مع إني أشك في قدرة البرلمان العراقي في إستدعاء نوري المالكي لسماع شهادته حول ما حدث في العاشر من حزيران الماضي، وتوجيه الاتهام الصريح له بإعتباره كان القائد العام السابق للقوات المسلحة، وتحميله مسؤولية هزيمة الجيش في الموصل، والانهيارات العسكرية التي تلاحقت، إلا إني أحاول أن أخدع نفسي أولا والآخرين تالياً، وأقول أن اللجنة التي ستضم اعضاء من كتل ولجان برلمانية مختلفة، وستستدعي للتحقيق كل قائد عسكري او شخصية سياسية يثبت تورطها في الاحداث، وستستدعي نوري المالكي الذي يلقب بنائب أول لرئيس الجمهورية، علماً إني بحثت وتحريت عن منصب بعنوان (النائب الأول لرئيس الجمهورية)، فلم أجده سوى في كتابات الانتهازيين والنفعيين الحثالة الذين باعوا ضمائرهم واشتراهم المالكي ليتغنوا به دون أدنى خجل ..
ولنعود الى اللجنة البرلمانية الجديدة المشكلة لتقصي حقائق ماجرى بعد 10 حزيران، ويقال إنها ستبحث في كل الخطابات والكتب الرسمية والانذارات التي ارسلت الى القيادات العسكرية والحكومة، للتنبيه الى اقتراب سقوط الموصل بيد داعش، وتحاول معرفة المسؤولين عن مذابح سبايكر وقتل الايزديين وتهجير المسيحيين، وتهجير مئات الآلاف من سكان الموصل.
مرة أخرى أقول أشك في إمكانيات اللجنة، لأن أبطال دولة القانون سيدافعون عن سيدهم وولي نعمهم الذي أوصلهم الى البرلمان بالمال السياسي الحرام، وتوزيع قطع الاراضي السكنية، والتعيينات الوهمية في دوائر الدولة، والدرجات الفضائية في الجيش، وسيعطلون عمل اللجنة، إلا إني أقول: رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ومكتبه والقادة العسكريون يتحملون مسؤولية سقوط نينوى بيد داعش، لأنه أراد إستغلال المستجدات لمآرب وأهداف وأحلام خاصة، أولها: الثأر والإنتقام الطائفي من أهالي الموصل السنة، وتدمير مدينتهم جراء إحتلالها من قبل داعش، وتالياً إثرالعمليات العسكرية والقصف العشوائي من قبل المدفية والطيران العراقي.
ثانيها: إستغلال الأحداث للنيل من الأخوين نجيفي(أسامة وأثيل)، وإزاحتهما على الساحة السياسية السنية لتسهيل الأمور أمام سنة المالكي(الجحوش السنة) لقيادة الساحة السنية.
ثالثها: تأليب الرأي العام العربي العراقي ضد إقليم كوردستان وبالذات شخص الرئيس مسعود بارزاني، وإتهامه بالتسهيل للدواعش لإحتلال الموصل، وإحداث شرخ في الجسد السياسي الكوردي، وإستغلال القسم الذي ينسلخ من الجسد الكوردي كجحوش كوردية.
رابعها: تسخير المستجدات من أجل إعلان حالة الطوارىء في البلاد وبالتالي الحصول على الولاية الثالثة والرابعة والخامسة.
خامسها: إستغلال حالة الطوارىء لتصفية خصومه ومعارضيه السياسيين من الشيعة والسنة معاً.
وسادسها: كسب الود الإيراني عن طريق دعم وإسناد النظام السوري من خلال حصول المؤيد القوي للنظام، والذي هو داعش، ودون إغضاب الأمريكان، على السلاح المتطور والعتاد المجاني لإستعماله ضد المعارضين لبشار الأسد .
ولكن حسابات البيدر لم تتطابق مع خيالات (مختار العصر)، وعندما حصل ما حصل، أراد الحصول ولو على جزء مما إبتغاه، فلجأ الى البرلمان للحصول على الطوارىء، وفشل. وإتهم الرئيس بارزاني والبيشمركه والأخوين نجيفي، ولم يصدقه حتى القريبين منه، وأصيب بالهيستريا، وداعش تمدد ووصل الى أطراف بغداد..
واليوم فإن هذه اللجنة أمام قضية تاريخية وأخلاقية ومصيرية حساسة وحاسمة، فإما تخفق وتفشل وتخدع ذاتها وتحاول إخداعنا بأعذار واهية، وإما تنجح وتوجه الإتهام المباشر والصريح للمالكي وللذين كانوا حوله، وتطالب بمحاكمتهم محاكمة عادلة أمام محكمة نزيهة خاصة.
مقالات اخرى للكاتب