عندما أنتهت الحرب العراقية الأيرانية (1980- 1988) وبعد أن أمتلئت مقابرنا من الشهداء الذين راحوا ضحية تلك الحرب المجنونة، أعتقدنا جميعا بأن تلك الحرب هي نهاية لمئساتنا وموت أبنائنا وشبابنا وترمل نسائنا وعنوسة بناتنا,
وآمنا بكل ما حدث فيها من أهوال ومصائب وأحزان بأعتبار أن هذا هو قدرنا!! وهو كما يقال (مقدر ومكتوب) ولا مهرب منه، وان كل نفس ذائقة الموت، ومن لم يمت بالسيف مات بحده!.
ولم نكن نعلم بأن الموت لازال يسكن في العراق ويأبى أن يغادره!،فجاءت حرب الكويت الرهيبة، لتفتح قبورنا أبوابها ثانية! ولتستقبل عشرات الألاف من شبابنا وأبنائنا ومعهم الكثير من النساء والأطفال والشيوخ! فالصواريخ والطائرات الأمريكية لا تفرق بين شيخ وطفل وبين أمرأة وعجوز.
ثم جاءنا موعد جديد وآخر من الموت وهو الموت بسبب الأمراض وقلة الدواء والفقر وضعف البنية المناعية لقلة الغذاء كل ذلك بسبب الحصار والعقوبات الأقتصادية التي فرضت على العراق ،التي أستمرت قرابة (12) عام ! لحين سقوط النظام السابق وأحتلال امريكا للعراق في 2003 .
ويبدوا أن الأقدار الألهية أستكثرت على العراقيين أن يعيشوا كبقية خلق الله!، فصبر العراقيين على كل أهوال القصف الأمريكي الوحشي على العراق وتدميره لكل البنى التحتية والخدمية
أملا بما كانوا يسمعونه من وعود أمريكية بأن سقوط النظام السابق سيفتح عليهم أبواب الخير والسلام والأمن والأمان والسعادة و يكون نهاية لكل مئاسيهم!، ولم يدر بخلد الكثير من العراقيين، بأن الأحتلال الأمريكي سيفتح عليهم أبواب الجحيم !؟
وليذيقهم الموت والخوف بأشكال وألوان جديدة ،سيارات مفخخة،أغتيالات ،خطف،قتل الأطباء،وأساتذة الجامعات ، ثم أشعلوا الحرب الطائفية، التي هدمت البيت العراقي الداخلي!، الذي لم يعد صالحا وملائما لسكن أبناءه بكل أطيافهم ومللهم ونحلهم كالسابق وهذا هو جوهر المؤامرة على العراق!.
فلا بد من أنفراط (السبحة) العراقية لتتناثر حباتها الى أقاليم ثلاث! كردي وسني وشيعي،كما خططوا له الأمريكان منذ ثمانينات القرن الماضي!! وبموافقة سياسيوا وقادة أحزاب عراق مابعد 2003 !! ( يذكر أن المستشار الأمريكي للأمن القومي (بريجينسكي) أبان عهد الرئيس الأمريكي (جيمي كارتر) عام 1982 قال(( بأننا سنحتل العراق عام 2003 ونقسمه!!))
ويبدو أن بيدر الموت العراقي لازال شهيا ومفتوحا لحصاد المزيد من أرواح العراقيين ولكن هذه المرة مع جبهة عصابات (داعش) الأجرامية، الأمريكية الأسرائيلية السعودية القطرية، ولتزداد اللافتات السود التي تنعي أبناء العراق الذين يتساقطون للدفاع عنه،
وللتتداخل مع اللافتات السود التي تغطي وجه العراق والتي تنعي ذكرى أستشهاد الأمام الحسين (ع)، ولتصبح أيام العراق كلها عاشوراء، وأرضه كلها كربلاء، كما تمنت وأرادة الأحزاب الأسلامية ورفعت الشعارات بذلك!!.
مصير العراق يزداد ضبابية ومجهولية كل يوم، ومعه يزداد الناس خوفا وهلعا وقلقا من قادم مجهول لايأمل منه خيرا!، بعد أن صارت العشيرة والمليشيات المسلحة هي القانون وهي القضاء!!.
حال محافظات الوسط والجنوب العراقية رغم انها ليست في جبهة قتال مع داعش، ألا أنها تعيش أجواء من الخوف والرعب من العصابات المسلحة ومافيا الجريمة المنظمة ، التي تنهب وتسرق وتقتل وتختطف، كما يحدث في البصرة التي تعيش أجواء من أنفلات أمني رهيب غير مسبوق!!،ناهيك عن أزدياد حالات الفساد في كل دوائر الدولة ومؤوسساتها، وفي كل المحافظات
أمام عجزالحكومة وضعفها الواضح، التي زادت أجرائاتها الأخيرة بتقليل الرواتب من حالة الفساد! و الخوف والقلق لمستقبل الأيام في العراق و على كل الأصعدة، وفي ظل أجواء من الفوضى الداخلية والأشاعات وأخبار جبهة الحرب مع داعش هذا أضافة لما وقع اخيرا من تجاوز على السيادة العراقية من قبل تركيا!.
العالم كله يشتعل!، وأخبار دول الجوار ودول الأقليم والمنطقة كلها تنذر بأن هناك أياما صعبة وعسيرة ستشهدها المنطقة وحصة العراق من ذلك هي الأكبر!!
الأقليم الكردي كان هو الرابح الأكبر! من كل المؤامرة التي جرت على العراق والتي بدأت تنفيذها بعد سقوط النظام السابق عام 2003 لأنه أصبح محمية أمريكية بريطانية أسرائيلية غربية، وأصبح الأقليم خطا أحمر لايسمح لأحد المساس به من العالم أجمع!!.
وكذلك ربحوا!! من نهبوا ثروات العراق من سياسيين وقادة أحزاب ووزراء، ومن سرقوا وقتلوا ونهبوا وخطفوا، وخرجوا من العراق ولم يعودوا، متنعمين بأموال السحت الحرام هم وعوائلهم في دول العالم ودول الجوار بكل أمن وأمان!!
تاركين سفينة العراق التائهة يعصف بها الخوف و الموت من كل جانب؟! ، ومع كل أجواء الخوف والموت الذي يسكن العراق،ألا أن البعض لازال يعيش حلم الأمل لغد مشرق! ويردد بيت الشعر للراحل الكبير الجواهري( أنا عندي من الأسى جبل/ يتمشى معي ويرتحل/ أنا عندي وأن خبى أمل/ جذوة في الفؤاد تتقد.
مقالات اخرى للكاتب