الشخصية المعنوية (الأشخاص المعنوية) :
تعرّف الأشخاص المعنوية بأنها تجمع للأموال أوللأشخاص أوكلاهما لممارسة عمل وفقاً للقانون بهدف تحقيق هدف أو غرض مشروع وفكرة الأشخاص المعنوية فكرة حديثة في عالم القانون حيث أن القانون إلى القرن السادس عشر لم يكن يعترف بالوجود لغير الأفراد الطبيعيين ، لكن وتحت الحاجة الملحة أخذ القانون يعترف بوجود تلك الأشخاص ويعطيها حقوقاً وواجبات برغم الاعتراضات التي قيلت في وقتها ، لعل أهم تطور دفع باتجاه الاعتراف بالشخصية المعنوية هو ظهور الدولة الحديثة كنظام مؤسساتي والذي يعّتبر الدولة أكبر شخص معنوي . أن القسم العام من القانون يعتمد وجوده على وجود الأشخاص المعنوية العامة وبخاصة القانون الإداري الذي تكون أغلب علاقاته وأحكامه متعلقة بالأشخاص المعنوية العامة ، فعلى سبيل المثال ؛ فإن القرار الإداري يفترض صدوره من قبل شخص معنوي عام يمتلك جزء من السلطة العامة وهذا الأمر الإداري لابد أن يصدر من شخص معنوي كذلك العقد الإداري وهذا العقد يفترض في وجوده أن يكون أحد طرفيه شخصا معنويا عاما وهكذا أصبح وجود الشخص المعنوي في القانون أمر مفروغ منهُ وغير معترّض عليه ، أن الشخص المعنوي يتكون من مجموعة من العناصر ، هي :
1- أن يكون لهُ هدف أو غرض مشروع ،فكل شخص معنوي لابد من أن يهدف إلى هدف وهذا الهدف يجب أن يكون مشروعاً أي غير مخالف للقانون والنظام والآداب العامة .
2- أن يعترف القانون بوجوده وهذا الاعتراف يأخذ صيغتين أما أن يكون اعتراف بقانون أو بموجب قانون وحسب ماتم شرحهُ سابقاً.
بعد تأسيس الشخص المعنوي يترتب على هذا التأسيس مجموعة من الآثار ، وكمايلي:
1- تنشأ ذمة مالية مستقلة عن ذمم الأشخاص المكونين للشخص المعنوي وهذهِ الذمة المالية قد تتحسن وقد تسوء بصورة مستقلة عن ذمم المكونين .
2- أن لهُ شخصية قانونية مستقلة عن شخصية المكونين لهُ وبالتالي يستطيع ممارسة جميع الأعمال القانونية باسمه ولحسابه وليس باسم الأشخاص المكونين لهُ ولا لحساباتهم ، فهو يمتلك أهلية كاملة في حدود مارسمهُ القانون لهُ (البيع ، الشراء ، الإيجار ويستلم الهدايا ، الهبات ..الخ) باستثناء الحقوق اللصيقة بالفرد الطبيعي مثل؛ (الزواج ، الطلاق ، الإرث،التبني ،الانتخابات ) لكن مع الأخذ بنـــــظر الاعتبار ؛ أن الشخص المعنوي يعبر عن أرادته ورغبته عن طريق ممثليه القانونيين .
3- لهُ أهلية التقاضي ، أي يكون مدعياً أو مدعى عليه .
