كيف أتفقت الأطراف بعد ماراثون اللقاءات ما بين إيـران والدول الخمس الدائمة العضوية بمجلس الأمـن + ألمانيا وبعد تهديد ووعـيد وعقوبات لها أول وليس لها آخــر ؟ فخرج الجميع متصافحون , مبتسمون وسـرعان ما خففت أمـريكا حصارها الذي دام سنوات ضد إيـران بينما أوروبا التي تـرقص على عـزف الولايات المتحدة الأمـريكية وقّعـت رغـم صـراخ المدللة "إسـرائيل" والتي وصفت الإتفاق على لسان رئيس وزراءها نتنياهو بأنه " خطأ تاريخي" ؟!! والأمــر الذي يثير التعجب هو تذمـر مملكة آل سعود أيضاً والتي تطابق موقفها مع موقف إسـرائيل , فهما تعتبـران إيـران عدو دائم منذ سقوط نظام الشاه في العام 1979 وصعود النظام الأوتوقراطي " الديني" و كان الشاه يمثل قوة متسلطة بوليسية في الخليج العربي ولم تكن دويلات الخليج تبدي ولو أدنى تذمـر من سياساته العدوانية ولم تجرأ أية دولة أن تنتقده ولو بقيد شعـرة , فأحتل الجزر الإماراتية دون أن تنبس دويلات الخليج العـربي ببنت شفة ! و عندما تغـيّـر النظام وقفت هذه الدول موقفاً مضاداً وأعتبـرته معادياً وحـرّكـت صـدّام بعد أن نفخته فأصبح كالطاووس وقدّمـت المـال وهـو قـدّم الـرجال وبدأت الحرب العبثية والتي أكلت من البلدين ملايين الدولارات والضحايا بالآلاف وكانوا يضعـون الحطب كلما خف أوارها أعني الغرب وأمريكا ودول الخليج العربي وعلى رأسهم السعودية على أمـل أن يُضـعـفـوا الطـرفين ولكن الحرب توقفت بعد أن تجـرع الخميني " السـم" وأوعـز بإيقافها بعد الدمار والضحايا وكان بالإمكان أن تتوقف بعد صدور قرار مجلس الأمـن وتوفير آلاف الضحايا والمعوقين وملايين الدولارات , لست مع النظام الذي سرق " الثورة " من الشعب ووضع الملالي في سدة الحكم وكإن " العناية" الإلهية بعثتهم لحكم إيران بالحديد والنار بعد أن كان الشعب الإيراني يُمنّي النفس بالعيش الرغيد والحرية والديمقراطية فأنتقل من حكم " إمبراطوري" الى حكم " ديني" متطـرف بدلاً من نظام ديمقراطي متحرر , أعود الى إتفاقية اليوم والتي تم التوقيع عليها وبشروط غربية حماية لإسـرائيل من تحول المشروع النووي "السلمي "الى مشروع لإنتاج القنبلة النووية بتخفيف تخصيب اليورانيوم الى نسبة قليلة وهي 5% بحيث لا يتوفر لإيران إنتاج سلاح نووي ! وبالرغم من حق إيران بإستعمال التكـنولوجيا الحديثة كما تعمل الدول المتطورة الأخرى للأغراض الطبية والكهرباء والصناعة ورغم التطمينات لا تريد هذه الدول أن تشاركها دولة أخرى قد تتصف بالتطرف وتهديد بعض الدول ومنها إسرائيل والتي هي بدورها تملك ترسانة من الأسلحة النووية تهدد بها الدول العربية ولم يقترب أحد منها حتى ولو بالتفتيش أو الرقابة فهي لا تسمح بأية حال من الأحوال بهذا وفي نفس الوقت لم يكلف الغرب وأمريكا أنفسهم بالطلب منها أو إستفـزازها أو حصارها !!!ورغم هذا فالسعودية لم تعترض عليها ولم تحاول أن تؤثر في الموقف الغربي والأمريكي من أسلحة إسـرائيل , والسؤال الذي يثير الإستغـراب هـو لماذا تطابقت مواقف إسـرائيل والسعودية ووقفا ينددان بالإتفاقية و " يهددان " الغرب وأمريكا بإتخاذ " إجراءات" منفردة تجاهها ؟!!
