منذ سنوات الخلق الأولى ونزول الأنسان الى الأرض بدأت فكرة أنا ومابعدي الطوفان تحرك نوازع النفس البشرية,أذ حدثت أول جريمة قتل في العالم على يد قابيل الذي أقدم على قتل أخيه لأنه أدرك تفوقه عليه,فشعر بالدونية والأهانة لان الخالق جل وعلا تقبل قربان اخيه ولم يتقبل منه,فأقترنت قصته بكل من أصبح مثالاً للغرطسة والشعور بأنه أفضل من الجميع في كل شيء أن فكرة الفوقية والنظرة الى الاخرين على أنهم اقل كفاءة وقدرة وقوة هي التي تسبب الصراعات داخل الاوساط السياسية,ومتى ماعرفت هذه الافكار طريقها الى بلد معين فأنها ستفتح الباب على مصراعيه أمام العواصف التي ستهلك البلاد والعباد ومايحدث في العراق الآن خير دليل على ذلك,فكل واحد من المسئولين والمتنفذين في الحكم ومن يمسك بزمام الأمور يشعر أنه الاقدر والاجدر على ادارة البلاد ويسعى جاهداً الى الأستئثار بالسلطة,والحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب رغم محاولات الجميع الاشارة بالتصريح احياناً وبالتلميح احياناً أخرى على ان البلاد لايوجد فيها مظهر واحد يدل على نجاح المتمسكين بالكراسي,وعلى مختلف الأصعدة فالواقع الأمني في تدهورٍ مستمر حتى باتت شوارع بغداد مهجورة لايعرف الناس من سيعود الى منزله سالماً,ومن سيخرج من منزله للمرة ألاخيرة ولن يعود ابداً؟ وحتى من عاد سالماً يبقى يترقب ليوم مفعم بالخوف والقلق,ليستمع لقصصٍ تحمل في طياتها فجائع تروى على لسان من فقد الأحبة ومن أصبح معاقاً عاجزاً يتمنى الموت في كل لحظة اما بقية الجوانب الاخرى,كالأقتصاد والخدمات فبطبيعة الحال لن تستقر ولن تحقق خطوة واحدة نحو الأمام مالم يتوفر الجانب الامني,وعلى هذا الأساس فأن البلد يعيش حالة من الشلل التام وعلى جميع الاصعدة,ولايوجد دليل واحد على ان هناك املاً في أنفراج الأزمات المتتالية أو الخروج من دوامات العنف التي ليس لها نهاية فلماذا المكابرة والاصرار على التمسك بالمناصب على حساب الوطن والمواطن ؟ ولماذا السعي المتكرر لجر البلاد نحو الهاوية أن فكرة الولاية الثالثة للحكومة الحالية التي لم تنجز أي شيء يذكر في السنوات الماضية ترسخ فكرة مفادها أن الكرسي قبل كل شي وفوق كل شيء حتى لو كلف ذلك أرواح العراقيين جميعا,وخراب ولايتين خير دليل على ذلك,فكيف سيكون حال البلاد حينئذ اذا ماحصل الخراب الثالث؟
مقالات اخرى للكاتب