلتهم انهم لو أجابوا نعم لذبحهم، لكنه حين اكتشف بانهم "نصيرية" أعدمهم بالرصاص. فالشيعي عند هؤلاء السفاحين لا يستحق غير الذبح. أما الرمي بالرصاص فلغيرهم. يا رب، هل وصلت المحاصصة حتى للقتل؟
الأرق والمرارة أرغماني على البحث عن إنسان احكي له ما أعانيه. قصدت صديقاً يبعد عن سكني مسافة طويلة. اول سؤال كان لي، حين وصلته: هل شاهدت الفيلم؟ أجابني : نعم. صرت اشتم هؤلاء القتلة المجرمين حتى جف فمي ونفدت كلمات الإدانة التي أعرفها. رد علي: أتظن ان الشتم سينفع بهؤلاء وسيمنعهم من ارتكاب جرائمهم؟ طبعا لا. فعلام تشتم إذن؟ لقد احترق قلبي ولا ادري ما الذي افعله لأطفئ ناره؟ قال لي بصريح العبارة: المسؤول الأول هو من بيده السلطة ويقصر في حماية أرواح الناس. قلت له: انا دائما ألوم الحكومة، خاصة رئيسها الذي يمسك وحده بكل الملفات العسكرية والأمنية، لكن كثيرين لا يرتضون ذلك ويطالبونني ان أدين المجرمين فقط. لا تسمعهم فهؤلاء الذين يلومونك يسهمون بصناعة هذا الفلم الذي أرعبك. شلون؟ أما سمعت القاتل "أبو عائشة" يصيح بأعلى صوته: أين المالكي .. أين علي غيدان، اللذين يدعيان ان الطريق الدولي آمن، وانه تحت سيطرة القوات المسلحة؟ سمعته. هل كان كاذباً؟ كلا لم يكذب. اذن الحل واحد من اثنين: أما أن يحضر المالكي وغيدان هذا القاتل على الشاشات ويقولا له انك كاذب ويأخذان بحق الضحايا منه ومن عصابته، أو أن يخرج الشعب ليحضر المالكي وغيدان أمام محكمة عادلة تقتص منهما بسبب تقصيرهما وكذبهما والشاهد هو الفلم الذي حرمك النوم.
عدت من صديقي بهمّ أثقل وانا أتساءل مع نفسي:
هل يصعب على الحكومة حقاً تأمين الطريق الدولي؟ كم طائرة هليكوبتر ستحتاج؟ أليست لدينا خزينة تتحمل شراء المئات منها لحماية الناس؟
أما من برلماني شجاع واحد يصرخ وسط البرلمان: إذا كنتم عاجزين عن حماية الطريق الدولي فأحيلوه لشركات أجنبية تحميه؟ وان كانت الخضراء تخاف ان يؤثر ذلك على ميزانيتها فلتفرض على أصحاب السيارات "جزية" يدفعونها مقابل حماية رقابهم من السكاكين وظهورهم من الرصاص.
يا ناظم السماوي .. يا شاعري العزيز عد وابك العراق من جديد كما كنت تبكيه من قبل:
بچيتك مو بچي البطران .. مثل بچي الكصب لو حن على المنجل
بچيتك ولمن نعاتب؟ .. حلاة العتب، لو صار العتب مكبل
مقالات اخرى للكاتب