لقد كتبت من قبل كيف إن الغرب منافق وذو وجهين ففي حين يقف مع دول وفقاً لمصالحه الأنانية رغما عن توجهاتها الدكتاتورية والرجعية و المتخلفة , فهي لم تحرك ساكناً مثلاً وهي ترى كيف إن " دويلات" الخليج العربي والتي تحكمها عوائل ولمئات السنين وليس لها علاقة بما يسمى الديمقراطية أو الإنتخابات أو شئ من هذا القبيل بينما تشن حروباً وتدمر بلداناً بداعي إن هذا النظام أو ذاك بعيد عن الديمقراطية ويحكم بالنار والحديد , كما حدث في العراق و ليبيا واليمن وأفغانستان ويحدث الآن في سوريا بدعم الإرهابيين وتدمير بلد جميل رغم سيئات نظام البعث مثله مثل باقي الأنظمة المسكوت عنها في الخليج كالسعودية والبحرين وغيره ورغم هذا فهي ترتبط معها بعلاقات وشيجة ! أي وجه هو القبيح في سياسة هذا الغـرب المنافق وما شكل وجهه الآخـر الصحيح والإنساني ؟؟!!
لست مع الأسلحة المدمرة , لست مع الحـروب وأضطهاد الشعوب ولكني لست مع النفاق وخداع الآخـرين والضحـك على عقـول شعوب رُزأت بتسلط وظلم وإستبداد أنظمة منحطة ومتسلطة وعاتية , ومن هنا أسأل الغرب وأمـريكا عن مواقفها الحقيقية من مسألة غاية في الأهمية في منطقتنا وهي " قضية الشعب الفلسطيني" والتي سببتها "الإمبراطورية البريطانية " والتي قدمت ما لا تملك ,أرض هذا الشعب لجماعات متوزعة في العالم لا يستحقون ليؤسسوا "دولة" غريبة هجينة في منطقة متآلفة وذي تاريخ وجغرافية واحدة على حساب تشريد هذا الشعب , ورغم مـرور أكثر من 60 عاماً على هذه " الجـريمـة" الشنعاء , لم يستطع مجلس الأمـن أن يُنصف هذا الشعب المشرد بل أمعنوا – الغرب وأمريكا- في تسليح هذا " الكيان" ليكون خطر دائم وداهم في قلب الوطن العربي !! إذن من هنا أحاول أن أسبر أغوار هذا الإتفاق ومصلحة هذا المجلس الذي يدّعي "الأمن" والحفاظ عليه من أسلحة دمار شامل هم كلهم يملكونها و لا يتورعون أن يهددوا بها كل العالم لذا من حق إيران وغيرها أن تبني ما تريد وعسى أن تكون النوايا صافية كما قالت " السعودية" التي لم تقلها عن أسلحة إسـرائيل لأنها متأكدة من نواياها الصافية ؟!
على كل حال بدأت تهدأ العواصف المهددة بـزوابع و تدمـير وخـراب بعد توقيع إتفاقية جنيف ولكن هل يسبق الهدوء العاصفة كما يُقال ؟ حيث بعضهم لم يعجبـه ما توصلت إليه إيـران مع هذه الدول والتي لا تمثل كل العالم بل " القوى الكبرى" التي لا تريد منافساً لها في عالم مشحون بالتوتر والخطــر المحدق في كل زاوية .
يجب أن يتكاتف العالم بكل قواه للقضاء على الإرهـاب بكل أشكاله , وهنا أخص بالذكـر بلدي العـراق الذي يعاني يومياً منه , قتل الأبـرياء و تدمـيـر ما تبقى من بناه التحتية والفوقية ومنع الوطن من النهوض و الإستـفادة من ثـرواتـه , أذ تعيـث " القـاعـدة" الإرهابية في الأرض فساداً وتقتل دون ذنب ودون حق أبناء وطنـي بدعـم من الدول التي تـرتبط بعلاقات وشيجة مع الغـرب وأمـريكا وأذكر دون تـردد وعلى رأسهم السعـودية – رأس الأرهـاب الوهابي القاعـدي في العالم كله , لذا يجب أن تكون هناك إتفاقية أو حلف أو سموه ما شئتم للقضاء على كافة أشكال الإرهـاب وعلى الأنظمـة الـراعية له , وهذه أيضاً قضية مهمة من أجل الإستقـرار وواجب على كل الدول أن تشارك فيه دون تردد .
مقالات اخرى للكاتب