اغلب المسؤولين العراقيين بمواقعهم ودرجاتهم الوظيفية المختلفة، بدءا من عضو مجلس البلدية الى درجات اعلى ، يرافقهم في جولاتهم ، عناصر حماية مدججين بالسلاح ويستقلون سيارات مدرعة ، ذات دفع رباعي ، تطلق زعيقها في الشوارع العامة لعبور السيطرات عندما يقرر "المسعول " زيارة موقع خارج المنطقة الخضراء او مقر مكتبه للاطلاع على أوضاع الرعية والوقوف على احتياجاتهم ، طبقا لأخبار اعتادت بثها الفضائيات الحزبية.
مظهر احاطة المسؤول الكبير او الصغير برجال الحماية المسلحين من مرتدي النظارات السود اصحاب القامات الطويلة، سلوك اميركي ، انتقل الى العراقيين ، على الرغم من رفضهم كل مظاهر الاحتلال ، وإصرارهم على الغاء اي اثر لوجوده على الارض العراقية ، حفاظا على المقدسات والثوابت الوطنية والقومية، وقبلها الاستقلالية والسيادة ، وهذا الموقف استثنى الشركات الامنية الاجنبية ،لانها تقدم خدمة لقاء ثمن ، حتى هذه اللحظة لم يعرف بعد هل يصرف من نثرية المسؤولين ام من أموالهم الشخصية .
في زمن بعيد يسميه بعضهم العهد المباد ، كان شيوخ العشائر من رجال الإقطاع أصحاب النفوذ في مناطقهم ، وتربطهم علاقات بمسؤولين كبار وصغار ، يختار احدهم شخصا يمتلك مواصفات وهيئة رجل الحماية في الوقت الحاضر يرافقه في جولته اليومية للإشراف على عمل فلاحيه ، وفي احدى قرى الجنوب عرف سكانها "غيدان ابو ضروس"، طوله بقدر محراث التنور ثلاث مرات ، كفه عريضه ، وجهه عابس على الدوام في مواسم الأفراح والأحزان ، يده اليمنى تحمل بندقية البرنو يضع بحزامه الخنجر الشبرين ، نظراته لا تعرف الرحمة ، وأسنانه بارزة وهو على استعداد لتنفيذ أوامر سيده بلازمة "ابشر محفوظ " فينهال بالضرب على "الفلاح المكرود" ، فيجعله طريح الفراش اسبوعين ، نتيجة اصابته برضوض وكدمات، وقرار" ابشر محفوظ " جعل سكان القرية يخشون ضروس غيدان ، حتى اصبحت بالنسبة اليهم نذير شؤم ، وخاصة عندما تنتاب المحفوظ حالة من "الغضب الأسود " فيصدر أوامره بالحاق عقوبة جماعية بحق ضحاياه .
تغيرت الاحوال والظروف وأصبحت قصة "غيدان ابو ضروس " من ممارسات العهد المباد طواها النسيان لسنوات قليلة ، ولكنها استعادت حضورها منذ سيطرة العسكر على السلطة ، وترسخت في الوقت الحاضر ، واصبح لكل مسؤول كبير وصغير وسياسي في صدارة المشهد وهامشه غيلانه الخاص ـ ليس شرطا امتلاكه الضروس فالسلاح الحديث يمكن ان يستحضر تراث الراحل غيلان ، بإعادة تكرار لازمته "ابشر محفوظ" باخرى مماثلة لها " تؤمر سيدي " وفي بعض الأحيان "تؤمر مولاي ".
يقال ان عناصر حمايات المسؤولين والساسة سواء من كان منهم في صدارة المشهد او الهامش اعدادهم كبيرة جدا لكنها غير معروفة ، وبإمكانهم ان يشكلوا لواء مشاة او اكثر ، او قاطع جيش شعبي يكلف بمحاربة عناصر داعش بقيادة اسيادهم ، فيتحقق الاستقرار الامني ، ونلحق خسارة فادحة بالإرهابيين بضروس غيدان.
مقالات اخرى للكاتب