الشخصية المعنوية العامة والخاصة:
قلنا أن القسم العام من القانون لابد أن تدخل الدولة طرفا فيه للعلاقة بوصفها شخصاً ذا سيادة وتمتلك جزء من السلطة العامة وامتيازات الشخص العام ، كل ذلك في سبيل تحقيق النفع العام ومن الواضح أن الأشخاص المعنوية التابعة للدولة والتي تظهر بوصفها ذات سلطان ينطبق عليها القانون ، أما إذا كانت الأشخاص المعنوية تتبع القطاع الخاص أو تتبع الدولة لكن بوصفها شخصاً عاديا ليست ذات سيدة وسلطان فأنها تتبع القانون الخاص ، أما في العراق فقد جرى المشرّع منذ تأسيس الدولة العراقية وكذلك القضاء على اعتبار كل المؤسسات والدوائر والهيئات التابعة لها والقطاع الاشتراكي هي أشخاص معنوية عامة حتى أن قانون الانضباط النافذ( قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي ) ، إما القطاع التعاوني والمختلط والخاص فأنهُ وكقاعدة عامة لاتعطي الشخصية المعنوية العامة الإ استثناءا أي في حالة إعطائها سلطة عامة لتحيق نفع عام وقد طبقت يشأنها أكثر من معيار واختلفت الإحكام بها .
أنواع الأشخاص المعنوية العامة : كان فيما سبق وقبل ظهور الدولة المدنية الحديثة نوع واحد أوصنف واحد للأشخاص المعنوية العامة وتختلط في هذا الصنف أنواع ومهمات متعددة ، أما بعد ظهور الدولة الحديثة ، أصبح هنالك نوعان للأشخاص المعنوية العامة ، هما :
1- أشخاص معنوية عامة مرفقيه أو تخصصية أو مصلحيه :
وهذا النوع من الأشخاص يمارس نوعا واحدا من الوظائف التي تؤديها الدولة وتتخصص في هذا المجال وتصبح هي المسؤولة عنهُ وزاد التوسع أيضا في أنشاء هذهِ الأشخاص ، من الأمثلة ؛ الوزارات حيث كل وزارة تتخصص بمرفق أو نشاط محدد فوزارة الداخلية تتخصص بالنشاط الأمني الداخلي ووزارة الرياضة تهتم بمرفق الرياضة والنشاطات المتعلقة بها وكذلك من الأمثلة على هذا النوع ؛ الجامعات حتى لوكانت في المحافظات والاتحادات والنقابات ومؤسسات القطاع الاشتراكي الإنتاجية .
2- أشخاص معنوية وإقليمية ومحلية :
وهذهِ الأشخاص تعطى جزء من السلطة العامة لكي تمارسهُ بالنيابة عن الدولة ، لكن في أطار مكاني محدد لا يتجاوز حدود هذا الإطار المكاني حيث تمارس السلطة العامة لا نوعيا كما في الحالة الأولى وإنما مكانيا في إقليم أو مكان محدد لاتستطيع ممارسة هذهِ السلطة خارج هذهِ الحدود ولعل أهم وأكبر هذهِ الأشخاص المعنوية هي الدولة نفسها حيث تمارس السلطة العامة ضمن حدودها وكقاعدة عامة ، وهذا يسمى (( إقليمية القوانيين )) فتعتبر الدولة أكبر الأشخاص المحلية المعنوية وكذلك المحافظات والأقضية والنواحي والبلديات والقرى والأرياف والقصبات أصافة إلى أمانة بغداد.
الرقابة :أن من مقتضى الا مركزية الإدارية ، هو ؛
أن الأشخاص في الا مركزية الإدارية يمتلكون الشخصية المعنوية المستقلة في مواجهة المركز وهذا الأستقلال يكون أستقلال إداري ومالي ويمكن تسميتها ب ( الهيئات الإدارية) ، المحافظات أن تبقى علر رأيها وموقفها في مواجهة المركز بل تتحول في بعض الأحيان إلى خصومه بين الطرفين وهذهِ الخصـــــومة بين المركز والمحافظات من أختصاص القضاء الإداري .
