(1)
لقد أوصلنا الفكر الظلامي الدامي إلى قناعة الكثير منا بعلاقة مشبوهة بين الإرهاب والإسلام السياسي؛ _ وهذا بحد ذاته أمر مُستحسن؛ ورفضه هو فرض قناعات إنْ الإسلام التقليدي هو صاحب تلك العلاقة _ لكن الحسابات الغربية اخطأت هذه المرة في ربط الإرهاب بالإسلام السياسي وتحاول اليوم معالجة الخطأ بمكياج (الدّس المخابراتي) وتقديم صورة أكثر وضوحاً لبلورة علاقة بين الإرهاب والإسلام التقليدي (المبكر)؛ بمعنى “تصليح” صورة الإسلام السياسي بصورة جديدة والرّهان عليها حتى تضمن بقاء عداء الغرب للعرب من الخارج، وامتعاض العرب من العرب من الداخل (!!) وهي الحظة التاريخية والنقطة السيرورية التي وصلنا إليها اليوم بفضل التطرف الأصولي والعنف الديني الذي اختصر الدين بفتوى؛ والتاريخ بلحظة غامرة.
(2)
أنْ التفكير بأصول الإرهاب وجذوره وتأصيلاته الأولى؛ وتماشياً مع التجارب التاريخية والمعطيات المعاشه المبنية على (النظرية البراغماتية) تشير بكل دلالاتها وحقائقها بإن أصل الإرهاب والتطرّف هو صناعة أجنبية بأمتياز، وغربية وغريبة عن الفكر العربي الإسلامي وفكر دخيل ووافد إلينا إلا في بعض حالاته الاستثنائية أو الخروج عن نصه ونسقه العام، _ وهي حالات شاذة لا يمكن تعميمها _؛ فلا أصل له رغم ملامسة المسيرة التاريخية للعرب والمسلمين بعض الهفوات والمطبات الصناعية إذا جاز تسميتها فصرفتها عن مسارها الحقيقي بعض الشيء إبان الفتنة الكبرى وما بعد الفتنة من تغيير الخلافة (نهج النبوة) إلى ملك سياسي عضوض؛ وما نعيشه اليوم من فعل (سوبر فتنه) كنتاج مرحلي وسيرورة تاريخية كانت بالأساس عبارة عن عملية ولادة قيصرية من (خاصرة) الفكر الإسلامي وليست وليد شرعي؛ لأنها لا تمثل الحقائق لكنها تطفر فوقها وعليها.
(3)
لكن هذا الاستثناء لا يمكن اعتماده رسمياً على إنه يمثل حالة الإسلام أو ثقافة العرب، ولا حتى خُلاصة الفكر الإسلامي أو الناتج المنتوج للذهنية العربية، بل هو حالة الاستثناء وهي الأقرب للشواذ والخروج عن النص والنسق الاجتماعي للإسلام وفكره المستنير، الذي اتسم بدولة اسلامية حضارية مدنية متمثلة بشخص الرسول (صلى الله عليه وسلم) وما اتبعه من صحابته على نهج نبوته.
(4)
لكن هذا لا ينفي القول بإنْ العرب اليوم (شيّوخ المْودّرن) هم رواد فكر الظلام، وقادته وادواته المحلية التي جندتها الدوائر الغربية، ولا يمكننا إنكار ذلك بحكم واقعيتنا وموضوعيتنا ؛ فالعرب اليوم هم قوام فكرة الإرهاب وسادته الكرام الذين جندتهم المخابرات الغربية ونقلتهم من حواضر وحارات أوروبا إلى بلاد وأوطان العرب بطريقة غريبة وغير شرعية للتخلص منهم ويتقون شرهم في أوروبا أولاً؛ وللحصول والهيمنة على الثروات في المنطقة العربية ثانياً؛ أي إنها ضربت (عصفورين بحجر واحدة) وهو ما تحقق اليوم.
(5)
ومن هنا لا يسعنا إلا القول ونحن مأسورين، مكسورين في خاطرنا: إلا أن نتقدم بالتهاني والتبريكات لشيوخ المودرن العرب على خطوتهم الكريمة وعقد قرانهم مع الإرهاب؛ ألف مبروك على عقد قران الإرهاب على العرب، والرفاهية والبنين على معجزاتكم التاريخية؛ وهنيئاً لجيل وأطفال التطرف والإرهاب المولودين في خدج الأمة؛ ولادة قيصرية ناجحة باركها الغرب المعادي؛ ونعت عليها أمهاتنا الثكالى وجداتنا القرويات وأراملنا (المغدورات) بسكين الوطن؛ .. إنه فرّحٌ أسوّد بنكهة أثيـــــاب الحداد!
مقالات اخرى للكاتب