أن الا مركزية الإدارية تعني في مفهومها الأصلي ؛ توزيع الوظيفة والمهمة التنفيذية على أشخاص معينين بغية تخفيف العبء عن المركز في النشاط التنفيذي وكذلك التقليل قدر الإمكان من الروتين الإداري الذي يسببه تجميع الصلاحيات بيد شخص واحد ، وكذلك لأجل رأي شعب الأقليم أو المنطقة في كيفية تنفيذ هذا النشاط بأعتبارهم أصحاب المصلحة الحقيقية ، أما المقتضى الثاني ؛فإن أشخاص الا مركزية تتمتع بإستقلال مالي وإداري لكنهٌ استقلال هذا غير نهائي وغير ناجز إذ تبقى لها صلات في المركز وللمركز عليها بعض الحقوق والصلاحيات ، أهمها الرقاب’ ,هذهِ الرقابة التي تمارسها السلطة التنفيذية على المحافظات ، تسمى ( الرقابة الوصائية) .
الرقابة الوصائية :
أن اللامركزية الإدارية تعني وجود استقلال مالي وإداري للأشخاص المحلية ( المحافظات ، الأستقلال الإداري يعني ممارسة هؤلاء الأشخاص للوظيفة التنفيذية بإسمها ولحسابها وتمارسه أبتداءا من دون أخذ رأي السلطة المركزية ، فالاستقلال المالي ؛ معناه وجود ذمة مالية مستقلة للأشخاص المحلية مستقلةً عن السلطة المركزية ، إلاّ أن هذا الاستقلال للأشخاص المحلية يبقى استقلالا غير ناجز ولا نهائي حيث تبقى هنالك بعض الصلاحيات للسلطة المركزية على المحافظات وأهمها : ( الرقابة) والتي تسمى بـ ( الرقابة الوصائية) وتمييزا لها عن الرقابة الرئاسية حيث تمارس الأخيرة تُمارس في أسلوب المركزية الإدارية والتي تعني ؛ حق الموظف الأعلى في القيام بالعمل التنفيذي كقاعدة عامة وتنازله عن هذا العمل لموظف أدنى كي يمارسه بإسم المدير الأعلى ولحسابه بوصفه ممثلاً عن الشخص المعنوي العام أي آخذاً بصفته الوظيفية وليس بصفته الشخصية وبالتالي ومادام الموظف الأعلى هو صاحب الحق الأصيل في ممارسة العمل الوظـــــــــيفي فأنهُ يجوز لهٌ متى ما رأى مصلحة في ذلك أن يحل محل الموظف الأدنى في اتخاذ القرار فيستطيع أن يلغي قراره ويحل محل الموظف الأدنى أو يعدل قراره باعتبار أن الموظف الأعلى صاحي الحق الأصيل في ممارسة العمل التنفيذي والموظف الأدنى يمارس العمل بالنيابة عنهُ ، كما مقتضيات الرقابة الرئاسية ؛ أن الموظف الأدنى لايملك أي أستقلالية في مواجهة الموظـــــــــف الأعلى بل يعتبر جزء لايتــــــــــجزء منهُ ومدمج فيه ولا يستطيع أن يماس العمل الا بتوجيه من الموظف الأعلى .
أن الرقابة الرئاسية تعد من مقتضيات المركزية الإدارية ، أما الرقابة الوصائية والتي تعتبر من مقتضيات الا مركزية الإدارية فهي سميت بهذهِ التسمية ( الوصائية) تشبيها لنظام الوصاية الموجود في القانون الخاص على القاصر وغير العاقل وهذا التشابه يكون في الأسم فقط دون المحتوى ، حيث أن المحافظات ليست ناقصة إهلية لتفرض عليها وصاية من المركز كما هو موجود في نظام الوصاية في القانون الخاص ، فهي تمتلك إهلية كاملة وقدرة على ممارسة العمل الوظيفي ولها ذمة مالية مستقلة أي تتمتع باستقلال مالي وإداري في مواحهة المركز وكل ما هنالك ؛ أن هذهِ الرقابة تقتصر على ضمان أن تكون الأشخاص المحلية تمارس عملها وفقاً للقانون وبصورة تتلائم مع الخطة العامة الموضوعة لكل المحافظات وحتى لا يحصل تضارب في التنفيذ بين محافظة وأخرى .
مقالات اخرى للكاتب